23 يوليو وما تبقى من الحلم العربي الجميل
الثلاثاء, 28-يوليو-2009
د. عبد العزيز المقالح - عندما قامت ثورة 23 يوليو 1952م في مصر، لم يسمع عنها سوى قلة قليلة من اليمنيين، فقد كانت البلاد تعيش في حالة من العزلة والانغلاق. ولم يكن لدينا في المنزل جهاز راديو لنتابع أخبارها، وحتى لو كان لدينا ذلك الجهاز فلم يكن في وعي تلميذ مثلي في السنة الأولى من المدرسة المتوسطة، أن يدرك أهمية هذا اليوم، أو يدرك بأن شيئاً ما قد حدث في الأرض العربية سيكون بمثابة الزلزال الكبير، وأن تأثيره البالغ سينعكس على مستقبله وحياة بلاده، في العام 1954م استطاعت الأسرة أن تحصل على جهاز راديو من النوع الذي يتم تشغيله ببطارية جافة، وكانت إذاعة صوت العرب، هي الإذاعة المحببة لليمنيين - يومذاك- لما تبثه من أحاديث ثورية ضد الاستعمار وعملائه وضد الحكام الطغاة أيضاً، ولم يمر سوى عامين من وجود الراديو في المنزل إلاَّ وقد تكوّنت لديَّ الصورة الكافية أو شبه الكافية عن ثورة 23 يوليو وما تمثله من أحلام، ليس لمصر وحدها، وإنما لبقية الأقطار العربية في المشرق والمغرب.
لقد رافق نجاح الثورة وما حققته في سنوات قليلة على الصعيد الداخلي والعربي ما لم يكن يحلم به قادتها ووجدت من التعاطف العربي الشيء الكثير، وفي الأقطار المستضعفة بخاصة، واعتلى قائدها الزعيم جمال عبدالناصر عرش القلوب بمواقفه وبمنجزاته وبمساندته لأحلام المواطنين في الأقطار الواقعة تحت الاحتلال أولاً، وتلك الواقعة تحت الأنظمة الجائرة ثانياً، وأصبحت مصر بثورتها الرائدة القوة العربية التي يحسب لها الأعداء ألف حساب، وصار الغرب يخشاها والشرق يتودد لها، وصار لها في المحافل الدولية مكانة لا تدانيها مكانة منذ برزت مصر على ظهر الوجود، وذلك مما ضاعف من أعدائها ومنافسيها، وما جعل الكيان الصهيوني المدعوم من الغرب يشعر أنه قد وجد في المكان الخطأ.
وإذا كان واحد من أهم مفكري العصر قد ذهب إلى القول بأنه لا تنطبق كلمة "ثورة"، إلاّ على الثورات التي هدفها الحرية، فإن ثورة 23 يوليو، هي ثورة الحرية بكل ما للكلمة من معانٍ كبيرة، فقد حررت مصر من الاحتلال الأجنبي، ومن عبودية النظام الملكي الذي يوحي بأنه يملك الأرض والبشر، وحررت الفلاح المصري من عبودية الإقطاع ومنحته جزءاً من حقه المستلب. وعلى الصعيد العربي أسهمت ثورة يوليو 1952م بمواقفها السياسية ودعمها المادي والمعنوي في تحرير المغرب والجزائر واليمن والخليج العربي، وأعادت الروح إلى القضية الفلسطينية بعد أن كانت أنظمة الحكم العربية التقليدية قد غسلت يدها من دمائها وأوكلت شأنها إلى المنظمات الدولية، التي بذلت كل جهودها لتدعيم الكيان الصهيوني وتلقي الأوامر من حلفاء هذا الكيان.
وما يثير الاستغراب في هذه المناسبة ما يتعرض له قائد ثورة يوليو الزعيم جمال عبدالناصر، فقد تزايد الهجوم عليه في الآونة الأخيرة وفي مصر العربية خاصة، ومن بعض من فتح أمامهم أبواب الجامعات بعد أن كانت حكراً على أبناء البشوات والأثرياء، وهذا يجعلني أتذكر ما كان يقوله لنا أحد أساتذة التاريخ في الجامعة وكان ذلك بعد وفاة جمال عبدالناصر بعام واحد، وفي أثناء ما كان ذلك الأستاذ يقرأ لنا فصولاً من التاريخ العربي المعاصر: إننا إذا أردنا معرفة أهم الشخصيات العربية في القرن العشرين فما علينا إلاّ أن نقرأ ما كتبه عنهم أعداؤنا وأعداؤهم من الأجانب فهم أدرى بما انطوت عليه مواقف تلك الشخصيات من جلائل الأعمال. أما ما كتبه أو يكتبه عنهم معاصروهم من العرب فهي إن كانت كتابات من أصدقاء، فقد لا تخلو من المجاملة وإن كانت من حاقدين فإنهم يبالغون في طمس الحقيقة ويحاولون إخفاء نور الشمس بالغربال وذلك لأننا جميعاً لم نعرف شيئاً اسمه الموضوعية في التحليل وقراءة الأحداث في ضوء ظروفها. وما تزال الروح القبلية سائدة حتى في المؤسسات العلمية حيث ينبغي أن يتحكم العقل وتسود الرؤية القائمة على الدقة والمنهجية الصارمة.
نجاة باحكيم في مجموعتها القصصية الأولى:
عنوان المجموعة "ذات ليلة" ويشير غلافها الأخير إلى أن في الطريق وتحت الطبع رواية بعنوان "طعم الملح" للمبدعة نجاة باحكيم وهو ما يؤكد انشغالها بهذا الفن السردي الذي بدأ يستحوذ باهتمامات المبدعات اليمنيات. تضم المجموعة ثلاثين قصة قصيرة ويتصدرها تقديم بقلم القاص والروائي المتميز الأستاذ محمد الغربي عمران، وتقع المجموعة في 130 صفحة، وهي من إصدارات مركز عبادي للدراسات والنشر.
تأملات شعرية:
كَبِرنا بها
ونشأنا على ضوء إيقاعها
واقتسمنا رغيف المحبة
في ظل دوحتها
واقتسمنا نشيد الكتابْ.
هي في عمرنا وردةٌ
وهي في دمنا نجمةٌ
وهي شمس عروبتنا
ليس يدركها غسقٌ
أو غيابْ!

نقلاً
عن صحيفة الثورة