حرب العملات.. بين السياسة والاقتصاد
الأحد, 31-أكتوبر-2010
سليمان السكران -
اجتمعت مجموعة العشرين (G ـــ 20) والمكونة من الدول المتقدمة وبعض الدول الناشئة والنامية اقتصاديا في كوريا مؤخرا بهدف الوصول إلى اتفاق لإنهاء منافسة محمومة بدأت ملامحها منذ فترة على العملات والضغط على بعض الدول لإقناعهم بالالتزام بالأعراف الدولية بدلاً من إلزامهم بقوة العقوبات.

ولقد حاول وزراء المالية لهذه المجموعة(G-20) الوصول إلى اتفاق لتبادل ميزان تجاري بمستويات مستديمة وثابتة ومقدور على تحملها حيث إن الميزان التجاري هو الانعكاس والمحور لأسعار العملات والصرف فيما بينها. إلا أن من أكبر المشاكل التي تواجهها تلك الاتفاقية هو آلية القياس تلك خصوصاً مدى الالتزام مما حدا بالمؤتمرين اقتراح مؤشرات استرشادية والتي لا زال النقاش عليها بين أخذ ورد.

لقد اختارت تلك الدول العشرين والتي اقرب ما تكون إلى الآن في دورها الاقتصادي والمالي بالذات كمجلس إدارة للاقتصاد العالمي، حيث اختير طبيعيا صندوق النقد الدولي كجهاز تسير تحت مظلته هذه السياسات ومدى التزام الدول فيها. ولذا ومن باب المشروعية فكل دوله تسعى إلى العمل لكل ما فيه مصالحها فالصين مثلاً ترغب في استمرارية بخس قيمة عملتها بهدف زيادة صادراتها في حين أن أمريكا والتي يعلم أن لها يد طولى في السياسة النقدية تريد الضغط واستمرارية البخس في قيمة عملتها.

وفي الوقت نفسه نهي دخول الأعضاء الآخرين في منافسة تقليل وبخس قيم العملات .وفي ظل عدم وجود آلية يلتزم بها الأعضاء في هذه المنافسة حاول وزير الخزينة الأمريكي مع نظرائه الوصول إلى وضع مؤشر ثابت لحالة عدم التوازن التجاري وذلك بقياسها كنسبة من الدخل الإجمالي المحلي، حيث اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 4 في المائة كحد أعلى في الفائض.

بقي أن يشار إن الواقع الحالي في التبادل التجاري بين الصين وأمريكا طبقا لإحصاءات صندوق النقد الدولي يصل إلى حوالي 4.7 في المائة من نسبة الدخل الإجمالي المحلي الأمريكي لصالح الصين كما أنه من المتوقع أن يصل إلى 8 في المائة في عام 2015. ولذا فلن يتهيأ للاقتصاد الأمريكي الوصول إلى النسب المقترحة والمحددة إذا لم تسمح الصين بارتفاع عملتها. علاوة على ذلك فقد اعترضت الصين على تحديد نسبة مكتوبة. وفي السياق نفسه فقد أضافت ألمانيا أيضا نصيبها من عدم القناعة بالاقتراح الأمريكي علماً بأن عجزها التجاري يصل إلى 6 في المائة.

وفي نهاية المطاف إن الدول الاقتصادية تلك والتي تمثل الاقتصاد العالمي ترى تبني مؤشرات استرشادية وليس تحديد سقوف مكتوبة يمكن قياسها وبالتالي الانتهاء بآلية مطاطة التعريف نظراً لاقتراح تطبيق عقوبات ملزمة لقضية الصرف وتبادل العملات لن يكون ممكناً في المنظور القريب . ولذا فالولايات المتحدة الأمريكية تعول على رئاسة فرنسا للمجموعة العشرين السنة القادمة والتي تخطط على مراجعة النظام النقدي العالمي بالكامل. وهذا التوجه بلا شك يجمع بين الخلط في الاقتصاد والسياسة الدبلوماسية لحين ترتيب الأوراق وأملا في تعافي الاقتصاد الأمريكي على وجه التحديد وتهدئة منافسة حرب ضروس فيما بين العملات.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.