وسقطتْ أقنعةُ الإرهاب..!!
الأربعاء, 23-ديسمبر-2009
بقلم/ افتتاحية صحيفة الثورة: -

بعد اعتراف تنظيم القاعدة الإرهابي في بياناته وعبر العديد من عناصره المتطرفة، التي ظهرت علناً في بعض القنوات الفضائية ومنها قناة «الجزيرة» بأن العملية الاستباقية التي نفذتها أجهزتنا الأمنية قد استهدفت معسكراً لتدريب عناصره في محافظة أبين، لم يعد أمام أولئك الذين حاولوا استغلال هذه العملية الأمنية الناجحة لأهداف سياسية وانتهازية، في محاولة للتأثير على الرأي العام المحلي والخارجي سوى أن يدسّوا رؤوسهم في الرمال، وأن يتواروا خجلاً جراء ذلك التوظيف البشع والمقيت الذي كشفوا من خلاله عن أنهم يقفون على أرضية واحدة مع أولئك الإرهابيين، وأنهم بتباكيهم عليهم، قد جعلوا من أنفسهم حواضن لخلايا الإرهاب، أكان ذلك في صورة ما يسمى بالحراك، الذي يتآمر على الوحدة ويسعى إلى إعادة تمزيق الوطن، أو في الوجه القبيح لشرذمة التمرد والتخريب الظلامية والكهنوتية في محافظة صعدة.
وإذا كان لا عجب أن يلتقي الدمويون على أرضية واحدة، فإن الأغرب من ذلك، أن يندفع البعض لدوافع سياسية أو حزبية إلى التماهي والتباكي مع القتلة والسفاحين، الذين أجازوا لأنفسهم قتل الأبرياء لمجرد القتل والتعطش للدماء.
والأبشع من هذا أن يجعل هؤلاء المأزومون والحاقدون والانتهازيون من أنفسهم غطاء لتلك العناصر الإرهابية إلى درجة أنهم ظهروا كمؤيدين أو متعاطفين، مع أولئك المجرمين، ولا وصف لمثل هذه الحالة سوى أنها نتاج لإفرازات مرضية تغلغلت في نفوس وعقول هذا الصنف من السياسيين والحزبيين، الذين يتلذذون بالإساءة إلى وطنهم على نحو صارخ ومستفز لمشاعر كل يمني.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا سارع هؤلاء إلى الصراخ والعويل والتباكي على العناصر الإرهابية التي باغتتها الأجهزة الأمنية بضربة قاصمة حالت دون تمكنها من تنفيذ مخططها الإجرامي الذي أرادت به قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين اليمنيين، وتدمير العديد من المنشآت والمرافق العامة وإصابة الوطن في مقتل؟!
وأي موقف كانوا سيتخذون لو أن عناصر الإرهاب تمكنت من إحداث تلك الكارثة، وارتكاب تلك الجرائم والجنايات المؤلمة والمأساوية؟!
والمخجل في الأمر أن نجد من يدعي انتماءه لهذا الوطن يتباكى بحرقة على عناصر احترفت القتل والتدمير، فيما يتساهل ولا يلقي بالاً لسلسلة من البشاعات والفظاعات التي اقترفتها عناصر الإرهاب بحق يمنيين سقطوا ضحايا الحقد الإرهابي.
وبماذا يمكن أن يبرر هؤلاء الانتهازيون مواقفهم، التي تطغى عليها المراهقة والمفاهيم المتعرجة، أمام ما أفصحت عنه الكثير من الحقائق والوقائع الدامغة، الدالة على التحالف الوثيق بين العناصر الانفصالية وتنظيم القاعدة، والتي ظهر فيها الأخير بمثابة الجناح العسكري لما يسمى بالحراك، وهو التحالف الذي بدا فيه دعاة الانفصال كمظلة لخلايا الإرهاب حتى يتسنى لها ممارسة جرائمها بحرية في اليمن والمنطقة؟
وأمام هذا الانحدار القيمي والأخلاقي والوطني، لا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير هذا التحالف، إلاّ بكونه تحالفاً للإرهاب جمع بين دفتيه منزوعي الضمائر والوطنية والقيم الدينية والإنسانية، وهؤلاء هم من يجب ان يرد عليهم المجتمع، باجتثاث ظاهرتهم الدموية وتخليص الوطن من شرورهم وامراضهم وعللهم وأحقادهم الدفينة، بعد أن ثبت أنه لا سبيل لعودتهم إلى جادة الصواب والاندماج في المجتمع كمواطنين صالحين، خاصة وقد ظل الباب مفتوحاً لهم للأوبة والتوبة، ولكن دون جدوى.
وعلى أولئك المتباكين أن يتخلوا عن مكابرتهم وعنادهم ويعترفوا بخطاياهم وآثامهم التي اقترفوها بحق أنفسهم أولاً ووطنهم ثانياً، حينما جنحوا للتماهي مع عناصر الإرهاب والدفاع عنها ليسيروا عكس التيار وفي تضاد مع الشعب اليمني الذي استقبل بارتياح ذلك النجاح الأمني الاستباقي في ضرب أوكار الإرهاب وإخماد مخططهم الإجرامي في مهده.
وعلى هؤلاء المتباكين استلهام ذلك الأداء الأمني البطولي الذي جنب وطننا وشعبنا كارثة محققة لو حدثت لكانوا أول من يكتوي بنيرانها وحرائقها المدمرة.
ومن المصلحة أن يعمل الجميع باتجاه بناء اصطفاف وطني لمواجهة آفة الإرهاب والتصدي لمخاطرها وسد الفجوات التي يمكن ان تتسرب منها أخطار هذه الآفة إلى أرضنا ومحافظاتنا ومدننا، ولما من شأنه تحصين اليمن من أي اختراق لعناصر الوباء السرطاني الذي لم تتوقف شروره عند حدود اليمن بل أنه الذي سيمتد إلى المنطقة إن لم يكن إلى كافة المجتمعات البشرية بمختلف أعراقها وأجناسها وأديانها ومِللها ونِحلها.
وليس لنا إلاّ ان نكون صفاً واحداً لتأمين وطننا ومجتمعنا من خطر هذه الآفة الخبيثة التي إذا ما عشعشت في أي بلد كان إلا وأصابته بالبلاء والمحن والمآسي والدمار الماحق.