العيد ولغة الأرقام..
الخميس, 20-مايو-2010
حسن اللوزي -
إن قمة البلاغة العصرية تتحدد اليوم في لغة الأرقام.. وهي أساس كل المعادلات التي تصنع انتصارات الحياة العلمية والعملية وترسخ اليقين بتواصل تلكم الانتصارات والمثال الواضح لقياس التطور يتسنى لكل متابع في النسب المتصاعدة للتطور الحقيقي لأي مجتمع ناهض جديد في كل المجالات والميادين حيث ترتبط أيضاً بما تحقق محسوباً بالعدد وبلغة الأرقام الواضحة والصريحة. ولاشك أن وطن الثاني والعشرين من مايو قد ترسخ وجوده في هذا الزمن وفي قلب العصر الرقمي الذي نعيشه لأنه صار يتحدث بلغة الأرقام والإحصاءات.. وفي حسابات ما هو له تبدو النتيجة في صورة المعجزات ولا نقول المنجزات الكبيرة فحسب وهذه الحقيقة يجدها الإنسان بسهولة ويُسر عندما يطالع النتائج التي أسفرت عنها عملية التنفيذ للخطط الخمسية الثلاث والإنجازات التي تحققت في الواقع وفي كافة محافظات الجمهورية خلال العشرين السنة الماضية وكثير من تلك الإنجازات تم تحقيقها خارج الأهداف التي كانت مرسومة في تلك الخطط وبرغم أنف كل التحديات والمؤامرات وبذلك التمويل الذاتي المحدود إلى جانب صور التمويل الخارجية التي كانت محتملة عند إعداد الخطط الثلاث فضلاً عن المعوقات خارج الإرادة الوطنية التي حالت دون استثمار عدد من التمويلات بالقروض والمساعدات غير أن الرقم الأوضح في التجلي الإيجابي لتحقيق المنجزات الإنمائية يتجلى اليوم في استثمارات القطاع الخاص اليمني في الداخل ومن الخارج وأكبر شاهدٍ على كل ما تقوله الأرقام عدد المشاريع التي تم ويتم افتتاحها في هذه الأيام المباركة في كنف احتفالات شعبنا وبلادنا بالعيد الوطني العشرين لقيام الجمهورية اليمنية ولانطلاقة مجتمع الحرية والديمقراطية لكل قسماته المعبرة عن ماهية وشخصية الوطن اليمني الواحد ونظامه السياسي الديمقراطي الجديد بل والمتجدد. إن قيمة المشاريع التي تم ويتم افتتاحها ووضع حجر الأساس لها من قبل فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وأخيه عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية والدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء وكبار المسئولين في كل محافظة من محافظات الجمهورية تجاوزت أرقامها المليارات بل وتعدت الترليون في محافظة حضرموت وحدها وكانت هذه الأرقام وفي زمن سابق من قبيل الأحلام حيث كنا لا نتحدث إلاّ في حدود مئات الملايين ولا صلة لما نقول بقيمة العملة الوطنية مقابل الدولار.. فالتغيرات مازالت لصالح تماسك الاقتصاد الوطني الذي لم يدعم بعد بمضاعفة الإنتاجية الوطنية. إذاً فإن المستوى العالي الذي بلغته الأرقام المنفقة على تنفيذ المشاريع في حد ذاتها تُمثل تعبيراً صادقاً عن حجم التطور الذي يرسم مشهد التغيير في المجالات الخدمية والإنتاجية وفي إقامة المشاريع الاستراتيجية منها بشكل خاص فضلاً عن الزيادة المضطردة في عدد المشاريع المنفذة في مجالات البنية الأساسية وفي مقدمتها مشاريع الطرق والكهرباء ومشاريع التنمية البشرية بشكل عام ومشروع المشاريع الاستثمارية المستقبلية المتمثل في بدء تصدير الثروة الغازية واستثمارها في إنتاج الطاقة الكهربائية. وهناك بين يدي المتابع اليوم الكتاب الوثائقي الإحصائي الهام الذي تُصدره وزارة التخطيط والتعاون الدولي حول مسيرة عشرين عاماً من الجهاد الأكبر في سبيل البناء والتنمية يُقدم الشهادة التاريخية المطلوبة بكل الدقة الإحصائية والرقمية والتي لايتسع المجال لتناولها تفصيلاً هنا وخاصة وأننا لابد أن نشير في تناول موضوعنا إلى الترابط الوثيق الذي تلازم مع الإنجازات التنموية في مجال تجويد الممارسة الديمقراطية والتوسع في إقامة مؤسسات المجتمع المدني وهي المظهر العصري والإيجابي لدولتنا العصرية الذي يفصح عن حقيقة التعددية السياسية والثقافية التي يتكون منها نبض وحركة المجتمع اليمني الجديد المنفتح على كل آفاق النهوض والتطور والتفاعل والتلاقح والشراكة مع كل ما يدور في كوكبنا الصغير.. إذ لا يقتصر التعبير عن حقيقة الممارسة الديمقراطية في صورة الحرية المتاحة اليوم على أوسع نطاق في الترجمة العملية للأسس الدستورية السياسية والثقافية والاجتماعية أو في التطبيقات المتنامية لحرية الصحافة التي هي جوهر الممارسة لحرية التعبير والمشاركة الفكرية وإنما قبل ذلك كله تتجلى صورة المجتمع اليمني الحر وتكريس الإرادة الوطنية الحرة في الالتزام بمبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه عبر الوفاء بواجبات ومتطلبات النهج الديمقراطي الذي جعل من عملية الانتخابات العامة الحرة والمباشرة السبيل الأوحد لاختيار رئيس الجمهورية ولإقامة السلطة التشريعية ولبناء السلطات المحلية بما في ذلك انتخاب المحافظين وقيادات السلطات المحلية وانتخاب قيادات الاتحادات العامة والنقابات والجمعيات عبر جمعياتها العمومية ومن خلال التنافس الحر والاحتكام إلى صناديق الاقتراع. كما أن ذلك يتضافر مع الجهود النوعية التي تم ويتم بذلها في تعزيز بناء سلطات الدولة ومؤسساتها الدستورية التشريعية والرقابية والتنفيذية والقضائية وفي انجازات بناء المؤسسة الوطنية الرائدة القوات المسلحة والأمن مما لا يتسع المجال للخوض فيه. وجميع ما ذكرناه يُقدم البراهين والشواهد في كل الحقول والمجالات التي تؤكد على عظمة العطاء الوطني اللامحدود للوحدة اليمنية الخالدة خلال مسيرتها العشرينية الظافرة ودولتها الفتية المتماسكة وقيادتها الوطنية المقتدرة وبما يخرس ألسنة مرضى النفوس والحاقدين والمرتهنين لنوازع الكيد والنكران. ولكن تلك البراهين والشواهد قبل ذلك كله إنما تعزز الثقة العظيمة لدى كل المواطنين الأوفياء في قوة حاضر وطنهم الوحدوي الديمقراطي وسلامة نهجه ونظامه وفي حنكة وحكمة قيادته التي استطاعت أن تنتصر للشعب وبإمكانيات الوطن المحدودة على أكبر الصعوبات وأخطر التحديات. وفي مجمل ذلك تتأكد الحقيقة التي تعزز الإيمان بأن مستقبل يمن الثاني والعشرين من مايو اليوم وغداً هو ملك الشعب وبيده وملك مؤسساته الدستورية ويدار بإرادة الشعب التي تفصح عنها صناديق الاقتراع وهو الذي يواصل عبرها تشكيل صورة الوطن البديعة والمزدهرة وهو يتقدم بخطى ثابتة لبناء مشروعه الحضاري الجديد الذي صار يكمل عامه العشرين بكل الفتوة والعنفوان.. ذلك المشروع الذي صار يمتلك بلاغة الإفصاح بالحقائق والأرقام وليس بمجرد البيانات والكلام. 




نقلاً 
عن صحيفة الثورة