العرب وصمت القبور تجاه تهويد المقدسات
الثلاثاء, 02-مارس-2010
د/عبدالعزيز المقالح - في حوار طويل مع عقل عربي من بقايا العقول النـزيهة الحكيمة التي لم يمسخها غبار العولمة وتشويهات زمن الديمقراطية المحمولة على الدبابات تمت قراءة الواقع العربي من زواياه المختلفة، وتطرق الحوار إلى واحد من الموضوعات المسكوت عنها، والذي يتجلى في التناقض الواقع بين تهور الأمس وأناة اليوم وغياب الحكمة بين الموقفين.
يرى صاحبي أن الأمس كان أجدر بالأناة، والتعامل مع الأحداث والآخرين بالمنطق الهادئ والتبصر الشامل. فقد كان الاحتلال في مرحلة انحسار، إن لم يكن قد انحسر تماماً بينما الوقت الآن بمستجداته الخطرة هو الأحق بالاندفاع والمغامرة بكل أشكالها، فلم يبق شيء يدعو إلى المنطق والتبصر ، مع الاستمساك بالحكمة إذ لا غنى عنها في حياة البشر مهما كانت الظروف والاعتبارات. لكن الحكمة لا تعني بحال النـزول عند كل ما يطلبه العدو الذي يتحدى ويصل به الغرور وصلف المواجهة إلى درجة فرض رغباته المتعارضة مع صون المقدسات ومبادئ السيادة والاستقلال والإملاءات المصحوبة بكم هائل من التهديدات المعلنة والمبطنة والتي من شأنها أن تستفز مشاعر كل أبناء هذه الأمة التي قدمت في تاريخها القريب أعظم التضحيات للخلاص من الاحتلال في شكله البائد القائم على الاحتلال المباشر.
لقد عاش العرب في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته حالة من الاندفاع الذي كان - أحياناً - يلغي منطق العقل، وبلغ في بعض المواقف درجة الهوس والاعتذار المبالغ به بالذات المصحوب بعدم تقدير الأمور. وهم الآن في حالة عكسية تماماً يتراجعون ولا يندفعون، يركعون ولا يتهورون، وصاروا يميلون إلى الاستسلام في ظل ما يسمونه بالتعقل وضبط النفس وما يرافق هذا الموقف المهين من إذلال وسحق للذات ، وذلك لكي يُظهروا أمام العالم الذي لا يعطيهم أدنى اهتمام أنهم عقلاء ومسالمون ويعملون على توفير المناخات الملائمة لحل المشكلات الساخنة، وإعطاء الفرصة بعد الأخرى لمن يريد، أو يستطيع، أن يتدخل لإطفاء الحرائق المشتعلة منذ أكثر من خمسين عاماً وفي مقدمتها وأهمها الحريق الفلسطيني.
وهذا التناقض الحاد بين ما كان يحدث بالأمس وما يحدث اليوم يكاد يكون السمة الأوضح في واقع السياسة العربية لدى كل الدول العربية دون استثناء. إن سلامة الأوطان والدفاع عن الحق المستلب لا يكون بالاستفزاز والصوت العالي كما كان بالأمس، ولا يكون بالاستسلام وغياب الصوت تماماً كما هو الحال اليوم. ويبدو أن بعض القيادات السياسية في الوطن العربي لم تفقه شيئاً من علم السياسة والدفاع عن المصالح الوطنية والقومية، وأن رياح التغيير، التي يأخذها المد تارة نحو اليسار وأخرى نحو اليمين، تحتاج إلى وعي حقيقي لمجريات الأمور ونتائجها. والأمثلة على هذا التناقض كثيرة ولا حاجة هنا إلى إيراد مثل واحد منها حتى لا يعتقد القارئ أنه أهمها، فهي كلها على قدر من الأهمية ، ومن شأن استحضارها كاملة والتفكير فيها بموضوعية أن يعكس السياسة العربية الراهنة رأساً على عقب وأن يجعل العرب يستعيدون - وفي أقل وقت من الزمن - احترامهم المفقود لأنفسهم واحترام الآخرين لهم .
لقد كان أبو الطيب شاعر العرب الحكيم يضع النقاط على الحروف وهو يتحدث عن خطورة "وضع الندى في موضع السيف" وعن "وضع السيف في موضع الندى" وما يكشف عنه مثل هذا الفعل الغبي من تناقض في طريقة استخدام القوة في غير موضعها، والكرم في غير موضعه، وما يترتب على الحالة الأخيرة من إعطاء عدو الأمة الفرصة الأخيرة للإجهاز على ما تبقى من فلسطين. وما الخطوات الخطيرة التي اتخذها رئيس وزراء هذا الكيان (النتن ياهو) في ضم بعض المقدسات الإسلامية لتدخل ضمن الموروث الصهيوني إلاَّ الصفعة الأكبر والأخطر في وجوه كل العرب حاكمين ومحكومين ، وقد حدث هذا على مرمى أسابيع قليلة من مؤتمر القمة العربية المزمع عقده في نهاية هذا الشهر ليكون شاهداً آخر على قممٍ لا تعكس في الواقع العربي سوى الضد من معناها.
المبدع سمير عبدالفتاح في رواية جديدة:
شيء رائع جداً أن يوجد هنا في بلادنا مبدع مهنته الوحدة والإبداع ولا تغريه الضوضاء وما تضج به الشوارع والمجالس العامة والخاصة من مهاترات وصراعات على الفراغ!! هذا المبدع هو سمير عبدالفتاح القاص والروائي والمسرحي الذي يُقدِّم في كل عام جديداً في هذا المجال أو ذاك، وكانت رواية "نصف مفقود" الحائزة على جائزة مجلة دبي هي أحدث إصداراته البديعة.
الرواية من منشورات مركز عبادي للدراسات والنشر. وتقع في 394 صحفة.
تأملات شعرية:
هي حرب البسوس
تنام وتصحو،
تكبّد أطفالنا ومرابعنا
البؤس والحسراتْ.
كفانا حروباً وأضرحةً
والعدو على الباب
يسرق أحلامنا ويصادر أفراحنا
ويرينا صروفاً ثقالاً من الموت
قبل الممات.