باكستان.. مهمة شائكة ومستقبل غامض!
السبت, 23-أغسطس-2008
BAKSTAN1
أحمد محمد الشرعبي - المناطق الجبلية الشديدة الوعورة الممتدة من جنوب شرق أفغانستان إلى الشمال الغربي هي مناطق تقطنها قبائل البشتون، وهذه المناطق التي دعت أميركا واستراليا باكستان إلى تشديد المراقبة في مناطقها الحدودية مع أفغانستان كونها مرتع لنشاطات مقاتلي طالبان. وصدر ذلك النداء في مؤتمر صحافي مشترك عن وزير الخارجية الاسترالي ستيفن سميث ونظيرته الأميركية كوندليزا رايس في أستراليا قبل أسبوعين ونيف من اليوم.
وعموماً قد تتفاوت وجهات النظر الأميركية حول ما إذا كانت باكستان مركزاً للإرهاب أم أنها مجرد ملاذاً آمناً؛ المهم أن هذه الدولة النووية تمر بفترة عصيبة منذ ثلاثة أعوام عندما بلغت المواجهات بين جيش الحكومة ورجال القبائل حداً من الخطورة بحيث بات يهدد السلم الاجتماعي في الدولة، ولأن رجال القبائل المتمنطقون لأسلحتهم في باكستان هم أيضاً من أبناء عمومة ذات الرجال في أفغانستان، نجد أن كلا المنطقتين المشتركتين لدى قبائل البشتون تتأثر بما يجري هنا أو هناك.
و عند حدوث انفجار في 31 كانون الثاني/ يناير 2008 لعبوة ناسفة قرب القنصلية في هرات غرب أفغانستان، تتجه الإدارة الأميركية إلى إلقاء اللوم على الحكومة الباكستانية، إذ تفترض الأولى أن على الأخيرة أن تغلق حدودها في وجه البشتون الأفغان الذين يعتبرون عماد حركة طالبان الأفغانية أو الباكستانية.
ويتهم التحالف "إسلام أباد" بعدم حماية الحدود المشتركة، بالإضافة إلى تمويل إرهابيين ينشطون في أفغانستان وتدريبهم وتجنيدهم. وسبق وأن حذرت وزارة الدفاع الأميركية من تزايد مخابئ القاعدة في منطقة القبائل الباكستانية الخاضعة للحكم الذاتي، وأكد التقرير المرفوع إلى الكونجرس على تزايد الظاهرة رغم إرسال باكستان لثلاثين ألف جندي على الحدود.
وقد حمل الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في الآونة الأخيرة على أجهزة المخابرات الباكستانية المسئولة عن أعمال العنف في أفغانستان منذ عدة أسابيع خاصة ، مستذكراً العملية الانتحارية التي استهدفت السفارة الهندية في كابول عندما قتل 41 قتيلاً في 7 تموز/ يوليو الماضي، خاصةً وأنه الهجوم الأكثر دموية في العاصمة الأفغانية منذ الإطاحة بنظام طالبان نهاية 2001.
أما بخصوص طالبان فإنها ترى في الحكومة الباكستانية نظاماً موالياً للاحتلال وحجر عثرة في وجه مد إخوانهم. وتبعاً لذلك تبدو المواجهات المتصاعدة بين الجيش الباكستاني وطالبان باكستان تعطي أكثر من مؤشر خطير على مدى ما وصلت إليه الأوضاع من عدم الاستقرار، وخطورة أن يمتد ذلك إلى المدن من مناطق القبائل.
إن العمليات في أفغانستان تزايدت مع بدء المفاوضات مع المتشددين المسيطرين على أغلب المناطق الجبلية في باكستان، وسارعت باكستان بإيفاد وزير خارجيتها إلى كرزاي لطمأنته من أن اتفاقات الأولى مع طالبان الباكستانية لن تفضي إلى ما تتذرع به الحكومة في أفغانستان.
إنها المسألة الجدلية القائمة منذ الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر بين الأمن والإرهاب تترك ظلالها على ما يجري في باكستان وإنهاء وجود طالبان كحركة حاكمة في أفغانستان، إلا أن مسألة الحل العسكري الأميركي لا يزال في قائمة الحلول، طالما أن السلاح الذري الباكستاني يخضع لأفضلية الحكومة العلمانية ومسألة مدى إقصاء الإسلاميين عن منصة الإطلاق الذري.
لكن الإسلاميين، سواء طالبان باكستان أو غيرها، يبدو انهم أشد تأثيراً في المجتمع الباكستاني أكثر من العشرة مليارات دولار التي قدمتها أميركا لأجل دعم مجهود الحكومة الباكستانية لتثبيت جدلية الأمن في مواجهة الإرهاب، وهو ما يجعل المهمة المقبلة للحكومة الباكستانية في كيفية التعامل مع النظرة الأميركية المتوجسة من السلاح الباكستاني، ومدى تأثير تصاعد التعاون بين كل ٍمن طالبان باكستان وأفغانستان وتأثيره على تنامي شعبية المتشددين في كلٍ من الجيش والشعب الباكستاني.أضف إلى ذلك أن الوضع السياسي الداخلي في باكستان سيزداد تعقيداً بعد رحيل مشرف عن السلطة، وبالفعل باكستان تغلي اليوم تحت وطأة التناقضات والصراعات الداخلية على السلطة، والخارجية على دور باكستان وموقعها الإقليمي والدولي في إطار الحرب على مايسمى (الإرهاب). اذن من الواضح أن الخريطة السياسية في باكستان غير واضحة المعالم؛ ولكن الواضح جداً أن مستقبل باكستان في ظل التطورات الأخيرة يبدو أشد قتامة.