دعوة الرئيس إلى الحوار.. تجسيد لمسؤولية القائد والقيادة
السبت, 08-أغسطس-2009
محسن علي ناجي النقيب - دعوة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح إلى الحوار الوطني الذي لا يسثني أحدا ولا موضوعا سواء أولئك الذين خرجوا على الثوابت الوطنية وأعلنوا نواياهم ومخططاتهم في برامج وأجندات وتحركات وتحالفات، تأتي تعبيرا صادقا ومخلصا لرؤية تعلو على الصغائر والمماحكات والمصالح الضيقة التي طالما أجهضت جهودا ومبادرات وحسن نوايا حفلت بها مختلف المراحل وخاصة منذ تحقيق المنجز الوطني العظيم، الوحدة اليمنية، وإقرار خيارات التعددية والديمقراطية والحكم الرشيد، ومرجعية الشعب وصناديق الاقتراع لفتح الأبواب أمام كل من يتوسم في نفسه أو حزبه المقدرة على خدمة الوطن من الموقع الذي يحتله.
إن الحوار قيمة عليا في المجتمعات الديمقراطية وفيه احترام الرأي والرأي الآخر والأخذ والعمل بالأصلح والأنفع، فالتجارب المتراكمة في إطار التفاعل بين القوى الوطنية لا شك انها تقود إلى الوعي بمتطلبات كل مرحلة وإلى الشفافية التي تجعل من الرأي العام شريكاً في تقرير مصائر الوطن ومطلعا على الأفكار والتطلعات التي تعبر عنها النخب السياسية.
إن فخامة الأخ الرئىس هو رجل الحوار والمشجع عليه والداعي إليه في كل الأوقات فهو لم يتفرد أبدا برأي لا يقبل فيه نقاشا، ولا يفرض رأياً بعيدا عن الإجماع، ودعوته في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا هي استمرار لمنهج أصيل، فالوحدة اليمنية ولدت عبر الحوار، والخيارات الديمقراطية كانت نتاج جهد مشترك لمختلف القوى على الساحة.
إن النخب السياسية مطالبة بالتفاعل مع هذه الدعوة الصادقة التي أخضعت كل القضايا للحوار تحت سقف الثوابت الوطنية التي أجمع عليها الشعب، حيث والوقت ليس للمماحكات ولا لتسجيل النقاط أو البحث عن مكاسب ذاتيه وحزبية، وإنما هو للم الشمل وتوحيد النهج، فالوطن بجميع مكوناته في سفينة واحدة ولا ينبغي السماح لأي من ركابها بفتح ثغرة فيها تتدفق منها المياه، لتؤدي بها إلى الغرق لا سمح الله، ولا شك أن اليمن كغيره من البلدان المشابهة لأوضاعه تعاني من مشاكل واختلالات بنيوية بسبب شحة الموارد ونقص انتاج الثروات وتدني أسعاره والزيادة السكانية المتراكمة وشبح البطالة في أوساط الشباب وهذه كلها أمور لا تحل بإشاعة التوتر وإقلاق الأمن وعرقلة التنمية وتخويف الاستثمارات، وإنما بالبحث عن حلول واقعية تناسب بين الطموح والمقدرة وتوزيع الأعباء على الجميع فلا يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقراً، وكذلك تحسين موارد الدولة وضبطها والضرب على أيدي المتلاعبين.
لقد كان فخامة الأخ الرئيس صريحاً إلى أبعد حدود الصراحة وبما تمليه مسئولياته الوطنية ومهامه الدستورية وموقعه كقائد للشعب حين دعا إلى الحوار، وعلى الطاولة قد نختلف على بعض التفاصيل وهذا مشروع ولكننا لن نختلف على الثوابت والحفاظ على الوطن والوحدة والجمهورية والديمقراطية، ففي إطار هذه الثوابت ستجد الآراء السديدة طريقها إلى نفوس الناس وعقولهم، حيث المراهنة على الشعب فهو الكفيل بإخراس الأصوات الشاذة ودفن الفتنة وقد أثبت شعبنا على امتداد تاريخه الحديث أصالته الوطنية ووعيه وقدرته الفائقة في الصبر على المكاره وتجاوز النوائب ورفع أعلام الحرية والكرامة الانسانية عالياً.
المطلوب اليوم هو مواصلة هذه التقاليد وتأصيلها وإشاعتها وإغنائها بكل رأي مفيد وسديد، ولانظن أن هناك من يختلف مع أو يخالف هذا النهج.
لقد طفت على سطح الحياة السياسية مستجدات وأعراض أمراض مزمنة توارت طويلاً ولكنها لم تبارح نفوس البعض، أكانوا من أصحاب المصالح التي تلاشت في خضم التطورات الطبيعية والنمو السياسي وارتفاع الوعي، أو كانوا من ذوي الانتماءات الايديولوجية المتسترة بدعوى الوطنية والحرص على الإصلاح، أو كانوا من المجاميع الحاقدة التي لا يزعجها شيئاً بمقدار ما يزعجها نجاح النهج الوطني وتعمقه في نفوس الناس وتجذره في تربة الوطن وهؤلاء هم من يثيرون البلبلة ويهيجون الخواطر، ويستعيدون رموزاً أفلست وغار زمانها.
وقد بدأت أخيراً ملامح تنسيق وترتيب أدوار وتقاسم وتناغم دعايات بين المتطرفين والظلاميين والانفصاليين وأولئك الذين تركوا الوطن بمحض إرادتهم ليوجهوا سهامهم وسمومهم من الخارج. إن كل القوى الواعية ذات الأفق الوطني والمشاركة في الحياة السياسية لا شك أنها تدرك ذلك وقد عرفت مخاطره وما يعكسه الإخلال بالأمن من مردودات سلبية على التفرق ببناء الاقتصاد واستخراج الثروات الدفينة والإصلاحات السياسية والمالية ومحرابه الفساد، كما أن هذه القوى وبشكل صريح تعلن دون مواربة أنها تستهدف الاستثمارات ومصالح الدول الشقيقة والصديقة لكي يجد اليمن نفسه في الموقع الذي وجدت فيه دولاً أخرى أفلتت أمنها ومزقت ولاءات شعبها وارتهنت لقوى ذات مصالح، فلم تجن من وراء ذلك سوى الدمار والفقر وخراب البنى الأساسية وانعدام الأمن والأمان.
لذلك فإن الوقفة الحازمة والصلابة المطلوبة والتضحيات التي لا مفر منها هي الكفيلة بإفساد وهزيمة هذه المخططات، والحوار هو حجر الزاوية لرص الصفوف وتحديد الأوليات وتعبئة الموارد. 

> محافظ محافظة لحج 

نقلاً
عن الثورة نت