المشترك والنَّزق النرجسي..؟!!
الاثنين, 16-أغسطس-2010
طه العامرى -
الموقف الذي اتخذته "أحزاب اللقاء المشترك" من دعوة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله والخاصة بعقد اللقاء الأول للجنة الحوار يوم 4 اغسطس الجاري، يعكس حقيقة حالة "النرجسية" التي تستوطن هذه الفعاليات والتي تصر على أن تقف دوماً في المربعات المثيرة بدافع لفت الأنظار من ناحية، ومن الأخرى إصرار هذه الفعاليات على أن تجعل نفسها دوماً في حالة الإثارة والحضور الإعلامي بغض النظر عن تبعات مواقفها هذه حتى وإن كانت هذه المواقف مضرة بالوطن والسكينة والاستقرار.
موقف أحزاب اللقاء لم تفصح عنه إلا عشية اللقاء المفترض الذي كان يفترض أن يجمعها مع بقية أعضاء اللجنة المشكلة بهدف التوصل لحلول وتفاهم وطني وتوافق واتفاق ينهي حالة الفوضى التي يعاني منها الوطن ويدفع ثمنها المواطن، وهي الحالة التي وصلنا إليها على خلفية المواقف الرمادية لأحزاب اللقاء المشترك التي لم تكلف نفسها التفكير بما قد يخلفه موقفها من تبعات تلقي بظلالها على واقعنا الحياتي بكل جوانبه الحضارية خاصة وأن بورصة التفاعلات الحياتية والمعيشية مربوطة بطريقة أو بأخرى بحالة المناخ السياسي والحزبي الأمر الذي يوحي لنا بأن هذه الفعاليات لا تشعر بمعاناة الوطن والمواطن ولا تفكر بتبعات مواقفها وردود أفعالها تجاه مجمل القضايا الوطنية، ومهما كانت درجة وخطورة هذه القضايا.. والمؤسف أن تصمت هذه الفعاليات ولم تعبر عن موقفها إلا في اللحظات الأخيرة لميعاد اللقاء وهذا التوقيت من حيث دوافعه ونوايا أطرافه يحمل أكثر من رسالة وأكثر من وجهة وغاية وهو ما يضعنا أمام حالة من عدم الثقة تحجب المواطن والوطن عن هذه الفعاليات التي تختار دوماً اللحظات الحرجة لتعلن خلالها عن مواقفها النزقة، إذ وبعد التفاؤل الذي كان قد استوطن وجدان وذاكرة المواطن والترحيب الذي عبر عنه الجميع حين تم التوقيع على وثيقة الاتفاق من أجل التوافق فإن أحزاب اللقاء المشترك أصرت كعادتها على مصادرة الفرحة والتفاؤل مؤكدة للجميع أنها لن ولم تتغير وأن عادتها الراسخة وديدنها الثابت عوامل غير قابلة للتهميش بغض النظر عن معطيات الواقع الوطني ومتطلباته، فهذه الفعاليات ترى في الوطن وهذا ما تؤكده من خلال مواقفها التي تزداد إثارة مع كل تفاؤل لدى الرأي العام الذي كثيراً ما يظن بحرص هذه المسميات الحزبية على إخراج الوطن من نفق الأزمات أو على الأقل المساهمة في التخفيف من وقع الراهن الوطني وإن بتسجيل موقف واضح وصريح يدل على حرص هذه الفعاليات على أمن واستقرار ووحدة الوطن وترابط مكوناته الاجتماعية، ومن ثم العمل بروح وطنية لتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية تحت سقف الثوابت والقيم والتشريعات الوطنية وبما يعزز التحولات ويحافظ على المكاسب الوطنية التي تحققت لشعبنا بغض النظر عن رؤية أو فهم هذه الفعاليات لعلاقتها مع من في الحكم أو رؤيتها لفهم الشراكة والعلاقة الحزبية أو الدور الحزبي في التعاطي مع المناخ الديمقراطي وقيمه، فالوطن واستقراره فعل يجب أن يكون له الأولوية في اهتمام كل الأطياف السياسية والحزبية بغض النظر عن حسابات وقراءة ومواقف هذه الأطياف، لأن كل هذه القناعات تأتي بعد المصلحة الوطنية وبعد الحاجة الوطنية وليس قبلها، فالوطن فوق الجميع ومصالحه السيادية والاستراتيجية لها الأولوية عن أي قضايا أخرى وخاصة القضايا المتصلة بجدلية الربح والخسارة الحزبية.
غير أن الموقف الذي وقفه "المشترك" يعكس وكما أسلفت حالة النزوع "النرجسي" لدى القائمين على هذه الفعاليات وهي "نرجسية" قاتلة حين تصبح نافذة التعبير عن القضايا الوطنية وأداة للتعامل مع هموم الوطن والمواطن، فقد أثبتت أحزاب اللقاء المشترك بمواقفها أنها عصّية على فكرة الشراكة أو التعاطي الوطني الخلاق وأن ما بينها والوطن وهمومه وقضاياه والتحديات التي تواجهه ملايين السنوات الضوئية، بمعنى أن تفاؤلنا باتفاق 17 يوليو لا يجب أن يذهب بعيداً لأن الرهان على "الجياد الخاسرة" رهان غير مجدٍ وليس له من قيمة غير أنه يحبط صاحبه ومن يراهن على اعتدال هذه المسميات الحزبية أو العقلانية في مواقفها من مجمل القضايا الوطنية مهما كانت خطورتها، إنما يراهن على سراب يحسبه الضمآن ماء..!!.
لقد نزعت هذه المسميات بتراجعها ورفضها لاجتماع 4 اغسطس بناءً على دعوة فخامة الأخ الرئيس بقايا ثقة كان البعض لا يزال يحتفظ بها لهذه المسميات التي كرست بموقفها حقيقة نزقها النرجسي وإصرارها الدائم على أن تكون في مربع النقيض للوطن والشعب وللإرادة الوطنية الجمعية وإلا ما هي العوائق التي تقف أمام تلبية الدعوة الرئاسية وتمكين اللجنة من اللقاء بكامل قوامها ومن ثم طرح ملاحظتها التي يفترض أنها طرحت قبل القبول بالمشاركة وقبل توقيع الاتفاق أو في لحظة توجهت فيه الدعوة الرئاسية للجنة والتي حددت يوم الرابع من أغسطس لعقد أول اجتماع للجنة الحوار، ولماذا أصرت أحزاب المشترك على السكوت طيلة الفترة الفاصلة بين لحظة توجيه الدعوة وحتى ليلة انعقاد اللقاء الذي فيه أعلنت أحزاب المشترك رفضها للاجتماع..؟ ولم تقل هذا يوم وجه فخامة الأخ الرئيس الدعوة أو في اليوم التالي أو اليوم الثالث بل صبرت حتى ليلة استحقاق اللقاء الأول للجنة الحوار لتعلن رفضها للمشاركة دون أن توضح بالمقابل ما يمكن أن يبرر تصرفها هذا المثير والمعبر عن حقيقة استهتار هذه الفعاليات بكل قضايا الوطن والمواطن وعدم اكتراثها بكل الظواهر والمعاناة الحياتية التي تخيم على واقعنا الوطني.. إن لم يكن هناك فعلاً ما يمكن أن يفسر هذا الموقف سوى حقيقة راسخة وهي إن لم توقف هذه الفعاليات موقفها هذا المثير للجدل فإنها لن تكون فعلاً "أحزاب اللقاء المشترك"..؟!!.


نقلاً عن
 صحيفة الثورة