حوار على قاعدة الثوابت
الجمعة, 22-يناير-2010
كلمة صحيفة الثورة - في أكثر من فعالية ولقاء أكدت القيادة السياسية بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الحرص على مشاركة جميع القوى السياسية في عملية الحوار، لمناقشة القضايا التي تهم الوطن، والخروج بالحلول والمعالجات الكفيلة بتجاوز التحديات والأخطار التي يجابهها الوطن في المرحلة الراهنة، وخلق اصطفاف وطني ينهض بهذه المهمة الوطنية، انطلاقاً من إدراك واع ومسؤول بأن الوطن ومصالحه العليا وثوابته ودستوره ووحدة أبنائه وأمنه واستقراره ورفعته وتقدمه وتطوره هي القواسم الجامعة لكل اليمنيين - سلطة ومعارضة أحزاباً ومنظمات مدنية.. أفراداً وجماعات- فمتى ما التقت الإرادات عند هذه الأسس، فإن أي اختلافات أو تباينات في الرؤى ووجهات النظر، من السهل تجاوزها على طاولة الحوار والمناقشات وعمليات التقويم والإقناع والتفاهم ومقارعة الحجة بالحجة، والوصول إلى أفضل السبل الكفيلة بتأصيل ثقافة الحوار، وترسيخ القيم الديمقراطية، وتعزيز مرتكزات الشراكة الوطنية لخدمة كل ما هو وطني عام يسهم في الارتقاء بالواقع اليمني، في مختلف المجالات والأصعدة.
وإذا كنا نتفق على أن الحوار هو أفضل الخيارات وأنجعها لبلوغ الأهداف، وحلحلة معوقات التقدم في العملية السياسية وإزالة ما قد ينجم عن الممارسة الديمقراطية والتعددية من تصادم في الرؤى، فإن من الموضوعية أن نكرس هذا الشعور من خلال الممارسة والالتزام بمفهوم الحوار والتجاوب مع كل دعوة إليه بروح صادقة ونوايا سليمة مبرأة من كل الأهواء والرغبات والأطماع والشروط المسبقة، التي من شأنها إعاقة التوافق على مبدأ الحوار والآليات الموصلة له.
ولأن ما نبتغيه هو حوارٌ جادٌ ومسؤول وليس "حوار الطرشان" فإن من الضروري أن تتوفر القناعة لدى الجميع بأن أي حوار لا يقوم على الثوابت الوطنية إنما هو الذي سينزلق بالوطن إلى مصير مجهول، وأن أي حوار يسمح بالتماهي مع الدعوات المشبوهة للعصابة التخريبية الدموية بمحافظة صعدة، أو مع أولئك الخارجين على النظام والقانون، الذين يسعون إلى إعادة تقسيم الوطن وتشظيته أو تلك العناصر الإرهابية المتطرفة في تنظيم القاعدة المهووسة بأعمال القتل وسفك الدماء وإشاعة الخراب والدمار، ليس سوى حوار يشرعن لمظاهر الانفلات والفوضى والسلوكيات الإجرامية، بما يضع الوطن على كف عفريت وعلى فوهة بركان كارثي، لا يعلم إلا الله نهايته والمآسي والويلات التي سيخلفها.
ولذلك فإن من يريد حواراً لا تكون مرجعيته الثوابت الوطنية إنما يسعى إلى إفشال الحوار والانحراف بمقاصده، وتحويله من وسيلة للوئام والتوافق والبناء، إلى أداة للتمزيق وتوسيع شقة الخلافات، وتعميم الفوضى في الوطن، وتمكين أصحاب المشاريع الصغيرة وعصابات الإجرام والإرهاب والارتزاق والعملاء الذين ينفذون أجندات خارجية من بلوغ أهدافهم الدنيئة والمقيتة والانزلاق بالوطن إلى الجحيم.
وفي هذا الوقت تحديداً، الذي تواجه فيه اليمن الكثير من التحديات فإن الواجب يتطلب من كل وطني مخلص لوطنه، التصدي لأي نوع من أنواع التلاعب بالقضايا الوطنية، وعدم الارتكان للطروح التي تتدثر بالشعارات البراقة والعبارات المعسولة والمخادعة، فيما هي في الحقيقة تهدف إلى إشعال الفتن وإذكاء الخلافات، وتقديم التبريرات للخونة في الداخل والمتربصين في الخارج لتنفيذ مخططاتهم والنيل من سلامة وأمن واستقرار اليمن، بحيث يصبح هذا الوطن هدفاً ومطمعاً لكل قوى الشر والعدوان.
ومن منطلق الديمقراطية ذاتها وشروطها القائمة على احترام الرأي والرأي الآخر، فإن أي حوار لا يستند إلى قاعدة الالتزام بالثوابت الوطنية والدستور والقانون، إنما يمثل انتهاكاً صارخاً للديمقراطية وفكرها ومرجعياتها وشرعيتها المعبرة عن إرادة الشعب، إذ أن من لم يلتزم بالديمقراطية، يستحيل أن يكون مؤمناً بمبدأ الحوار حتى وإن تقمص رداء الديمقراطية فإنه الذي يسلك طريقاً مغايراً لها، لأن ما يتمناه هو ديمقراطية الفوضى والانفلات والخراب والدمار وإحلال شريعة الغاب، ليسهل له النهش في جسد هذا الوطن، والانتقام منه وتمزيقه إلى أشلاء.
وهو الشيء الذين لن يسمح به هذا الشعب الذي أصبح قادراً على التمييز بين قوى الخير والشر وبين من يريدون له الحياة الكريمة ومن يتآمرون على حاضره وغده الذين يلهثون وراء مصالحهم ونوازعهم المريضة وحساباتهم الخاطئة دون إدراك منهم أن ما يتوهمونه لن يحصل أبداً وما يركضون وراءه ليس سوى سراب ولن يجنوا إلاّ الخيبة وسوء المآل.