دور الثقافة في تعزيز الوحدة الوطنية
الاثنين, 11-أكتوبر-2010
أحمد ناجي أحمد -
إن دور الثقافة في تعزيز الوحدة الوطنية مهم وجوهري وذلك يبدأ من معرفتنا لحقيقة أن الثقافة تصنع في الوعي المجتمعي للأمة شخصيتها المعرفية التي تكونت عبر التأريخ ومن هنا فإن المثقف المنتمي لهذه الشخصية الثقافية للأمة ينطلق في وعيه الفكري وحركته على صعيد الواقع من منطلق الدفاع عن الشخصية الثقافية للأمة في وجه مختلف التحديات التي تواجهها ومن هذا المنطلق أتجه الأدباء والمثقفون في هذا الجزء من الوطن العربي وفي أزمنة التشطير إلى الدفاع عن الهوية الوحدوية لليمن أرضاً وإنساناً واتجهوا من خلال إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين إلى رفض التشطير والتأكيد على دور الثقافة والمثقفين في النضال من أجل الوحدة منذ عام 1970م وضع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين على رأس جدول اهتمامه ونضاله الربط بين تحقيق الديمقراطية والوحدة في سياق ثقافة وطنية تستند إلى نضال الكلمة في اتجاه بلوغ الغايات والأهداف العظيمة للوطن. لقد ساهمت قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في تقديم التصورات والرؤى التي تساعد على تسريع التحول الديمقراطي الوحدوي ونعتقد أن المدخل الثقافي هو وسيلتنا في النضال من أجل تطوير مكتسباتنا الوطنية والديمقراطية وأن أبرز المهمات في مرحلتنا الراهنة تكمن في تأكيد الوحدة الوطنية وذلك لأنها صمام الأمان لرسوخ القيم الوحدوية والديمقراطية. وفي هذا السياق فإن دور مؤسسات المجتمع ضروري ومهم في تعميم ثقافة المجتمع المدني وتجسيدها في الوعي المجتمعي للشعب وعليه نعتقد أن تعزيز الوعي والتحول الديمقراطي إنما يتم من خلال تعميم ثقافة السلام ونبذ العنف والتأكيد على الوحدة الوطنية والمجتمع المدني الفاعل والمتماسك الايجابي في النهوض بمسئولياته في تثبيت دعائم الوحدة اليمنية بمحتواها الديمقراطي وقيمها التي اكتسبت زخمها في دخول بلادنا أول انتخابات رئاسية على أساس تنافسي هذا وقدم اليمن كدولة متميزة في الممارسة الديمقراطية على مستوى الوطن العربي. مسئوليات المجتمع المدني إن على كل مؤسسات المجتمع المدني حماية تلك المكتسبات ودعمها وتطويرها وبدون حمايتها من الأخطار التي تهدد الوطن وفي مقدمتها أخطار العنف والتطرف الذي يستهدف وضع العقبات أمام نهوض الوطن وتقدمه وهو الأمر الذي فرض علينا كأدباء وكتاب أن نؤكد وقوفنا وبحزم مع القيم الديمقراطية والشرعية والدستورية ومن هذا المنطلق فإن اتحادنا يؤكد على أن حماية المكتسبات الوطنية والديمقراطية والوحدوية إنما يتحقق من خلال جهد مكثف بين السلطات ومؤسسات المجتمع المدني في مشروع وطني شامل للنهوض بمستوى الوعي الديمقراطي في المجتمع والنهوض بمستوى الوعي الحقوقي في الاتجاه الذي يتزامن مع مشروع تنموي ينهض بالأطراف والمناطق النائية حتى لا يجعلها عرضة لاستغلال معاناتها وتوظيفها في اتجاه لا يخدم النهوض الحضاري. إن تعميم ثقافة الحريات والحقوق المدنية ضرورة أساسية ومهمة ملحة ينبغي القيام بها عاجلاً وبدون تأجيل من أجل انتصار ثقافة السلام والتسامح وعلى هذا الأساس فان اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يولي تعزيز الهوية الوطنية والديمقراطية القائمة على مبدأ الولاء الوطني أهمية خاصة. كما أن اتحاد الأدباء يرى أن الوحدة الوطنية تستند إلى ثقافة ترى في تعزيز السلم الاجتماعي صمام أمان للوحدة ولمكاسب الشعب الوطنية. ويهمنا هنا التأكيد على أهمية الأعلام والثقافة في تعزيز الوحدة الوطنية وصيانة السلم الاجتماعي في سياق مشروع وطني تتضافر من خلاله مؤسسات المجتمع المدني في سياق شراكة واسعة مع الدولة وفق إستراتيجية وطنية شاملة للنهوض الوطني تعطي أولوية خاصة للوحدة الوطنية وترسيخ السلم الاجتماعي ويهمنا هنا أن نؤكد على أن موضوع الوحدة الوطنية قد وجد اهتماما خاصا على صعيد الاستراتيجيات الثقافية والإعلامية وعلى صعيد الإستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة والشباب وعلى صعيد برامج الأحزاب وعندما تبرز مشكلات تتصل بتعريض السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية للخطر فإن الحاجة الماسة إلى وضع كل الأدبيات والوثائق المتصلة بصيانة الوحدة الوطنية وصيانة السلم الاجتماعي موضع التطبيق من قبل كل شركاء العمل السياسي والوطني ومن قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني. ولابد من التأكيد على حماية الثقافة الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي يبدأ من الاهتمام بالتربية المدنية والاهتمام بالطفولة وغرس مفاهيم السلام والمحبة والولاء الوطني وحب الوطن في نفوس النشء ولابد من الاهتمام بتجويد الرسالة الإعلامية الموجهة للمجتمع ولفئة الأطفال على وجه الخصوص: 1. بما أن عقلية الطفل العربي وبنائه هي أهم ما نملك فعلينا أن نستثمر من خلال تحقيق معادلة تجمع ما بين المتعة والتثقيف بإيجاد منظومة إعلامية متفاعلة قادرة على إمتاع الطفل وتثقيفه معاً. 2. أهمية الانتباه لخطر الفضائيات العربية غير المشفرة والتي تقدم رصيداً ضخماً من البرامج والرسوم المتحركة الأجنبية دون وجود جهة رقابية تحدد ما ينبغي وما لا ينبغي أن يقدم فقد أسفر تحليل المضمون عن عشرات الحالات الصارخة التي تستدعي الوقوف عندها وتحيل ما يقدم في ضوء الخصوصية التي تتمتع بها المجتمعات العربية والاسلامية ولا سيما عندما تقترب من الدين أو القيم الأخلاقية. 3. هناك حاجة متزايدة لإنشاء مرصد إعلامي عربي عبر القنوات الفضائية لرصد وتحليل ما يقدم والخروج بنتائج وخلاصات واستدلالات هامة تجاه ما يمكن أن يمس عقلية الطفل العربي والمسلم. 4. اعتماد منهج للتربية الاعلامية في المدارس ومراكز ثقافة الطفل ونوادي الاطفال بما يسمح ليس فقط بالمشاهدة الواعية بل والخروج بأهم القيم التي ينبغي أن ترسخها البرامج في عقول الاطفال. 5. أهمية مخاطبة كافة مؤسسات التنشئة وفي مقدمتها الأب والأم كأول وأهم مؤسسات التنشئة ثم المدرسة وجماعات الأصدقاء والنوادي بشأن الانتباه وأهمية ممارسة دورها الواعي على سلم الاحتياجات النفسية والاجتماعية والوجدانية للطفل. 6. استثمار الرسوم المتحركة كشكل فني محبب ليس فقط على مستوى الترفية وإنما أيضاً على مستوى الدراسة بحيث تتحول الشخصية الكارتونية إلى صديق يمكنه أن يمتع ويسلي وفي نفس الوقت يثقف ويوجه ويرشد. 7. هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الانتاج العربي الذي ما زال حتى الأن يعتمد على التقليد والمحاكاة أكثر من الابتكار والتجديد ويمكن أن يبدأ ذلك تدريجياً ليس فقط بدبلجة الأعمال الاجنبية وإنما بإيجاد شخصيات كارتونية عربية إسلامية لها خصوصية واضحة. 8. مخاطبة المسئولين عن القنوات المتخصصة لتقنين القيم والسلوكيات الايجابية فيما يقدم عبر هذه القنوات وفق خطة مدروسة واستراتيجية واضحة. 9. ضرورة القيام بتقييم دوري لبرامج الاطفال وإعداد تقارير ربع أو نصف سنوية تعرض على المسئولين على هذه القنوات لتقييم الايجابيات والسلبيات في الخرائط البرامجية على غرار التقارير المدرسية. 10. أهمية تفعيل مواثيق الشرف الاعلامية وإقامة المهرجانات المتخصصة لبرامج الأطفال على غرار مهرجان سينما الاطفال بحيث يعرض إنتاج الدول المختلفة ويكون المعيار للأفضل بالنسبة لـ: الناحية القيمية أولاً والانتاجية ثانياً والتأكيد على القيم المدنية المعززة للوحدة الوطنية ونبذ التفرقة. على الصعيد ذاته لا بد من تعزيز هذه المفاهيم بالنسبة لكل مؤسسات المجتمع المدني في علاقاتها مع بعضها البعض وفي علاقة الجميع مع الدولة وهنا يبرز السؤال الأساس (كيف نستطيع أن نصل إلى تعزيز روح الوحدة الوطنية بين التنظيمات والقوى السياسية؟) وهذا يتطلب التقاط المشترك بين كافة القوى السياسية في مواجهة التحدي الخارجي ما في شك يجب أن يبقى لدينا اختلافنا ورؤانا المختلفة في النطاق الداخلي وحتى في النطاق البرامجي عموماً لكن في المشترك التحدي الخارجي عندما يكون لهيب التحدي الخارجي هو اللهيب الطاغي علينا أن نلتقط جميعاً القاسم المشترك بين جميع القوى والتنظيمات السياسية كذلك من أجل تعزز الروح المعنوية على الثقافة وعلى المثقفين أن يساهموا في أن يبقى لدينا حالة قادرة على استخلاص العبر والدروس من خلال تحديات الأمر الواقع علينا أن نجيد القدرة على التعلم لأن هذا الواقع وهذه التحديات متطورة دائمة وهي قابلة لأن تفي بالوسائل الجديدة وفي التقنيات الجديدة وقابلة لأن تغذى بالتكتيكات الجديدة لا بد أن نكون قادرين على متابعة استخلاص العبر والدروس لحظة بلحظة. من الذي يستطيع أن يساهم بصورة أساسية في استخلاص العبر والدروس؟ ليس فقط الأطر العسكرية وحدها وليس فقط الأطر السياسية وحدها وإنما الأطر الثقافية أيضاً تستطيع من خلال تأثيراتها الشاملة أن تساهم في دفع عجلة استخلاص العبر والدروس من خلال وقائع التحديات كذلك يجب أن يكون لدينا قدرة على تغذية الديناميكية الوطنية في تطوير الوسائل والاساليب. دور المثقف أن يساعد الديناميكية الوطنية بأن تكون أكثر حركية ب، تكون أكثر مرونة لاكتشاف دائم وتطوير الوسائل والأساليب التي تتناسب مع الواقع ومع تحديات الواقع. وفي هذا السياق لا يفوتني أن أؤكد أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وفي مختلف الظروف ظل وفياًَ لدوره السباق في تعزيز فاعلية الثقافة في التسريع بالتطور الوحدوي وفي الانتصار لقيم الوحدة وفي مذكرة الاتحاد إلى قيادة شطري الوطن في 24/12/1989م الموقعة من قبل رئيس إتحاد الادباء والكتاب اليمنيين الأستاذ/ أحمد قاسم دماج وكذلك الأمين العام لاتحاد الأدباء الأستاذ المرحوم/ عمر الجاوي جاء فيها: (إن الاعتماد على الشعب والتنظيمات الوطنية ضمان فعلي لتحقيق الوحدة وبدون توحيد الجهود ومشاركة الجماهير تهتز الثقة وتفتح منافذ لتسلل الأعداء وعليه نطالبكم ونرجوكم: 1. أن تعلنوا بوضوح وبأسرع وقت ممكن عن إحالة مشروع دستور دولة الوحدة إلى المجلسين التشريعيين في البلاد. 2. الإعلان المشترك بإطلاق جميع أو كل الحريات كاملة ابتداء بحرية الأحزاب والصحف وإلغاء القيود المسننة في الدستورين. 3. إلغاء عوائق الأخشاب بين الشطرين دون إبطاء وإنهاء المعاملات الجمركية السيئة على السلع كلها. 4. العمل السريع على أنجاز مهمة التحالف الوطني. 5. التصديق والتطبيق لنتائج اللجنة الاقتصادية وغيرها من اللجان المجتمعة حالياً. 6. إلغاء قوانين الرقابة على الصحافة وكل أجهزة الإعلام الأخرى. 7. إلغاء الإجراءات التي تحد من حرية العمل للمواطن وعلى رأسها شهادة حسن السيرة والسلوك. وتواصلاً مع هذا النفس الريادي لجيل المؤسسين لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين ومع انتصار شعبنا في تحقيق الوحدة اليمنية وتثبيتها على أرض الواقع فإننا نعتقد أن حماية الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي وحماية حقوق الانسان وحماية الحريات المدنية في الصدارة من مهام الأدباء والمثقفين وشركاء الهم الوطني في بلادنا. واذا كانت إفرازات العمل السياسي قد دفعت بالبعض إلى إقامة اصطفافات على مستوى قبلي فنسمع عن اصطفاف بكيلي واصطفاف حاشدي وربما نسمع عن اصطفاف مدحجي فإنني من هذا المكان أدعو صناع الوحدة اليمنية وفي مقدمتهم المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني وأدعو كذلك مختلف القوى السياسية وفي مقدمتها التجمع اليمني للاصلاح ومختلف مؤسسات المجتمع المدني إلى إقامة تحالف مدني ائتلاف مدني من أجل حماية الوحدة الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي ونبذ العنف ومن أجل حماية الحريات واحترام حقوق الإنسان هذه هي رسالتنا: ( تعالوا إلى الشعب , إلى القيم المدنية لا نعدكم بالامتيازات وإنما ينتظركم عمل شاق في التوجه نحو المستقبل ).
المصدر: (مركز الدراسات والبحوث اليمني)
|