كفى مزايدةً على الوطن
الثلاثاء, 27-يوليو-2010
أفتتاحية صحيفة الثورة -
المتابع لتفاصيل المشهد على الساحة الوطنية، سيجد أن ما يواجهه الوطن اليوم من تحديات، سواء ما يتصل منها بالمواجهات مع عناصر تنظيم "القاعدة" الإرهابي، أو بالتداعيات الناجمة عن خروقات شرذمة التخريب والفتنة "الحوثية" بفعل عدم التزامها بالنقاط الست وآلياتها التنفيذية والتي سبق أن تعهدت بتنفيذها وبموجب ذلك اتخذت الدولة قرارها بوقف المواجهات حرصاً منها على إحلال السلام والأمن والاستقرار بصعدة أو ما يتعلق بالأعمال التخريبية من قبل العناصر الخارجة على الدستور والنظام والقانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية.. سيجد أنه ما كان لمثل هذه التحديات أن تظهر على هذا النحو الماثل لولا سلبية البعض ممن أسقطوا عن أنفسهم موجبات المواطنة وتنصلوا بوعي أو دون وعي عن مسئولياتهم تجاه وطنهم الذي يحملون هويته وينتسبون إليه ويستظلون بظلاله وينعمون بخيراته ويستمدون منه الكرامة والعزة.
* فالحقيقة المُرَّة أن هذه السلبية المقيتة باتت تخيم بدرجات متفاوتة على أعداد غير قليلة من أبناء المجتمع، إما استسلاماً منهم للاتكالية واللامبالاة، أو لقصور في الفهم، أو رغبة في تصفية بعض الحسابات السياسية، أو لجهلهم باستحقاقات المواطنة وما تفرضه عليهم من التزامات تجاه وطنهم غافلين أو متغافلين عن حقيقة أن من يستهدفون اليوم أمن الوطن واستقراره ومسيرته التنموية وتجربته الديمقراطية ويسعون إلى الإضرار بمصالحه العليا، إنما هم يستهدفون أبناء الشعب اليمني عموماً وكذا وجودهم وحقهم في الحياة الآمنة والمستقرة والعيش الكريم بمختلف تلاوين طيفهم السياسي والحزبي وتوجهاتهم الثقافية والفكرية وشرائحهم الاجتماعية، من دون استثناء أو تمييز لأحد على الإطلاق.
* وطالما أن جميع أبناء هذا الوطن تحت طائلة استهداف أولئك الإرهابيين والمخربين والحاقدين والمأجورين وأزلام ومخلفات عهود الكهنوت والاستعمار، يصبحُ من المخجل أن يتدثر البعض منابلبوس الاتكالية واللامبالاة والأنانية الذاتية ويسقط من اهتماماته وأولوياته غيرته على وطنه!!.
* أليس من المعيب أيضاً أن يتوارى البعض خلف مصالحه الشخصية أو أهوائه الحزبية أو حساباته الضيقة، أو أن يلجأ إلى اختزال دوره ومسئولياته نحو وطنه في التذمر والتبرم والمزايدات وإطلاق الاتهامات ونعت أجهزة الدولة بالتقصير وتحميلها كل أعباء تلك التحديات، فيما هو يقف متفرجاً أو متربصاً أو متشفياً، تطغى عليه السلبية من رأسه حتى أخمص قدميه؟!!.
* وما دمنا نتحدث عن الوطن والتحديات التي يجابهها، فإن الحديث لابد أن يكون صريحاً وشفافاً وواضحاً ومباشراً، فالحق أن من يزايدون اليوم ويطلقون الاتهامات جزافاً والمزايدات المغرضة، كان عليهم أولاً أن يسألوا أنفسهم ماذا قدموا من أجل هذا الوطن؟ وما هو الدور الذي قاموا به والمساندة التي قدموها للأجهزة الأمنية في معركتها ضد عناصر الإرهاب والتطرف من تنظيم "القاعدة"؟!!.
هل أعانوا الأجهزة الأمنية في ملاحقتها لتلك العناصر الإرهابية والقبض عليها أم أنهم الذين أغمضوا عيونهم وكأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد؟!!.
وما الذي ساهموا به أو بذلوه من أجل إخماد فتنة التمرد "الحوثية" في محافظة صعدة وحرف سفيان؟ هل حملوا بنادقهم واتجهوا للانضمام إلى صفوف الجيش والأمن من أجل درء العدوان عن المواطنين في صعدة الذين أراد الحوثيون تحويلهم إلى سخرة لهم وفرض الوصاية عليهم وإجبارهم على أداء الزكاة والطاعة لهم ومنحهم الخُمس من أموالهم عنوةً باعتبار ذلك حقاً إلهياً لهم؟!!.
أم ظلت بنادق أولئك المزايدين مُنكسةً على أكتافهم، يجولون بها أو مرافقيهم للتباهي والتمظهر الكاذب؟!!.
* وماذا صنع هؤلاء المزايدون، وماذا اتخذوا من المواقف لإيقاف عبث الخارجين على الدستور والنظام والقانون الذين أخافوا الطريق الآمنة، وروعوا الأطفال والنساء، ونهبوا الممتلكات العامة والخاصة، وقتلوا النفس المحرمة وسفكوا دماء الأبرياء على أساس جهوي أو مناطقي، وأهلكوا الحرث والزرع، وهتكوا الأعراض؟!
وهل كان بإمكان هؤلاء القتلة واللصوص الإقدام على اقتراف كل تلك الجرائم البشعة واستمراء ارتكابها لو أنهم جُوبهوا بالزجر والردع من كافة أبناء المجتمع!! بالطبع ما كان لكل ذلك أن يحدث لولا سلبية البعض منا.
* وعليه فإن الأمانة تقتضي أن يدرك الجميع أن مسؤولية الحفاظ على هذا الوطن وأمنه واستقراره وحمايته من دُعاة الفوضى وعناصر الإرهاب وضعاف النفوس والحاقدين الذين أعمى الله أبصارهم وبصائرهم، هي مسؤولية جميع أبناء الوطن.. بل أن ذلك هو واجب ديني وأخلاقي ووطني على كل يمني.
فمتى يعي أولئك المزايدون والسلبيون، أن لاعزة إلا بعزة الوطن ولا منعة إلاَّ بمنعة الوطن، ولا كرامة إلاَّ بكرامة الوطن، ولا إيماناً لا يسبقه الإيمان بقيم المواطنة وحب الوطن والإخلاص له قولاً وعملاً، وظاهراً وباطناً.
ومن لا خير فيه لوطنه لا خير فيه لنفسه وأهله ومجتمعه وأمته!!