لماذا لم تدعُ القمة النووية إلى نزع أسلحة الدمار؟
السبت, 01-مايو-2010
عدنان السيد - قمة (الأمن النووي) في واشنطن هي الأكبر لأنها ضمت ممثلي 47 دولة، بينها ست دول عربية هي: المملكة العربية السعودية، مصر، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، المغرب، الجزائر .

أرادتها إدارة الرئيس الأمريكي أوباما لمتابعة تنفيذ برنامجه النووي الذي أعلنه قبيل انتخابه، والذي يتضمن احتواء التهديد النووي خلال أربع سنوات . بيد أن التهديد المشار إليه ظل محصوراً في (الإرهاب النووي)، وتحديداً في تنظيم القاعدة، كما أفصحت الإدارة الأمريكية .

السؤال الكبير الذي لم يجد جواباً منذ الحرب العالمية الثانية هو: لماذا تحتكر الدول الخمس، الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، السلاح الذري؟ ثم لماذا قُبلت كل من الهند وباكستان في النادي النووي العالمي؟

سيطر على القمة خطر وصول الأسلحة النووية إلى تنظيمات إرهابية، بعدما ظهرت 18 حالة لسرقة مواد نووية أو اختفائها منذ نهاية الحرب الباردة . وهناك مواد نووية منتشرة في 34 دولة، تنتج يورانيوم عالي التخصيب، بينها بلجيكا و”إسرائيل” وصربيا والمكسيك وبولندا وأوزبكستان وإيران وليبيا وتشيكيا .


الإدارة الأمريكية تستبعد اندلاع حرب نووية بين الدول، لكنها لا تسقط من حساباتها حصول عمل إرهابي نووي . وكان الرئيس أوباما دعا في القمة إلى تأمين المواد النووية التي قد يستغلها الإرهابيون لتصنيع قنبلة بإمكانها قتل مئات الآلاف، محذراً من أن العالم قد يشهد كارثة في حال حصول تنظيم القاعدة على سلاح نووي . وأضاف أنه “بعد عقدين على نهاية الحرب الباردة، نواجه سخرية قاسية للتاريخ، فمخاطر مواجهة نووية بين الدول اختفت، لكن مخاطر شن هجوم نووي ازدادت، والشبكات الإرهابية مثل القاعدة حاولت امتلاك مواد لتصنيع سلاح نووي” .


على وقع هذا الخطاب الأمريكي أصدرت قمة واشنطن وثيقتين حول الأمن النووي، وأهم المضامين هي:


1- الالتزام بتقوية الأمن النووي، وخفض تهديد الإرهاب النووي .



2- الإرهاب النووي هو أحد أكبر التحديات للأمن الدولي .



3- الإجراءات الأمنية النووية المشددة هي الطريق الأكثر فاعلية لتفادي حصول الإرهابيين، وأي طرف غير شرعي، على المواد النووية .



4- الانضمام إلى دعوة الرئيس أوباما بضمان أمن كل المواد النووية الهشة في السنوات الأربع المقبلة، والعمل معاً من أجل تحسين الأمن النووي .



5- ضمان أمن كل المواد النووية، وبينها تلك التي تستخدم في صناعة أسلحة نووية، والمنشآت النووية الخاضعة لنفوذ الدول المشاركة .



6 -التأكيد على أهمية عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحفاظ على الهيكلية المناسبة للوكالة ومواردها وخبرتها .



7- تعهد الدول المشاركة بنشر ثقافة الأمن النووي، وتطوير التكنولوجيا والتدريب، وخصوصاً في دول لا تملك هذه الموارد في إفريقيا وشرق آسيا .



8- إعلان كل من تشيلي وكندا وأوكرانيا نقل اليورانيوم العالي التخصيب إلى منشآت ذات حماية مكثّفة في الولايات المتحدة وروسيا .



اللافت في قمة الأمن النووي، غياب “إسرائيل” تجنباً للإحراج عند الحديث عن شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، كما طرح وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط .



وعندما سُئلت وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون عن سبب غياب “إسرائيل”، حاولت تبرير هذا الغياب من دون أن تحمّلها أية مسؤولية عن وجود أكثر من مائتي رأس نووي في الدولة العبرية .



لم تتضمن خلاصات قمة واشنطن دعوة إلى خفض السلاح النووي أو نزعه في الدول الكبرى . هذا على الرغم من توقيع روسيا والولايات المتحدة معاهدة (ستارت 2) في العام الماضي، التي تعتبر امتداداً لمعاهدة “ستارت 1”، اللتين تقضيان بخفض الترسانة النووية في كل من البلدين . وما بقي من السلاح النووي عند كل منهما كافٍ لتدمير العالم .



وعند الحديث عن التشدّد تجاه أي طرف (غير شرعي) للحيلولة دون حصوله على المواد النووية، يدور البحث حول شرعية أو عدم شرعية امتلاك المواد النووية عند هذه الدولة أو تلك؟



صحيح أن القانون الدولي يتيح الحصول على مواد نووية للأغراض السلمية، لكن ما هي حدود تخصيب اليورانيوم لإنتاج القنبلة الذرية؟ ومن يعطي الشرعية لمجموعة دول منتصرة في الحرب العالمية الثانية كي تنتج السلاح الذري وغيره من أسلحة الدمار الشامل؟



إن معالجة الملف النووي تفترض وجود إرادة دولية جماعية، بدءاً من الدول الكبرى، للوصول إلى عالم خالٍ من أسلحة الدمار الشامل . ولا بد من تحمّل المسؤولية الدولية في هذا المجال إذا كان الهدف الأساس هو حفظ السلم والأمن الدوليين . 



نقلاً عن "الخليج"
* كاتب ووزير لبناني