الإرهاب زائل لا محالة!!
الاثنين, 23-أغسطس-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -
على الرغم من حملة الافتراءات التي تعرض لها اليمن في الآونة الأخيرة والتي سعى من خلالها البعض إلى التشكيك في قدرته على مواجهة خطر الإرهاب وعناصره المتطرفة، إلا أن ثقتنا بأنفسنا وبكفاءة أجهزتنا الأمنية كانت أكبر من أن تنال منها تلك الافتراءات والتقولات والتخمينات الفارغة، لإيماننا بأن من تصدروا لتلك الحملة إما أنهم يجهلون واقع هذا البلد أو بنوا تصوراتهم على معلومات خاطئة ومغلوطة، أو أن هناك من أراد إسقاط ما في نفسه وعقله الباطن في تلك الافتراءات لما يحمله من حقد وغل على اليمن.
ومع ذلك فقد ظلت قناعتنا بأن أكبر رد على تلك الافتراءات هي النجاحات التي تحققها الأجهزة الأمنية في معركتها مع عناصر الإرهاب والتي أكدت فيها على أرض الواقع أن اليمن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصبح ملاذاً آمناً للإرهاب والإرهابيين، وأنه لا محافظة أبين ولا أية محافظة من المحافظات اليمنية يمكن أن تغدو بمثابة "قندهار" الأفغانية أو أن تتحول بعض جبالنا إلى "تورابورا"، لأن اليمن بالفعل ليس افغانستان ولا وجه للمقارنة بينهما، فثقافة اليمنيين تنبذ التطرف بكل أشكاله كما أنهم يتميزون بمسلكياتهم القائمة على الاعتدال والوسطية والتسامح ورفض التعصب والغلو، ناهيك عن تمسكهم بالقيم الحضارية التي توارثوها جيلاً عن جيل، وهي القيم التي تتعارض كلياً مع نوازع العنف والبغي والعدوان.
كما أن اليمنيين هم أول من ناصر الدين الإسلامي الحنيف وحملوا رايته إلى أرجاء المعمورة وهم من يستندون في تدينهم إلى مفهوم يشع بهدي الرسالة المحمدية التي تحرم قتل النفس البريئة وإرهاب الناس وإقلاق السكينة العامة والإفساد في الأرض والخروج عن الأمة، ومثل هذه الثوابت هي من تتجلى شواهدها اليوم في الانهيارات التي تتعرض لها صفوف عناصر تنظيم "القاعدة" والتي تضاعفت بشكل لافت خلال الأيام الأخيرة.
ويمكن استشراف ذلك في تتالي استسلام العديد من العناصر الإرهابية والمتطرفة للأجهزة الأمنية أو في أعداد من تم القبض عليهم أو قضوا في جحورهم وأوكارهم على إثر الضربات الاستباقية الناجحة التي نفذتها الأجهزة الأمنية في سياق إحكامها الخناق على تلك العناصر الإجرامية.
وفي هذا دليل قاطع على أن من ذهبوا إلى إثارة بعض التوجسات والمخاوف بشأن قدرة اليمن على مواجهة خطر الإرهاب، إنما كانوا بذلك التهويل يعبرون عن جهلهم بحقيقة هذا البلد الذي تحميه اليوم مؤسسة أمنية وعسكرية كفؤة ومؤهلة ومدربة وقادرة على صون مقدراته ومنجزاته وأمنه واستقراره.
ولو أن هؤلاء "المزوبعين" قرأوا التاريخ لأدركوا أن الشدائد والمحن ما زادت هذا البلد إلا شموخاً واقتداراً وقوة وعزماً على مواصلة مسيرته الحضارية المظفرة بهمة أكبر وبثقة أعظم، وأنه وكما استطاع في الماضي التغلب على الكثير من التحديات الشاقة والصعبة، سيتمكن اليوم من اجتثاث الإرهاب والتخلص من شروره وتطهير ترابه من رجس تلك الآفة الخبيثة، ومقياس النجاح يتأكد بما يقدمه أبطال القوات المسلحة والأمن الذين برهنوا على أنهم الجنود الأوفياء والحراس الأمناء والعيون الساهرة على أمن واستقرار هذا الوطن.
ولذلك فإننا نطمئن كل من يخشون على اليمن من الإرهاب أنه لا مستقر لهذه الآفة ولا قرار لها على هذه الأرض وما هي إلا أيام حتى يسمعون أخباراً سارة تعلن عن نجاح اليمن في اجتثاث ما تبقى من عناصر الإرهاب والتطرف، خاصة بعد أن نجحت أجهزة الأمن في تطويق ومحاصرة تلك البقية الباقية من العناصر الإرهابية في أماكن محدودة وتضييق الخناق عليها.
ولمن لا يعرف الحقيقة أو خُفيت عليه، نقول: إن اليمن في مقدمة الدول التي تمكنت من مواجهة الإرهاب بعدة وسائل، فلم تعتمد حصرياً على القوة وحدها بل انتهجت أيضاً أسلوب الحوار لما من شأنه إقناع المغرر بهم بالعودة إلى جادة الصواب، كما اتخذت الإجراءات الكفيلة بتجفيف مصادر التمويل للعناصر الإرهابية، بالتلازم مع تكثيف الجهود الأمنية لجمع المعلومات وإفشال المخططات الإرهابية قبل تنفيذها، فضلاً عن تنفيذ حملات توعية لتحصين المجتمع من مثالب الفكر المتطرف، بحيث صار الجميع في هذا الوطن مستوعباً لحقيقة تلك العناصر الضالة التي تدعي انتسابها للإسلام فيما هي تمارس أعمالاً بشعة ووحشية تدل على أن هذه العناصر هي بعيدة كل البعد عن ملة الإسلام وأنها ألد عداوة لهذا الدين الذي لم ينله من الإساءات مثلما طاله من هؤلاء الإرهابيين الجهلة الضالين الذين مُسخت ضمائرهم وعميت عيونهم عن رؤية الحق، وباعوا أنفسهم للشيطان وانساقوا وراء الباطل لينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: " إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ".