العفو والتسامح في نهج الرئيس علي عبدالله صالح
السبت, 19-يوليو-2008
علي الثلايا
علي الثلايا - قبل البدء لابد من الإشارة إلى أن من النادر جداً أن نجد شخصاً واحداً على الأكثر تجتمع فيه صفات القيادة والزعامة وسمات التسامح والعفو في آن ٍ معاً. ولئن كان من البديهي القول بأنَ ثمة ظروفاً زمنية، وأحداثاً سياسية معينة من شأنها أن تجعل المرء- أياً كان وفي أي زمان ومكان- مضطراً للتعامل معها وصدها ومواجهتها بنفس الآلية والوسائل، أو قمعها أو مقارعتها بذات الشاكلة وبذلك الأسلوب..
وبمعنى أكثر وضوحاً ينبغي القول بأننا لم نلحظ، ولم نقرأ في التاريخ السياسي القديم والحديث والمعاصر عن عظمة إنسان كهذا الذي نحن بصدد الحديث عن جانب معين من عطائه الإنساني.
حيث لم نجد في ثنايا التاريخ زعيماً وقائداً وحاكماً يواجه الشر بالخير ، ويقابل الإساءة بالإحسان ويكافح الغي بالرشد ويمتص الغضب بسعة صدر ورحابة أفق ومرونة ليس لها مثيل على الإطلاق ويعالج الأنفس العليلة بعفو المقتدر وتسامح القوي.
لم نجد هكذا إنسان مثل الرئيس الإنسان علي عبدالله صالح، هذا القائد الذي ضرب أروع الأمثلة في مضمار العطاء الإنساني العميق والمتمثل بكل من العفو والتسامح في النهج والمنهج" الانساسلوكي" لفخامة الرئيس القائد..
ذلك أن للرئيس صالح عطاءً إنسانياً لا حدود له، ورصيداً كبيراً من مواقف العفو والتسامح منقطع النظير وليس له مثيل في تاريخ الزعماء والقادة والحكام على مر التاريخ بكل مراحله وكافة حقبه.
فمنذ البواكير الأولى لعهده الميمون استطاع الرئيس علي عبدالله صالح أن يكسب ويربح الرهان ويوحد الجبهة الداخلية التي مزقتها الحروب وفككتها المواجهات، حيث أطلق الرئيس دعوته لمعالجة تلك الحالة والحد من تفاقم إفرازاتها ومضاعفاتها، فتنادى الشعب لتلك الدعوة والتفت الجماهير قاطبة حول ميثاق وطني لمؤتمر شعبي عام، التأمت في ظله جميع الفصائل السياسية التي كانت قبل ذلك متناثرة ومنقسمة ومتنافرة.
ومنذ ذلك الوقت بدأت خطواته الحثيثة والجادة بغية بناء دولة المؤسسات والمضي نحو ذلك تحت شعار" وطن الجميع لابد أن يتسع الجميع، ويمن واحد لكل اليمنيين."، وهو ما بدا جلياً في خطابه التاريخي ومناشدته لفضائل النزاع في 13 يناير86م.
إن التلازم الوثيق بين القيادات التاريخية وطموحات شعوبها، مرهون بمدى العلاقة الوثيقة بينهما،وأن نجاح شعبنا في تحقيق انتصاراته على التجزئة والتشطير والتخلف والصعوبات الذاتية والموضوعية ، كان في طليعة اهتمامات فخامة الرئيس الذي صاغ المعادلة الصعبة وحقق لوطنه وحدته، ولشعبه تقدمه وازدهاره ..ولعل ما تم إنجازه خلال سنوات قليلة إنما يمثل دليلاً صادقاً على وفاء القائد، ومثالاً لجهده الدؤوب ومسئوليته الكبيرة التي جسدها قولاً وعملاً منذ اللحظات الأولى لتحمله مسئولية قيادة الوطن.
فكان صادق الوعد في تحقيق تطلعات شعبه وترجمة آماله، وبلورة طموحاته في الوحدة والتقدم والتطور والأمن والاستقرار. لقد برهن الرئيس صالح على القبول بالآخر وعلى تغليب المصلحة الوطنية طيلة فترة حكمه، فاستطاع أن يتجاوز كل العقبات وأن يحقق ما كان يظنه الكثيرون ضرباً من ضروب المستحيل .. وكان في كل ذلك ملتزماً بالإخلاص لهذا الوطن ووحدته وقيمه وثوابته ومبادئ وأهداف ثورته المجيدة ، فكان الشعب دائماً في صف ابنه البار إبان تحقيق الوحدة المباركة، وخلال معارك الدفاع عنها، بعد أن ظن البعض الظنونا.
وكان قرار العفو العام الذي عفا بموجبه عن كل أولئك المتورطين في إبقاء فتيل الفتنة وإشعال نار حرب صيف 94م ومحاولة النيل من المكسب التاريخي العظيم المتمثل بالوحدة اليمنية المباركة، كان برهاناً عملياً لرحابة الأفق وسعة الصدر التي يتمتع بها فخامة الرئيس.فضلاً عن كون القرار دليلاً قاطعاً على صدق التوجه نحو " الوطن قبل كل شيء "، فكان وحده- أي قرار العفو- هو من حدد هوية المعركة وترجم حكمة القائد، وبلور تساميه المعهود وحرصه الدؤوب على خيار المصلحة العليا للوطن.
بيد ان ما يمكن الإشارة إليه في هذا المضمار هو أن ثمة عطاءً تنموياً شاملاً لمختلف جوانب الحياة ومجالاتها، حققه هذا الرجل العصامي والإنساني الوطني المخلص والصادق الوفي لوطنه وشعبه ولأهداف الثورة اليمنية ومبادئها السامية سمو هذا القائد المعطاء.وفي مضمار عطاء القائد" إنسانياً وأخلاقياً "، نجد أن أبرز الملامح الإنسانية والأخلاقية ، قد تجلت بوضوح في الفكر الإستراتيجي لفخامة الرئيس منذ اللحظات الأولى لانتخابه رئيساً للجمهورية في 17 يوليو من العام 1978م، حيث كانت مشيئة الله وإرادته أن يكون علي عبدالله صالح أول رئيس يمني يحمل فكراً مستنيراً بذاته ومنفتحاً على الآخر ومواكباً لمجمل المتغيرات ومستةعباً لكل التباينات ومبلوراً لكافة الطموحات والتطلعات ‘ فكراً ملبياً للآمال ومستلهماً للمستجدات.
حيث جاء الإنسان علي عبدالله صالح كأول رئيس تشهده وتعرفه اليمن يمد يداً بيضاء متسامحة صادقة لكل أبناء اليمن وإلى كافة القوى المعارضة للنظام السياسي حينها ، ولكل من وقفوا ضد الثورة والجمهورية. فضلاً عن أنه أصدر قراراً بالإقراج عن المعتقلين بالسجون، ودعاهم إلى أن يكونوا مواطنين صالحين شرفاء ومخلصين لوطنهم ، لأن اليمن وطن الجميع وبناؤه وتطوره مسؤولية الجميع.
ولو أن هناك عدداً من المحطات التاريخية التي لا تكاد تخلو واحدة منها من العطاءات والمواقف الإنسانية الجمة لفخامة الرئيس، إلا أنه ينبغي التأكيد على أن البعد الإنساني والأخلاقي لفخامته، قد تعمق وتجذر وتجلى بوضوح من خلال إصداره قراراً بالعفو العام عن كل القوى التي حاولت نحر الوحدة والديمقراطية وإشعال حرب صيف94م.على الرغم من كل تلك الجراحات العميقة وكل تلك الخسائر المادية والبشرية الجسيمة التي تكبدها الوطن والشعب جراء ذلك ، إلا أن حكمة القائد ورحابة صدره وسماحة طبعه ودماثة خلقه، ونظرته الثاقبة ورؤيته الاستراتيجية البعيدة وحبه لوطنه وشعبه وغيرته على وحدة اليمن وبناء دولته المؤسسية الحديثة ، ومستقبله الزاهر.. كل ذلك في مجمله جعل فخامة الرئيس يتعامل مع هذه القضية بالتسامح الذي ليس له نظير ولا يوجد له مثيل في التاريخ السياسي والإنساني معاً.
بيد أن أمراً كهذا لم يكن شيئاً جديداً أو مصطنعاً من إنسان يعتبره الجميع – دون استثناء- مورداً عذباً من موارد الأخلاق السامية ونبعاً غزيراً من منابع المواقف الإنسانية الفريدة.
حيث تكونت المرجعيات الرئيسة للبعد الأنساني لدى الرئيس من ثقافته العربية والإسلامية الأصيلة النابعة من الشهامة العريقة والكرم العربي الأصيل ومن العقيدة الإسلامية السمحاء. فضلاً عن كونه نابعاً من الطبقة الشعبية الواسعة التي تدافع عن انتصارات القادة والزعماء وتدفع بهم نحو تحقيق المزيد من الانتصارات.. لذلك نجد دائماً بأن فخامة الرئيس أكثر قرباً إلى هموم الشعب، وأكثر التصاقاً بأبناء وطنه من قربه إلى كرسي الحكم.
ولم يتوقف العطاء الإنساني والأخلاقي اللا محدود عند حد معين وإنما فاض وامتد ليملأ كثيراً من المجالات المختلفة والجوانب المتعددة حيث أقام فخامة الرئيس جسراً من العلاقات الإنسانية الحميمية مع شعبه بمختلف شرائحه وطبقاته وفئاته، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى انعكس هذا العطاء اللا متناهي من العفو والتسامح لفخامة الرئيس انعكس ذلك إيجابا على تعاملاته مع المحيط الخارجي.
إذ لم يدخر جهداً في سبيل التدخل الإيجابي لحل النزاعات الخارجية التي تحدث بين الأشقاء وكذا الأصدقاء .. وقدم في هذا المضمار عدداً من الدعوات والمقترحات والمبادرات التي من شأنها إجمالاً أن تعمل على رأب التصدعات وردم الفجوات البينية في المحيط الخارجي إن عربياً أو أفريقياً .. وغير ذلك.فضلاً عن مبادراته التاريخية المتعلقة بالشأن العربي والإسلامي والداعية إلى نبذ الفرقة والتمزق والمؤكدة على ضرورة لملمة أشتات الإنسان العربي وترميم تشققاته وتوحيد جهوده ليكون قادراً على الدفاع عن إنسانيته والمحافظة عليها.