تحولات نهضوية وانتصارات مجيدة
الأربعاء, 14-أكتوبر-2009
بقلم الفريق الركن‮/ ‬عبدربه منصور هادي - تطل‮ ‬علينا اليوم الذكرى السادسة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر والتي‮ ‬كانت من أبرز ملامح ووضوح الاتجاه المستوعب لشعبنا لتكامل الثورة خصوصاً‮ ‬أن انبثاقها العظيم قد جاء بسرعة قياسية بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي‮ ‬أطاحت باعتى نظام كهنوتي‮ ‬ورجعي‮ ‬متخلف وسحقت وإلى الأبد عهداً‮ ‬ظلامياً‮ ‬بائساً‮ ‬اعتمد على التجهيل والشعوذة واستغلال حاجيات الناس،‮ ‬والمعلوم أن رجالات ثورة الرابع عشر من أكتوبر كانوا قد أسهموا إسهاماً‮ ‬مباشراً‮ ‬وقوياً‮ ‬في‮ ‬الدفاع عن ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر وعلى مختلف الجبهات،‮ ‬وذلك ما أكد الحاجة إلى انطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر ويمكن للمؤرخ والمتابع أن‮ ‬يعي‮ ‬مدى الارتباط الوثيق من خلال مجريات الأحداث والأهداف التي‮ ‬كانت لليمن كله وليس لشمال أو جنوب،‮ ‬وهو ما كان واضحاً‮ ‬بانطلاق شرارة الرابع عشر من أكتوبر من جبال ردفان الأبية بعد أن كان مفجروها من المدافعين عن ثورة سبتمبر وذلك ما‮ ‬يؤكد الارتباط الوثيق والانسجام الكامل في‮ ‬الأهداف والتطلعات الواحدة للشعب اليمني‮ ‬كله بصورة لا تقبل المواربة أو التشكيك بهدف تخليص شعبنا اليمني‮ ‬الأبي‮ ‬من النظام الإمامي‮ ‬الجائر والمتخلف والاستعمار المفروض والجاثم من منطلقات‮ ‬يمنية وطنية ووحدوية أساسها الاستراتيجي‮ ‬والمبدئي‮ ‬الوصول إلى الوطن الموحد من أقصاه إلى أقصاه بصرف النظر عن أي‮ ‬حسابات سياسية أخرى‮.‬

إلاّ‮ ‬أن تقاسم النفوذ والتكتلات الدولية والحرب الباردة والنظريات الآيديولوجية كانت من أسباب استمرار التشطير بعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وحتى الثاني‮ ‬والعشرين من مايو عام تسعين من القرن الماضي،‮ ‬ولعل الذكرى السادسة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر تأتي‮ ‬اليوم وسط زخم وطني‮ ‬شعبي‮ ‬ورسمي‮ ‬رائع في‮ ‬مواجهة التحديات التي‮ ‬تبرز والتي‮ ‬تعودت عليها مسيرة الثورة في‮ ‬مختلف المراحل،‮ ‬واليوم تواجه العناصر الخارجة على القانون والنظام والدستور في‮ ‬بعض مديريات محافظة صعدة والتي‮ ‬أبت إلا أن تستمرئ في‮ ‬البطش والتنكيل والقتل المجاني‮ ‬وقطع الطرقات بطريقة همجية وإجرامية وغوغائية لا تعي‮ ‬من النظم الحياتية دينياً‮ ‬وأخلاقياً‮ ‬شيئاً‮ ‬وتناست هذه العصابة الإجرامية أن شعبنا قد تجاوز كل منغصات الماضي‮ ‬الإمامي‮ ‬البائد وقطع أشواطاً‮ ‬كبيرة لا‮ ‬يستهان بها في‮ ‬طريق النهوض وأصبحت معالم العصر الحديث ملموسة في‮ ‬كل مدينة وقرية ومنطقة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ولا‮ ‬يمكن إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وهذه سنن الحياة والتاريخ‮.‬
ونشير في‮ ‬هذه المناسبة إلى أنه‮ ‬يتم التحاق ما‮ ‬يزيد على نصف مليون تلميذ جديد في‮ ‬المدارس سنوياً‮ ‬ويتم بناء المئات من المدارس الأساسية والثانوية سنوياً‮ ‬أيضاً‮ ‬لاستيعاب ما قد‮ ‬يتجاوز خمسة ملايين طالب تزداد أعدادهم سنوياً‮ ‬بمئات الآلاف والتعليم العالي‮ ‬والأكاديمي‮ ‬في‮ ‬عدد من الجامعات أو لنقل عشرات الجامعات بمستويات عالية جداً،‮ ‬شبكات الطرق منطلقة من حوف‮ - ‬وصرفيت في‮ ‬أقصى محافظة المهرة إلى أقصى مناطق محافظات الحديدة‮ - ‬صعدة‮ - ‬مارب‮ - ‬الجوف وبما‮ ‬يقارب حوالي‮ ‬عشرين ألف كيلو متر والاتصالات الحديثة بكل تقنياتها وعلى مستوى عالٍ‮ ‬جداً‮ ‬وفي‮ ‬متناول الصغير والكبير والريف والحضر‮... ‬الخ آين هذا مما كان موجوداً‮ ‬قبل الثورة،‮ ‬نعتقد أنه لا مجال للمقارنة البتة ونؤكد بصفة قاطعة ومنطقية وواقعية أن هناك تحولات نهضوية متطورة على مختلف مسارات التنمية بشقيها الخدمي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬ينكرها أحد،‮ ‬ولا نجانب الحقيقة والواقع إذا ما أكدنا أن معظم تلك الإنجازات قد جاءت بعد قيام وطن الثاني‮ ‬والعشرين من مايو وإعلان الجمهورية اليمنية الفتية وقد حقق العقد الممتد من عام تسعين حتى عام ألفين ميلادية وبصفة خاصة منذ شهر مارس خمسة وتسعين قفزات نوعية في‮ ‬طريق وصول خيرات الوحدة المباركة إلى كل محافظة ومنطقة من أجل العمل على تعويض شعبنا عما فاته‮.‬

كما نستطيع القول بأن ما أنجز حتى اليوم منذ قيام وطن الثاني‮ ‬والعشرين من مايو قد حقق تحولات نهضوية كبيرة وبمعدلات فاقت التصورات‮.. ‬وذلك بعد أن سخرت كل الإمكانيات للبناء والتنمية بعد مراحل التشطير والتشرذم البائد‮.. ‬وعوداً‮ ‬على بدء فلابد من التذكير بأن ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة قد حققت في‮ ‬مستهل خطواتها انتصارات مجيدة بالقضاء على ما‮ ‬يزيد على عشرين سلطنة ومشيخة كانت مفروضة من قبل الاستعمار بخطط فرق تسد وخلق الكيانات المبعثرة،‮ ‬حيث كانت كل سلطنة أو مشيخة تمثل نظاماً‮ ‬مستقلاً‮ ‬عن الآخر مع الارتباط الوثيق بإدارة المستعمر،‮ ‬ومضت بعد ذلك ثورة الرابع عشر من أكتوبر على درب خلق الثقافة الوطنية ونبذ مخلفات الماضي‮ ‬وتحرير الإنسان اليمني‮ ‬بالتعليم والمبادئ الوطنية المرتكزة على إيضاح الهوية الوطنية والانتصار للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر بكل ما تتضمنه مبادئها وأهدافها وصولاً‮ ‬إلى تحقيق أكبر المكاسب الاستراتيجية في‮ ‬التاريخ اليمني‮ ‬المعاصر والمتمثل بإعادة الوحدة اليمنية المباركة وتصحيح مسارات التاريخ في‮ ‬أكبر عملية إصلاح اجتماعي‮ ‬واقتصادي‮ ‬وثقافي‮.‬

ويطيب لي‮ ‬في‮ ‬هذه المناسبة الغالية المتمثلة بذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر أن أرفع أزكى التحايا وأطيب الأمنيات إلى فخامة الرئيس علي‮ ‬عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي‮ ‬تحققت لليمن في‮ ‬ظل قيادته الحكيمة مكاسب ومنجزات عظيمة وكبيرة ومتعددة على مختلف صعد البناء والتطور‮.. ‬وكل عام والجميع بخير. 



*عن صحيفة الوحدة