دور الفضائيات التعليمي في زمن الأنفلونزا
الثلاثاء, 06-أكتوبر-2009
د/عبدالعزيز المقالح - يعاني إنسان اليوم على مستوى الكرة الأرضية أشكالاً من الحروب والكوارث والأزمات لا طاقة له على احتمال بعضها، فضلاً عنها مجتمعة . بعض ما يعاني منه هذا الإنسان مما صنعته يداه كالحروب والأزمات المالية ، وبعضها الآخر من صنع الأقدار الغاضبة، كالفيضانات والزلازل والعواصف والأوبئة . وتجاه هذا كله، يقف الإنسان عاجزاً حائراً، يتلفت مذعوراً لا سيما تجاه الكوارث التي تأخذ شكل العقاب الشامل، ولا تفرق بين غني وفقير وقوي وضعيف ، لكن الكوارث التي يصنعها الإنسان بيده لا يكاد يتحمل أعباءها ونتائجها المؤلمة سوى الفقراء، هؤلاء الذين كانوا وما يزالون تحت رحمة القوة الغاشمة ومعاناتهم لا حدود لها، ولا أمل في تخفيف ما يترتب عليها من تدهور في الأوضاع وسوء في مستويات المعيشة، وقلق دائم من مواجهة المجهول.
وتكاد أنفلونزا الخنازير في الوقت الراهن تمثل أخطر الكوارث التي بات الإنسان يعاني من مرارة مواجهتها، ويقال، إن هذا الوباء حصيلة مركبة من أنفلونزا الطيور وأنفلونزا البقر وأنفلونزا الكلاب ، ويمكن له أن يتطور في شكل وباء عالمي كاسح يقضي على ثلث سكان العالم . وإذا كان الأغنياء قد سارعوا إلى حماية أنفسهم بمختلف الوسائل الممكنة، ومنها التطعيم السريع بلقاح جديد، فإن فقراء العالم سيكونون هم ضحايا هذا الوباء المفترس، وليس أمامهم سوى الأخذ بأسباب الوقاية ما أمكنهم ذلك ، وفي مقدمة تلك الأسباب تجنب الزحام ومراعاة الحد الأدنى من تعليمات منظمة الصحة العالمية، كالنظافة والابتعاد عن العادات السيئة في التقبيل والعودة إلى التحية التقليدية برفع اليد، أو الاكتفاء بالمصافحة .
وأتابع منذ أسابيع أحاديث المعنيين بشأن الصحة العامة في الأقطار العربية عامة وفي بلادنا خاصة ، ومما لفت انتباهي الخلاف الدائر حول موضوع العام الدراسي في المدارس والجامعات ، وهل يمكن البدء بإرسال مئات الآلاف من التلاميذ والطلاب إلى المدارس والجامعات؛ قبل اتخاذ الاحتياطات الممكنة لتفادي الوقوع في الخطأ ، خطأ المغامرة أو المقامرة بحياة التلاميذ والطلاب، وخطأ توقيف الدراسة إلى أجل غير مسمى، ولا أحد يريد أن يتحمل المسئولية. إن التردد قائم ووارد، والرغبة في تأجيل الدراسة لأسابيع أو لشهور من اقتراحات وزارة الصحة التي تخشى - لا سمح الله - أن يفتك الوباء بالعشرات أو المئات ، أما وزارة التربية فهي ترى أن لا مناص من بدء العام الدراسي في موعده، والاعتماد على الله وعلى المناعة المكتسبة التي تحمي التلاميذ والطلاب من الوقوع في براثن هذا الوباء المفترس.
وهناك مقترحات عديدة أفضلها وأقربها إلى التنفيذ، هو التدريس عن بعد ، واستخدام القنوات الفضائية لساعات محددة من النهار لتوصيل المعلومات المقررة في المنهج إلى التلاميذ في منازلهم، في المواد العلمية بخاصة ، وفي إمكان جميع التلاميذ متابعة دروسهم عن طريق تلفزيونات المنازل ، والذين لا يمتلكون هذه الوسيلة تستطيع الوزارة توفير مراكز في الحارات أو المدارس مزودة بشاشات واسعة لها ، وسيكون عدد الطلاب المستفيدين في المدرسة أقل ، وهذه الوسيلة سوف توفر للتلاميذ متابعة أفضل من تلك التي توفرها الفصول المكدسة بالمئات . والأمر نفسه يمكن تطبيقه على طلاب الجامعات ، وتوفير المدرسين المتميزين في التعليم العام والجامعي، ولا يشكل أية صعوبة تذكر إذا حسنت النيات وتم الاتفاق على هذا الاختيار الممكن والوحيد، والذي تبرأ به ذمة المسئولين في مختلف الجهات المعنية بالشأن العام، من الصحة إلى التربية فالإعلام . وستكون التكاليف محدودة، ولدى الدولة الآن أربع فضائيات تستطيع أن تقوم بالأمر، ولساعات محدودة خير قيام.
الأستاذ إبراهيم المقحفي وموسوعته الجديدة:
منذ سنوات وأصدقاؤه ومحبوه الكثر يتساءلون عن أسباب غيابه التام عن الساحة الأدبية، التي كان واحداً من نجومها وباعثاً لنشاطها، ثم يأتيهم الجواب في شكل موسوعات تؤكد حضوره، وتؤكد في الوقت نفسه أن الإنجازات الكبيرة والتاريخية في عالم اللغة والتاريخ والأدب، لا يصنعها إلاَّ الرهبان، الذين ينعزلون عن صخب المجتمعات ، وهذا ما فعله الصديق العزيز الأستاذ إبراهيم المقحفي الذي آثر الانسحاب عن الساحة؛ وبفضل ذلك استطاع أن ينجز موسوعاته المتلاحقة، وأحدثها " موسوعة الألقاب اليمنية " في سبعة مجلدات تغطي اليمن الواحد المتواشج بعائلاته وألقابه ومدنه وقراه ، والموسوعة صادرة عن المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر في بيروت وتقع في عشرة آلاف صفحة من القطع الكبير.
تأملات شعرية :
كان ذلك يحدث
منذ الخليقة : موتٌ، قبورٌ، وحزنٌ
وأوبئةٌ
ويقال لماذا النواحْ ؟!
بيد أن الذي يبعث الرعب في الناس
أكثر من أي عصرٍ مضى
هو هذا الجنون،
وهذا السباق إلى الموت
والشوق - ياصاحبي -
لاقتناء السلاحْ !



االثورة نت