يوم الحساب
الأربعاء, 19-أغسطس-2009
كلمة صحيفة الثورة - الحق أن الثورة اليمنية وهي تقترب من عقدها الخامس ، فإن هذه الثورة العظيمة التي أخرجت الإنسان اليمني من دياجير الظلام والتخلف والاستبداد والاستعباد والقهر الممنهج الذي اصطبغت به عهود الإمامة الكهنوتية والاستعمار البغيض ، ظلت في مواجهات مستمرة مع القوى المتربصة بها ، والتي لم تتوقف محاولاتها ومؤامراتها ودسائسها ضد هذه الثورة (26 سبتمبر/ 14 أكتوبر).
وتشهد الكثير من الوقائع أن تلك القوى من بقايا موروثات الإمامة والاستعمار قد ناصبت الثورة اليمنية العداء منذ الأيام الأولى لقيامها وهو ما تجلت شواهده مع أول هجمة شرسة تعرضت لها تلك الثورة بلغت أشدها في حصار العاصمة صنعاء سبعين يوما وهو ما استدعى من أبناء الشعب اليمني مواجهة ذلك المخطط برؤية استراتيجية موحدة شارك في رسم موجهاتها وتنفيذ آلياتها شخصيات وطنية من مختلف مناطق اليمن ، وكان من نتائج هذا الفعل البطولي دحر الحصار المفروض على العاصمة العصامية صنعاء وتلقين جحافل التخلف درسا مؤلما وإسقاط مراهناتها وتأكيد ثبات الثورة وديمومتها ورسوخ مبادئها ونظامها الجمهوري.
وعلى ذات المنهاج تم أيضا إسقاط أول محاولات ارتداد سعت إلى إفراغ ثورة 14 أكتوبر من مدلولها الوطني حيث انتصرت الجماهير اليمنية لإرادتها وخار أزلام الاستعمار ومشروعهم المسخ وارتّدوا على أعقابهم.
وفي إطار هذا السيناريو التآمري الحاقد ، توالت المكائد والدسائس ضد الثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر) الواحدة تلو الأخرى ، حيث ظلت القوى الظلامية والضلالية والحاقدة تتحين الفرص لإثارة الأزمات والفتن وإشعال الحرائق وزرع الأشواك في طريق مسيرة الوطن اليمني. وفي كل المواجهات كان النصر باستمرار حليف هذا الشعب فيما أحاقت الهزائم المنكرة بأعداء الثورة والوحدة ولم تجن تلك القوى الخيانية والعميلة سوى الخزي والعار والفشل الذريع.
وفي سلسلة تلك المحطات التي مرت بها الثورة اليمنية ما يستدل منه على صلابة هذه الثورة ومدى حيويتها وعدالة مبادئها ، وكذا ما تتميز به من قدرة على التجدد والتجديد في سياق مشروعها الحضاري الذي يسير بالوطن نحو العلو والرفعة. ولذلك لم يكن بمستغرب أن تطل علينا من جديد بعض العناصر من بقايا رواسب ذلك الماضي البغيض التي ما تزال تحلم بعودة النظام الإمامي الكهنوتي المتخلف والاستعمار المستبد، وأن يندفع هؤلاء المعتوهون بفكرهم المهترئ إلى إعلان حربهم على الوطن في تصرفات عبثية ، عدوانية تطال أمن المجتمع واستقراره ومنجزات ثورته ووحدته الوطنية دون أن يدرك أولئك المرضى وعليلو النفوس أن تلك الأوهام التي تعشعش في عقولهم ليست سوى هواجس شيطانية ترفضها فطرة الإنسان وسنة الحياة ، وأن تلك الحالة من الهوس تقذف بها من حيث لا تدري إلى خارج التاريخ إن لم تكن بالفعل خارجه منذ أمد طويل ، بدليل أنها ما تزال تدعي الحق الإلهي بعد مرور سبعة وأربعين عاما على قيام الثورة تقوم بالترويج له من خلال فكر عنصري لا يقنع عاقلا ولا مجنونا.
وعلى كل ما في ذلك من سذاجة وتحلل ديني ووطني وانحطاط أخلاقي يبرز السؤال: هل من الدين والعقيدة أن تتمترس شرذمة خلف إدعاءات كاذبة تشيع ثقافة الكراهية والبغضاء والتمييز العنصري بين أبناء شعب واحد تجمعهم وحدة الوطن ووحدة الدين ونعمة الوئام والتلاحم والأخوة الصادقة؟ وهل من الرجولة والشهامة أن تتخندق فئة ضالة وراء نزعة وأباطيل كاذبة ، لتشعل الفتن الواحدة تلو الأخرى وتقتل النفس وتهلك الحرث والنسل وأن تدفع بشباب من المغرر بهم إلى محرقة الموت والهلاك لمجرد إشباع هوايتها الشيطانية ونزواتها الإجرامية؟.
وهل من الأخلاق أن تنساق تلك العناصر من كهنة الإمامة ودعاة التمزق والانفصال إلى إعلان التمرد والخروج على الإجماع الديني والوطني والتآمر على وطنهم ومجتمعهم بدافع العصبية العنصرية والمناطقية وأن يجعلوا من أنفسهم أدوات لأجندة خارجية؟.
ولأن اولئك قد تجردوا من كل تلك القيم فإن واقع الحال يشهد أنهم لا يملكون إجابة على أي من تلك التساؤلات. ولعل ما ورد في كلمة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في تخرج الدفع الجديدة من الكليات العسكرية يوم أمس قد حمل رسالة واضحة تخرس ألسنة ذلك الطابور من العملاء والخونة والمرتزقة والمأجورين بما يؤكد أن شعبنا الذي انتصر لثورته ووحدته سوف ينتصر لها على الدوام ، ويفشل كل المشاريع الصغيرة خاصة وأن ذاكرة هذا الشعب حية ومتيقظة تعي نوايا وأهداف تلك العناصر التي انسلخت عن الوطن والمجتمع وركبت موجة الأنشطة التخريبية بهدف إعاقة مسيرة البناء والتقدم والتطور .. ولكن هيهات لهم أن يصلوا إلى غاياتهم الدنيئة وهاهم أبناء القوات المسلحة والأمن يذيقونهم مرارة الهزيمة والهوان لتصبح نهايتهم وشيكة فيتخلص الوطن من شرورهم وجرائمهم حيث وأن من يخون وطنه وشعبه هو خاسر لا محالة وستبقى لعنة التاريخ تلاحقه حيا وميتا.

كلمة صحيفة الثورة