وثيقة وطنية للنهوض الشامل!!
الخميس, 19-أغسطس-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -
قوبلت توجيهات رئيس الجمهورية للحكومة بارتياح شعبي وجماهيري واسع لكونها اشتملت على مصفوفة من الإجراءات والمعالجات والحلول التي من شأنها النهوض بالاقتصاد الوطني وتسريع وتائر التنمية وتعزيز مناخات الأمن والاستقرار إلى جانب الموجهات الكفيلة بسد الثغرات التي تتسلل منها أصابع الفساد والإفساد مما يصح معه القول أن تلك التوجهات قد حملت في طياتها مشروعاً وطنياً للتنمية المستدامة والإصلاح الشامل قوامه الحاضر والمستقبل وغايته تحقيق الخير والنماء للوطن وجميع أبنائه. وما ينتظر من الجميع هو أن تغدو هذه التوجيهات بمثابة وثيقة وطنية يتم الإجماع عليها كأرضية عمل مشترك ليس فقط للأجهزة والمؤسسات الحكومية بل ولكافة القوى السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني وجميع أبناء الشعب باعتبار أنها قد استوعبت الخطوط العريضة ومقومات النهوض والمعالجات الحاسمة للمعضلة الاقتصادية والرؤى الواقعية الضامنة لإنجاز الإصلاحات المالية والإدارية بما يفوق ما يُطرح من قبل نخب العمل السياسي والحزبي المعارض. إذ أن التفاف الجميع حول هذه الوثيقة الوطنية سيسهم في تمكين الحكومة من اختصار مسافات التنفيذ ويمنحها فرصة أكبر للوصول إلى النتيجة المطلوبة في وقت وجيز، ناهيك عن أنه لا وجود لأي عائق يحول دون ذلك الالتفاف خاصة وأن الأمر يتصل بدرجة أساسية بمسائل تخص بناء الوطن والتغلب على التحديات التي تعترض طريقه. وطالما أن مسؤولية بناء الوطن تقع على عاتق كل مواطن، بصرف النظر عن انتمائه السياسي والحزبي فإن موجبات هذه المسؤولية تقتضي عدم التقاعس أو التلكؤ في قيام كل منا بدوره المناط به على أكمل وجه، حيث وأن مهمة كهذه لا يقتصر أداؤها على الحكومة أو على من ينتمون إلى الحزب الحاكم بل أن المعارضة التي تمثل الوجه الآخر للسلطة معنية بأداء هذا الواجب سواء بسواء مع من في الحكم، ومن الخطأ أن تعتقد المعارضة أن دورها يقتصر على نقد الحكومة والتشنيع بها بالحق وبالباطل فالتسليم بهذا الشعور غير الواقعي ينتج عنه حرمان الوطن من إسهامات بعض أبنائه ممن ارتضوا لأنفسهم الوقوف في خانة المتفرجين وكأن هذا الوطن لا يعنيهم من قريب أو من بعيد، وكأن هؤلاء السلبيين ينتظرون من يقول لهم اعملوا من أجل وطنكم ومن مواقعكم التي أنتم فيها لأنكم بذلك تخدمون وطنكم ومجتمعكم وأنكم وكلما أحسنتهم في أداء أدواركم كلما ضاعفتم من رصيدكم في الوسط الجماهيري وحزتم على ثقته في صناديق الاقتراع، وأن الجمود والتقوقع والتمترس وراء بعض الصغائر لن يزيدكم إلاّ ابتعاداً عن هذه الجماهير وهمومها وتطالعاتها. نقول ذلك من وحي تلك المواقف التي تظهر فيها المعارضة في اليمن وكأنها خصم للسلطة مع أن الصحيح أن تكون مكملة لها الأمر الذي يعكس مزيجا من الجهل بحقيقة الديمقراطية التي تبدو فيها السلطة والمعارضة وجهين لعملة واحدة. وعليه فإذا كانت توجيهات رئيس الجمهورية للحكومة قد وضعت النقاط على الحروف وحددت أولويات المرحلة المقبلة في إطار مشروع وطني ينهض بالتنمية والاقتصاد ومسارات البناء وعوامل الأمن والاستقرار فإن من الواقعية أن تبادر المعارضة إلى دعم هذه التوجهات ومساندتها خاصة وأن ما تناولته قد استوعب الحلول الناجعة لكل القضايا التي نعاني اليوم من تأثيراتها وفي مقدمة ذلك تراجع الموارد واستفحال البطالة وزيادة حدة الفقر، حيث وأن وقوف المعارضة إلى جانب الحكومة في مواجهة تلك المعضلات سيبرهن على أن هذه المعارضة قد وصلت إلى مرحلة من النضوج وأنها صارت بالفعل تمارس دورها كمعارضة بناءة هدفها بناء الوطن ورفعته وتقدمه واستقراره. ويحسن بهذه المعارضة أن يكون لها مثل هذا الموقف ما لم فإنها ستكون كمن يدفن رأسه في الرمال إن لم تقدم دليلا جديداً على أنها بالفعل لاتأبه بهموم المواطنين وأن ما يهمها فقط هو الوصول إلى بعض المكاسب والمنافع الذاتية والحزبية حتى ولو كان ذلك على حساب مصالح هذا الوطن الذي تدعي انتسابها إليه في ما هي التي تقابله بالعقوق والجحود والنكران.