ثقافة الحوار وقبول الأخر
الأربعاء, 20-يناير-2010
عباس عبدالرحمن حميد الدين - إن الحوار والتواصل دائما وأبدا هو الطريق الأمثل لحل كافة القضايا العالقة وهو البديل الصحيح عن فرض الرأي بالقوة، بالحوار نحافظ على التواصل والمحبة والسلام وبالحوار نعمق معاني الديمقراطية والتعاون فالحوار قيمة إنسانية دعنى إليها وحث عليها ديننا الإسلامي الحنيف وتبنتها المجتمعات كأسلوب حضاري للبقاء والتعايش بين أفرادها ومكوناتها السياسية والفكرية والثقافية.
واليمن وعبر تاريخه الإنساني قام على مبدأ الحوار والتواصل والاعتراف بالأخر وفي العصر الحديث كان الحوار هو المنطلق لبناء الدولة اليمنية الحديثة، أبتداءً من الثمانينيات التي شهدت أطول وأنضج فترة حوارية بين مختلف طوائف وتكوينات المجتمع أنتجت هذه الحوارات قيام
المؤتمر الشعبي العام وبعد الوحدة المباركة وقيام الجمهورية اليمنية كان ولا يزال تعزز الحوار والتواصل هو المنطق السائد لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
ومع بروز الإشكاليات القائمة تجددت الدعوة للحوار من الأطراف في الساحة اليمنية أبرزها الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية لكل أبناء الشعب اليمني للحوار للوصول إلى حلول ناجعة لكل المشاكل التي تواجه اليمن، ولعل الاستجابة لهذه الدعوة هو من الأمور المحتمة التي تستوجب من كل القوى السياسية التعامل معها بجدية وإيجابية وليس بهدف تحقيق مصالح خاصة وإنما من أجل درء الأخطار والمؤامرات التي تحاك ضد اليمن وتستهدف إسقاطه في وحل الصراعات والنزاعات التي لا سمح الله إن استمرت سوف يحترق بنارها الجميع.
أن قيم التسامح والتعايش وقبول الأخر المختلف أمر حتمي وحاجة أساسية وملحة ويجب العمل على زرعها وعرسها في نفوس وعقول الجيل الناشئ بل يجب أن تكون هي الثقافة السائدة في أوساط المجتمع بكافة فئاته العمرية وأطره الاجتماعية والسياسية لأن ثقافة الحوار والتسامح تسهم بشكل فعال في خلق جيل واعي وقادر على تحمل أعباء المسئولية وقيادة المرحلة القادمة بشكل إيجابي ومثمر كما أن هذه الثقافة تعد ترسيخاً صلباً لمعالم الوحدة الوطنية التي يستوجب قيامها على أساس من الثقة وبعيداً عن الهواجس وحسابات الربح والخسارة، وهذا ما يجب أن تضعه كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنخب السياسية والفكرية نصب أعينها في عملية الحوار لضمان الوصول إلى الحد الأدنى من التوافق الذي يكفل نجاح الحوار وانطلاقة بشكل أفضل.
ولنجاح الحوار لا بد من اتخاذ خطوات عملية تعزز المصداقية بين المتحاورين كما أنه يحب على كل الأطراف المعنية بالحوار إزالة الموانع واستبعاد العوائق حتى يصبح للحوار غاية وهدف، علاوة على ضرورة سعي الجميع خلق مناخات مواتية تشترك فيه وتتفاعل معه الثقافات والرأى المختلفة لحوار مثمر .
إن الاعتراف والإقرار بثقافة التسامح وقبول الأخر والاعتراف به هو أمر جيد ومرحب به نظرياً ولكن يجب أن يرافقه العمل والنضال من أجل ترسيخ قيمة هذه الثقافة وتطبيقها في الحياة اليومية بشكل يعود بالنفع والفائدة على الجميع دون استثناء.