اليمن بخير
الأحد, 01-أغسطس-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -
بلغة واضحة وشفافة اتسمت بمنتهى الصراحة والمصداقية وجه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في كلمته يوم أمس التي ألقاها في الاحتفال بيوم العلم رسالة صريحة لأولئك الذين ينخرون في جسد الوطن، لإصلاح أنفسهم وتقويم اعوجاجهم وما يعانونه من اعتلال نفسي وذهني وفساد قيمي باعتبار ذلك من المرتكزات الأساسية للمواطنة الصالحة وموجبات الانتماء للوطن وتجسيد الولاء له والالتزام بروح المسئولية الوطنية، ليس بالأقوال وإنما بالأفعال والممارسات.
وفي هذا الصدد جاء تأكيد فخامة الرئيس على أنه وفي ظل إغفال أو تغافل البعض لمبدأ محاسبة الذات، استبدت بهم أهواؤهم وأنانيتهم ونرجسيتهم المفرطة فاختزلوا همهم في اللهث وراء مصالحهم الضيقة وأطماعهم التي لا تقنع ونزواتهم التي لا تشبع لتتكرس كل جهودهم على تضخيم أرصدتهم البنكية من الأموال الحرام والمدنسة، وهي نماذج نجدها تتجلى اليوم في صورة أولئك الذين يتدثرون بلبوس الفضيلة والنزاهة وطهارة اليد مع أن سجلهم مثخن بالمفاسد والخطايا بفعل ما مارسوه من سلب ونهب وابتزاز للوطن والمواطن.
ولا ندري كيف لمن غرقوا في الفساد من رؤوسهم حتى أخمص أقدامهم، إدعاء الطهارة بمجرد أن عُزلوا من مناصبهم ومواقعهم التي كانوا يتبوأونها في السلطة وأُقصوا منها نتيجة إيغالهم في الفساد والعبث بالمال العام والإخلال بواجباتهم الوظيفية؟!.. أليس من التناقض الصارخ أن ينبري مثل هؤلاء الآن للحديث عن الفساد ويتصدروا من يرفعون شعارات النزاهة والطهارة؟!!.
إن هؤلاء أحوج ما يكونون إلى أن يستفيقوا من سباتهم ويعودوا إلى رشدهم ويكفروا عن ذنوبهم بحق وطنهم ومجتمعهم بإصلاح أنفسهم والكف عن المزايدات وإطلاق الأكاذيب والأراجيف التي تلحق الضرر بالوطن ومصالحه العليا.
والأمر نفسه ينطبق على ثالوث الشر المتمثل بعناصر التطرف والإرهاب من تنظيم "القاعدة"، وعصابة التمرد والفتنة بمحافظة صعدة والخارجين على الدستور والنظام والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية، فقد رفعت هذه الشراذم المحدودة من الجهلة والمخربين وبلاطجة اللصوصية وقُطاع الطرق، معاول الهدم ضد هذا الوطن بهدف تدميره واستنزاف مقدراته وعرقلة مسيرته التنموية وإثارة المخاوف لدى الاستثمارات العربية والأجنبية في ظل وجود من يهول ويضخم أعمالها وممارساتها الدنيئة في بعض وسائل الإعلام، مع أن هذه الشراذم ليست سوى مجموعات قليلة استبدت بها غواياتها الشيطانية وانحرفت عن جادة الصواب، شأنها شأن كل المنحرفين الذين لا يخلو منهم أي مجتمع من المجتمعات، ومآلهم هو السقوط في مستنقع الخزي والعار وليس أمامهم سوى خيارين لا ثالث لهما: إما التوبة والأوبة وإصلاح الذات، وإما الوقوع في يد العدالة ونيل العقاب الذي يستحقونه.
ووسط ذلك كله تبرز في الذهن تلك المحددات التي أكد عليها فخامة الأخ الرئيس في كلمته يوم أمس ووصفها البعض بخارطة طريق لتقويم الإعوجاج أينما وجد.
وبدا واضحاً أن الأخ الرئيس بذلك الطرح الرصين أراد توجيه رسالة واضحة لمن لا يريد أن يفهم أن هذا الوطن لا يمكن أن تهزه بعض الأيادي الآثمة، وأنه سيظل قوياً بشعبه وأجياله الصاعدة والواعدة، المتفوقة في تحصيل العلم والمتسلحة بالمعرفة، والتي صارت تمثل رهان الحاضر والمستقبل والأداة النظيفة التي نعول عليها السير بالوطن نحو الغد المشرق والمزدهر.
وهو ما أفصحت عنه دعوة فخامة الأخ الرئيس أشقاء اليمن وجيرانه إلى الاستثمار في اليمن لما من شأنه إيجاد فرص عمل للشباب والإسهام في الحد من البطالة، باعتبار أن ذلك سيحقق الفائدة المرجوة والمصلحة المشتركة للجميع، مطمئناً الأشقاء في دول الجوار إلى أن اليمن بخير وآمن ومستقر، وإذا ما وجدت أية اختلالات فإنها في أضيق الحدود والحكومة اليمنية قادرة على معالجتها.
وفي هذه الدعوة تأكيد صريح على أن هدفنا في اليمن هو تحقيق التقدم والأمن والاستقرار لجميع مجتمعاتنا في منطقة الجزيرة العربية والخليج، وأن تكون بمجموعها سنداً لبعضها البعض في السراء والضراء، فذلك هو ما تحتمه أخوة الدم وأواصر القربى وأمومة الجغرافيا ووشائج الدين والعقيدة واللغة والتاريخ المشترك والمصير الواحد والأمن الجماعي، فقدرنا في هذه المنطقة أن نكون في قارب واحد وأن نعمل معاً على حماية هذا القارب من كل العواصف والأمواج المتلاطمة ونكمل بعضنا البعض في الإبحار به إلى بر الأمان.
وليعلم الجميع أن اليمن بخير ولا خوف عليه ولا على وحدته الوطنية من المتربصين والمتاجرين والمتسولين والمتسكعين في أرصفة بعض العواصم العربية والأجنبية أو بين المقايل في الداخل من أصحاب الرؤوس المنكوسة والأصوات النشاز الذين يمارسون العهر السياسي بصورة تثير الغثيان والاستفراغ. فأولئك ليسوا أكثر من أعجاز نخل خاوية وطبول فارغة تنطبق عليهم كل صفات النفاق الواردة في قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بأنهم إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا وإذا ائتمنوا خانوا.