الحوار المسؤول
الثلاثاء, 03-أغسطس-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -
في أجواء تسودها الثقة تعقد اللجنة المُشكلة من المؤتمر الشعبي العام وحلفائه ومن "اللقاء المشترك" وشركائه للإعداد والتهيئة للحوار الوطني، اجتماعها الأول يوم غدٍ الأربعاء بناء على دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وبموجب "اتفاق 17 يوليو"، وبقدر ما يعكس هذا الاجتماع جدية الطرفين وحرصهما المشترك على المضي في طريق الحوار المسئول وإنجاح مساراته وأهدافه والغايات المنشودة منه، بقدر ما يجسد قناعتهما الراسخة بأن الحوار يظل الوسيلة الحضارية التي من شأنها تذويب أية اختلافات في الرؤى والتقريب بين وجهات النظر وخلق حالة من التفاهم بين أطراف المصفوفة السياسية والحزبية وصولاً إلى التوافق حول مختلف القضايا التي تهم الوطن.
* وما يستحق التأكيد عليه في هذا الصدد هو الصورة المشرفة التي قدمتها مكونات العملية السياسية والحزبية اليمنية باحتكامها لمنطق الحوار لاحتواء تبايناتها وما طرأ على علاقاتها خلال الفترة الماضية من تجاذبات، بل أن اتفاقها على بحث الحلول والمعالجات لمختلف القضايا والهموم الوطنية على طاولة الحوار، قد مثل نقطة تحول إيجابي يحسب لصالح هذه المكونات السياسية والحزبية التي برهنت على أنها مهما اختلفت في المواقف وتباينت في الرؤى وتعددت أطروحاتها وتقاربت أو تباعدت في اجتهاداتها، فإن القاسم المشترك بينها جميعها يظل هو الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا، تماماً كما هو المفترض والمعول عليها دائماً وأبداً، باعتبار أن الوطن هو الأصل والثابت وما دونه هو الاستثناء.
* والحق أن احتكام الأحزاب السياسية اليمنية للحوار قد أكسبها احترام وتقدير أبناء شعبها وكذا أشقاء وأصدقاء اليمن الذين كانوا ينظرون إلى الخلافات التي تظهر أحياناً وتختفي أحياناً أخرى، بقلق بالغ خاصة وأن تفاقم حِدة التجاذبات وعلى ذلك النحو الذي كان يوسع من دائرة الشقاق والتباعد، لم يفرز سوى المزيد من المتاعب والتعقيدات والمنغصات التي ألقت بتأثيراتها السلبية على واقع التجربة الديمقراطية اليمنية الناشئة والحياة السياسية وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
* على أن تجاوز أطراف العمل الحزبي لذلك الاحتقان السياسي غير الصحي، قد سحب البساط من تحت كل المحاولات البائسة التي أرادت إيصال العلاقات بين هذه الأطراف إلى طريق مسدود وإدخال اليمن في نفق مظلم، كما فوت الفرصة على كل من ظلوا يتمصلحون ويتكسبون من وراء ذلك الاحتقان السياسي، بل أن هناك من عمدوا إلى تصفية حساباتهم مع هذا الوطن وأبنائه وقواه السياسية وتجربته الديمقراطية ووحدته الوطنية عبر استغلالهم لذلك الاحتقان الذي عملوا بشتى السبل الملتوية على تغذيته والسعي إلى تأجيجه، وقد استمرت المحاولات المحمومة لهؤلاء على أكثر من صعيد بما في ذلك محاولاتهم إفشال "اتفاق 17 يوليو".
* والمؤكد أن مثل هؤلاء المأزومين والحاقدين الذين تتعدد اتجاهاتهم ومواقفهم تبعاً لما يخدم مصالحهم الأنانية والضيقة، سيظلون يتربصون بأي تقارب للقوى السياسية والحزبية على الساحة الوطنية، ولن يدخروا حيلة أو وسيلة للدس وزرع الأشواك في طريق الحوار، وهذا هو ما ينبغي التنبه له وألاَّ يغيب عن بال الجميع.
* ورغم قناعتنا بأن طرفي الحوار لا يجهلان أمراً كهذا، وأنهما يدركان حالة الترصد لأي توافق وطني وأن تجار الأزمات الذين يلبسون أكثر من قناع ويتلونون بأكثر من لون ويطلون وجوههم بأكثر من مسحوق سيظلون يراهنون على إفشال الحوار لكونهم اعتادوا على الارتزاق من وراء كل أزمة أو خلاف ويشعرون اليوم أن الوفاق بين الأحزاب السياسية سيصيب مصالحهم في مقتل، فإن نجاح الحوار بلاشك سيلجمهم ويفشل مخططاتهم ويغلق عليهم باب الارتزاق والسمسرة والمتاجرة بقضايا الوطن.
* ونجزم أن الشخصيات التي تم اختيارها في اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار هم في غالبيتهم من الشخصيات الوطنية والحريصة على إنجاح الحوار والذي ستكون من أولوياته تحقيق الوفاق والاصطفاف الوطني وتصليب تماسك الجبهة الداخلية والسير معاً لخوض الانتخابات النيابية القادمة المقررة في 27 أبريل 2011م، باعتبارها استحقاقاً ديمقراطياً غير قابل للتأجيل.
وطالما توفرت الإرادة الجادة والصادقة، فلا شيء يمكن أن يحول دون نجاح الحوار، .. "وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم".