الحوار صمام الأمان..
الأحد, 17-يناير-2010
بقلم الأستاذ/ محمد حسين العيدروس - من فضائل القرآن الكريم تهذيب السلوك على القيم النبيلة الواردة في آياته المحكمة والتي ينبغي التحلي بها في كل شأن من حياتنا، دونما استثناء لعمل سياسي او غيره، لأن تجريد السياسة من القيم الأخلاقية يعني هلاك المجتمع.
فعندما نقرأ سورة النمل، ويمر الذكر بسبأ يستوقفنا رد فعل الملكة بلقيس على رسالة نبي الله سليمان "عليه السلام" إذ يقول تعالى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ } صدق الله العظيم.
فهذه الحكمة التي تحلت بها ملكة سبأ لم تمنعها من تبادل الرأي مع الآخرين، والوقوف على الخيار الأصوب الذي يحفظ شعبها ويصون ملكها وهو ما يؤكد – أيضاً- عمق توغل الرأي والرأي الآخر، أي الحوار في ثقافة الشعب اليمني.
وأن من يطالع ويقرأ كتب السيرة النبوية يجد أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لم يجعل السيف منهجاً في دعوة الناس إلى الإسلام، بل أمتثل أمر ربه قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ...)، فيبادلهم الحجة بالحجة، والدليل بالدليل الأقوى من خلال حوار حكيم لا يرجو منه مصلحة لنفسه، وإنما يتخذه أسلوباً بالرسالة التي بعثه الله بها إلى البشرية لما فيها خيرها وصلاحها.. وهكذا نجح منطق الحوار في هداية الناس إلى الطريق القويم.
لهذا فإن قيمة الحوار البنَّاء والهادف للخير المنطلق من القيم الأخلاقية والفكرية، هو الذي يجب أن تؤطره ممارسات الأفراد والقوى الوطنية وهو ما اثبتته التجارب السابقة من تاريخنا اليمني.. فالحوار هو منطلق العملية الديمقراطية وبغير الإيمان به لن تكون هناك أية ديمقراطية، ولن يكون هناك أمن وسلام واستقرار، وحيث أن غيابه يعني حضور لغة العنف.
إن من تجارب الحوار الذي عاشها جيلنا لوجدنا أن عهد الاخ الرئيس علي عبدالله صالح لم يكن سيكتب له الاستمرار لولا إيمان الرئيس بالحوار ونواياه المخلصة، وهذا الإيمان جعله يراهن عليه في إعادة الأمن والاستقرار وتحريك عجله التنمية، والبناء، فجمع مختلف القوى في لجنة حوار وطني عام 1980م وأوكل إليها صياغة (ميثاق وطني) يمثل النهج الفكري والثوابت التي تلزم الجميع باحترامها.. وبالفعل نجح الحوار في تحقيق الوحدة الوطنية لأنه انطلق من رغبة صادقة ونوايا صادقة.
لا شك أن الحوار الايجابي القائم على قناعات راسخة هو أساس انطلاق شعبنا اليمني إلى تحقيق الكثير من غاياته الوطنية وفي ذلك إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الـ22 من مايو 1990م، وأصبح الحوار في بلادنا صمام الأمان الذي يحافظ على مسافة آمنه بين الجميع في التباينات والاشكاليات التي تطرأ بين أطراف العملية الديمقراطية.
كما أن الحوار ليس رهان الداخل وحده، بل الخارج أيضاً حيث أن ترسيم الحدود مع الشقيقة عمان والشقيقة السعودية أتى ثماره بفضل الحوار الايجابي..الخ
لقد ظل الحوار حاضراً في سياسية الاخ الرئيس/ علي عبدالله صالح، عالج من خلاله الكثير من الاختلالات، وتم اتخاذ الكثير من الإجراءات في ضوء ما يتمخض عنه أي حوار، وها هي دعوة الرئيس تتجدد لإجراء حوار وطني جاد ومسئول بين كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني يوم 30 يناير 2010م حول كافة القضايا السياسية التي تهم الوطن تحت سقف الشرعية الدستورية والالتزام بالثوابت الوطنية ولا سقف للحوار سوى الدستور وذلك لتحقيق الاصطفاف الوطني الواسع النافع للوطن وأبنائه، وقد حدد فخامة الرئيس أن يجري الحوار تحت قبه مجلس الشورى..
لهذا فإن من الأهمية أن الإيمان المسبق بالحوار والنوايا الصادقة والتعاطي مع القضايا المطروحة بصدر رحب وحسن نوايا، وصراحة، ومصداقية، وبضمير حي يضع مصالح الجماهير اليمنية فوق كل الاعتبارات والحسابات الأخرى، سيكون بمثابة جهد محسوب للجميع يصب فعلاً في تحقيق الاصطفاف الوطني الواسع لترسيخ الوحدة الوطنية وحماية المكتسبات التاريخية التي تحققت لبلدنا السعيد بإذن الله تعالى. 







بقلم الأستاذ/ محمد حسين العيدروس 
رئيس معهد الميثاق للتدريب والدراسات والبحوث - عضو اللجنة العامة