الاقتصاص من الاقتصاد
الخميس, 26-أغسطس-2010
عبداللطيف الزبيدي -
هذا هو المضحك المبكي في الاقتصاد الأمريكي. مضحك لأن هذه القوة العظمى تبدو كالدابة التي انقضّ عليها النمل الأبيض، ومبكٍ لأن الآخرين هم الذين سيدفعون الثمن . ولسنا حديثي عهد بالأحابيل والأباطيل.

على طريقة العنعنات أنقل عن مجلة “ماريان” الفرنسية (21 8) ما نقلته عن مصادر أمريكية . أوردت خمسين صورة تراجيكوميدية، هي إحصائيات تكشف جلاميد الصخر التي حطّها سيل الأزمة الاقتصادية على دماغ الإمبراطورية . سأنتقي فالعمود محدود .

ديون الولايات المتحدة في 2010 ستعادل تقريباً ديون العالم مجتمعة . وتتوقع واشنطن عجزاً في الميزانية نحو ألف وستمئة مليار دولار . لتوضيح الأرقام: إذا أنفق القارئ دولاراً كل ثانية، احتاج إلى 31 ألف سنة لإنفاق تريليون دولار . وإذا تبحبح في مليون دولار يوميّاً كان عليه أن يمدّ الله في أنفاسه أكثر من ألفي عام ليأتي على ألف مليار دولار .

ديون أمريكا تشكل 90% من ناتجها القومي الإجمالي . تأملوا سوء الأحوال: في منطقة ساكرامنتو بكاليفورنيا، أغلقت واحدة من كل ست شركات أبوابها . وفي البلد كله يقابل كل وظيفة جديدة خمسة عاطلين . و37% ممّن هم بين الثامنة عشرة والتاسعة والعشرين، عاطلون أو بلا عمل ثابت . وأكثر من 40%من العاملين أعمالهم خدماتيّة متدنيّة المرتبات . ومليون ونصف المليون أمريكي أعلنوا إفلاسهم في 2009 .

في مارس/ آذار الماضي فقط، صدرت أوامر بإخلاء 367 ألف عقار . (فأين تهربون؟) . وفي كاليفورنيا تعرض بيت من كل ستة عشر للإخلاء . واستولت البنوك على 258 ألف منزل في الربع الأول من 2010 . وأوّل مرّة في تاريخ الولايات المتحدة، تتفوّق المصارف على الأفراد في ملكية المباني السكنيّة.

المباني التجارية صارت تعادي الأنفاس الآدميّة، فقد انخفضت بنسبة 40% منذ 2007 . والآن 18% من مكاتب الولايات المتحدة فارغة . وستعاني البلديات عجزاً يبلغ ثمانين مليار دولار حتى 2012 . وأعلنت ست ولايات فقيرة تأجيل تسديد الضرائب . والويل للمساكين المتقاعدين في الولايات الخمسين، فالمخصصات غير المدفوعة “فكة” بسيطة: ثلاثة تريليونات . واثنتان وثلاثون ولاية غير قادرة على دفع مستحقات العاطلين . وقد شطبت الأزمة ثمانية ملايين وظيفة في القطاع الخاص.

أمريكا لم تجرفها سيول باكستان، ولكن أربعين مليون أمريكي يتلقون قسائم مواد غذائية . وإدارة الزراعة تنذر بالأسوأ . على أوباما أن يقول “لو كان الفقر رجلاً لقتلته”.

نزهة الخاطر، في ما وراء النهم الزائد من مخاطر . للقارئ أن يقول: وما شأننا وهذا، “يصطفلوا”؟ نقلت ذلك حتى لا يشعر النظام العربيّ بتأنيب الضمير المستتر، فالجميع في أكل الهواء سواء.

*نقلا عن صحيفة "الخليج" الاماراتية.