الوحدة والديمقراطية خيار وطني راسخ
السبت, 18-يوليو-2009
كلمة صحيفة 14 اكتوبر - في مفتتح العقد الرابع من الزمن الذي ارتبط بالدور القيادي التاريخي الذي اضطلع به الرئيس علي عبدالله صالح في قيادة سفينة الوطن اليمني والإبحار بها إلى مرافئ الديمقراطية والوحدة والتنمية والأمن والاستقرار، يحق لنا القول إن أهم ما تميزت به العقود الثلاثة الماضية منذ تولي فخامته مسؤولياته الوطنية الكبرى في السابع عشر من يوليو 1978م، هو قدرته على الربط بين الاسترشاد بقيم وأهداف الثورة اليمنية من جهة، وبين الفعالية والإنجاز من جهة أخرى، الأمر الذي يفسر نجاح الثورة اليمنية في الخروج من حصار المؤامرات الخارجية والأزمات والصراعات الداخلية إلى آفاق الحرية والتجدد والعمل والعطاء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث تمكنت مسيرة الثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) من حماية المكاسب التي تحققت وفي مقدمتها النظام الجمهوري، وتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات الوطنية التاريخية وفي مقدمتها استعادة وحدة الوطن اليمني أرضا وشعبا، وإقامة النظام الديمقراطي التعددي وتوسيع نطاق الحريات المدنية وتعزيز قواعد المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الحكم وإطلاق مفاعيل الحوار والنقاش والتعدد والتعايش والقبول بالآخر بين مختلف التيارات السياسية والفكرية في المجتمع.

وبفضل هذه الإنجازات التي أصبحت سمة بارزة وجوهرية للعقود الثلاثة المنصرمة منذ تولي فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مسؤولية قيادة الوطن، دخلت اليمن حقبة تاريخية جديدة انطوت على حضور فاعل في عالم متغير لا مكان فيه للدول والمجتمعات والشعوب التي ابتليت بالنظم الاستبدادية والسياسات الانعزالية والأفكار الجامدة التي لا ينتج عنها سوى الانغلاق والحروب الأهلية وعدم الاستقرار والفقر والتخلف والتبعية.

وبوسعنا القول إن وحدة اليمن كانت وستظل أهم معالم الحقبة التاريخية التي دشنها الرئيس علي عبدالله صالح في حياة شعبنا وبلادنا منذ السابع عشر من يوليو 1978م، حيث ارتبط هذا الإنجاز الوطني العظيم بتحولات ديمقراطية وتنموية واسعة لا يمكن للمؤرخين والباحثين الموضوعيين إنكارها أو تجاوزها مهما كان اختلافهم مع القائد الذي لعب دورا رياديا في تحقيقها والعمل على حمايتها والسعي لتطويرها على طريق بناء الدولة الوطنية الحديثة في عموم الأرض اليمنية الواحدة.

الثابت أن الرئيس علي عبدالله صالح تسلح منذ وصوله إلى قيادة مسيرة الوطن بإيمانه الواعي بأهمية ممارسة مبادئ وقيم التصالح والتسامح والحوار في ظروف صعبة، ووسط أمواج متلاطمة من الأحداث والتحديات الكبيرة سواء داخل الساحة الوطنية وبين شطري الوطن المجزأ قبل الوحدة أو على مستوى المنطقة والعالم الذي كان يشهد حربا باردة واستقطابات سياسية واقتصادية وأيديولوجية وعسكرية بين القوى العظمى.

وقد عمل الرئيس منذ الوهلة الأولى مع كل الشرفاء والمخلصين من أبناء الوطن في شماله وجنوبه على إخماد الفتن وبؤر التوتر والصراعات الداخلية وإشاعة مناخ الحوار والتسامح والانفتاح، وصولاً إلى تحقيق وحدة الوطن اليمني في الثاني والعشرين من مايو 1990م ورفع علم الجمهورية اليمنية الموحدة في مدينة عدن الباسلة، ظهر ذلك اليوم الأغر إيذانا بانتهاء عهود التشطير، وبدء التاريخ الجديد لليمن الموحد أرضا وشعبا، حيث شكل تحقيق وحدة الوطن انتصارا لأهداف الثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) التي عمدها شعبنا بدماء شهدائه الأبرار وتضحياته الجسيمة التي لا يمكن التنكر لها أو فك الارتباط بها.

ولئن تعرضت وحدة الوطن لمخاطر ومؤامرات داخلية وخارجية عديدة كغيرها من المكاسب الوطنية التي حققتها مسيرة الثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) منذ انطلاقتها ضد الاستبداد الإمامي في الشمال والحكم الاستعماري الأنجلو سلاطيني في الجنوب قبل 47 عاما من النضال والتضحيات والبطولات، فإن مواجهة هذه المخاطر والمؤامرات الداخلية والخارجية تتطلب رص الصفوف، وتغليب لغة المحبة والإخاء والتصالح والتسامح، والابتعاد عن العنف ومناخات التوتر والتأزم، ونبذ ثقافة الكراهية والبغضاء، والسمو فوق الصغائر والمصالح الذاتية والأنانية، وتفويت الفرصة على تجار الحروب وأصحاب النفوس المتعطشة لمشاهد الدماء والدمار، وهو ما يؤكد عليه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في كل المناسبات انطلاقا من وفائه لتاريخ الثورة اليمنية (26 سبتمبر - 14 أكتوبر) وحرصه على عدم تمكين القوى المعادية للثورة والوطن والشعب من تحقيق أهدافهم ومآربهم الخبيثة للنيل من الوطن وثورته ووحدته وأمنه واستقراره.

وعليه فإن كل القوى الخيرة مطالبة برفض كل الممارسات والدعوات والمشاريع التي تسعى إلى الانقلاب على الوحدة والديمقراطية والنظام الجمهوري، والعودة إلى عهود الاستبداد الإمامي والكيانات السلاطينية والمشيخية الصغيرة، وما يترتب على ذلك من مصير مجهول ينذر بسقوط البلاد في أتون الحروب الأهلية والفتن الداخلية والتفكك والعنف وإراقة الدماء وتدمير ما حققه شعبنا من إنجازات تنموية واسعة، وإيقاف مسيرة البناء التي تسعى إلى مواصلة التنمية الشاملة في جميع المجالات.

إن خيار الديمقراطية الذي انتهجه شعبنا منذ قيام الوحدة في الثاني والعشرين من مايو لا يمكن التراجع عنه، لأنه خيار وطني يجسد الشعب من خلاله حقه في أن يحكم نفسه بنفسه، واختيار حكامه عبر صناديق الاقتراع، وممارسة حقوقه في التعبير عن الرأي والموقف والاحتجاج بالوسائل السلمية التي يكفلها الدستور والقانون .. ومن واجبنا جميعا حكاما ومحكومين الاستفادة من تجارب الماضي ودروسه، وفتح صفحة جديدة والدخول في حوار جاد ومسؤول تحت سقف الوحدة والديمقراطية لمعالجة كافة الاختلالات والمشاكل التي تواجه مسيرة الثورة اليمنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. 


14 اكتوبر