«جهالة» الإرهاب و«عدمية» التخريب!!
الثلاثاء, 17-أغسطس-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -
أثبتت الأيام بشواهدها ووقائعها أنه لا فرصة ولا مجال ولا مستقبل في اليمن لنوازع الإرهاب الأعمى وفرقعات العنف العدمي والعصبيات المقيتة، ويمكن استشراف هذه الحقيقة من خلال الضربات الموجعة والمتلاحقة التي تلقتها عناصر تنظيم القاعدة، والتي أدت إلى تقويض أركان هذا التنظيم وتساقط أفراده الواحد تلو الآخر بيد الأجهزة الأمنية وآخرهم مسؤول التنظيم في محافظة الجوف.


كما أن المتتبع للأعمال التخريبية في بعض المديريات سيجد أيضا أن تلك الأعمال قد جوبهت هي الأخرى برفض شعبي واستهجان جماهيري، لتظهر مطوقة من الناس الذين يرفضون وجود مثل هذه النتوءات وأجندتها المشبوهة.
ولا شك بأن سيطرة الاحساس بالفشل لدى تلك النتوءات التخريبية كانت كافية لكي تشعر باستحالة نجاح مشروعها التدميري وأنها بالفعل شارفت على نهايتها وأن ما راهنت عليه لم يكن سوى نوع من السراب والأوهام الكاذبة.
ومن هذه الحقائق نستدل على أن اليمن ليست أفغانستان ولا العراق ولا الصومال، إذْ أنّ شعبه وسطي بفطرته وثقافته تستند إلى فكر معتدل ينبذ التعصب والتطرف والغلو كما أنه متحد في عقيدته ونشأته وهويته فلا صراعات عرقية تتقاذفه، ولا خلافات مذهبية تتنازعه، ولا مشاعر عصبية أو طائفية أو جاهلية يخشى منها عليه، وبالتالي فلا الإرهاب الأعمى ولا التمرد ولا أعمال التخريب والعنف يمكن أن تنال منه أو من وحدته الوطنية أو من أمنه واستقراره، وها هي تلك العناصر الضالة والمضلة العمياء أو الصماء وسواء من ينتمي منهم إلى تنظيم القاعدة أو فتنة التمرد بصعدة أو طابور التخريب واللصوصية يجدون أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما العودة إلى جادة الصواب وإصلاح أنفسهم والاندماج في المجتمع كمواطنين صالحين يحترمون النظام والقانون والدستور وحقوق وواجبات المواطنة، وإما أن يلقوا بأنفسهم إلى هاوية سحيقة فيخسروا دنياهم وآخرتهم، وعليه فإذا كانت عناصر التمرد الحوثية معنية في المقام الأول بالتجاوب التام مع ما تضمنه اتفاق الدوحة والنقاط الست وآلياتها التنفيذية حتى يتسنى احلال السلام والاستقرار في محافظة صعدة وحرف سفيان وبدء إعادة الإعمار وانجاح المساعي التي تبذلها دولة قطر الشقيقة، فإن الأمر نفسه ينطبق على عناصر الإرهاب والتطرف التي لابد وأن تعي أن اليمن لا يمكن أن يتحول إلى ملاذ آمن للإرهاب، وهو البلد الذي حمل أبناؤه راية الإسلام والهداية إلى أصقاع المعمورة، الأمر الذي تصبح معه رهاناتها محكوما عليها سلفاً بالفشل الذريع، إذ لا يمكن أن يتخلى هذا المجتمع عن ثقافة الاعتدال والوسطية والتسامح التي تربى عليها ويستبدلها بثقافة التطرف والعنف والغلو والإرهاب.
كما أن وجود مناخ سياسي ملائم للتعبير عن الرأي بكل حرية يجعل من هذا المجتمع أيضاً محصناً من لوثة الإرهاب، ولذلك فإن الأجدى بهذه العناصر المتطرفة التي تتاجر بالدين وترتكب الفواحش أن تراجع نفسها وأن تعيد قراءة الثوابت النقية للإسلام لتستنير بتلك الثوابت وتتخلص من فكرها الملوث الذي أساءت من خلاله إلى جوهر العقيدة ونقائه.
أما أولئك الذين احترفوا أعمال اللصوصية والقتل والتقطع في الطرقات الآمنة وإشعال الفتن إما تنفيذاً لأجندات مشبوهة أو هرولة وراء المال الحرام أو اندفاعاً لتحقيق مصلحة ذاتية، فإن عليهم أن يتعلموا من تجارب الماضي ودروسه ويدركوا تماماً أن هذا الشعب وإن كان قد تعامل معهم خلال الفترة الماضية بتروٍّ وصبر وحكمة فإنه لن يسمح على الإطلاق باستمرار عبثهم وممارساتهم الخاطئة وجرائمهم المنكرة، وعلى هؤلاء وغيرهم من عناصر التمرد والتطرف والإرهاب أن يكفوا أذاهم عن هذا الوطن، مالم فإن هذا الشعب سيجبرهم على تغيير مسلكياتهم العدوانية بقوة الشرع والدستور والقانون، والحليم من يتعظ.