مستقبل عمليات تنظيم القاعدة في آسيا وأفريقيا وشبه القارة الهندية
الاثنين, 13-يوليو-2009
الميثاق إنفو (متابعات) - يعتبر تنظيم القاعدة في مناطق الحدود الأفغانية – الباكستانية أحد الأسباب الرئيسية التي شكلت الوقود المحفز لقيام القوات الأمريكية باستهداف أفغناستان من جهة، ولتزايد الظهور المتواتر للحركات الأصولية المسلحة.

* ماذا تقول التسريبات؟
تشير التطورات الميدانية الجارية في منطقة شبه القارة الهندية وعلى وجه الخصوص في أفغانستان وباكستان وشمال غرب الهند إضافة إلى إقليم جامو كشمير إلى الحقائق الآتية:
• بلغ عدد الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة في المنطقة ما يقرب من 250 حركة.
• أصبحت القوات الأمريكية والباكستانية وقوات الناتو عاجزة عن تحقيق أي نجاح يمكن أن يوصف أنه حاسم في المعركة الجارية ضد الحركات المسلحة الأصولية.
• في مجرى الحرب أصبحت الحركات الأصواية الإسلامية المسلحة تتمتع بدعم السكان المحليين وعلى وجه الخصوص في باكستان وأفغانستان والمناطق الإسلامية الهندية.

وبسبب التزايد المضطرد في عدد التنظيمات الأصولية الإسلامية المسلحة وانخراط عدد كبير من السكان في عضويتها ودعمها فقد بدا تنظيم القاعدة أقل أهمية عما كان عليه قبل بضعة سنوات وتحديداً لحظة دخول القوات الأمريكية لأفغانستان.

حالياً بدأ التساؤل حول مستقبل تنظيم القاعدة يبرز أكثر فأكثر متضمناً العديد من التساؤلات الفرعية: وبكلمات أخرى يمكن الإشارة إلى الإشكاليات المتعلقة بوجود القاعدة في شبه القارة الهندية:
• استمرار وجود تنظيم القاعدة في مناطق شبه القارة الهندية سيترتب عليه تآكل التنظيم لأن الحركات الأصولية الإسلامية التي نشأت في المنطقة أصبحت أكثر قدرة من تنظيم القاعدة على القيام بتنفيذ العمليات وذلك لأنها أولاً وقبل كل شيء تعتمد على أبناء المنطقة الذين يتمتعون بمعرفة الأرض والمجتمع بينما تظيم القاعدة ما زال يعتمد بشكل رئيسي على العناصر العربية المهاجرة إلى أفغانستان وباكستان طلباً للجهاد.
• نشأت العديد من الفروع لتنظيم القاعدة ولكن بسبب الضغط العسكري – الأمني المتزايد على قيادة تنظيم القاعدة المتمركزة في شبه القارة الهندية فإن هذه القيادة لم تعد قادرة على السيطرة على فروعها.
• بسبب ضعف الصلة بين فروع تنظيم القاعدة وقيادته أصبح التنظيم يعاني من ظاهرة فراغ القيادة المركزية بشكل ترتب عليه صعودهم كقادة وزعماء محليين وقد ترتب على ذلك أن أصبح كل واحد من هذه الفرع بمثابة تنظيم قاعدة قائماً بذاته.
• استقلالية الفروع أدت إلى ظهور تنظيم القاعدة في بلاد النهرين تنظيم القاعدة في المغرب العربي وتنظيم القاعدة في الحجاز وما شابهها.
• اعترفت قيادة تنظيم القاعدة بالوضع المستقل لهذه الفروع وأعلنت أنها تكتفي بمجرد التنسيق وإجراء المشاورات بين الحين والآخر، وما هو اضح يتمثل في أن اعتراف قيادة تنظيم القاعدة باستقلالية الفروع تم رغماً عنها بسبب الضغوط الأمنية – العسكية وبسبب عدم قدرة القيادة على تزويد الفروع بالإمدادات والعتاد ما شابه ذلك.

تأسيساً على ذلك، يبرز السؤال الرئيسي القائل: هل سيبقى تظيم القاعدة أو بالأحرى قيادة تظيم القاعدة متمركزة في منطقة شبه القارة الهندية؟ وإذا بقيت هذه القيادة ما هو الدور الذي ستقوم به إذا وضعنا في الاعتبار أن منظقة شبه القارة الهندية أصبحت تعاني من تضخم واسع في التنظيمات المسلحة التي انتشرت في كل مدينة وقرية وأصبحت عناصرها تقوم بعمليات لا تعد لا تحصى؟

عند المقارنة بين عمليات حركة طالبان الأفغانية والباكستانية وعمليات تنظيم القاعدة نلاحظ ما يلي:
• تتميز عمليات حركة طلبان بالكثافة لكنها تتمركز حصراً في المسرح الأفغاني – الباكستاني.
• تتميز عمليات تنظيم القاعدة بالمحدودية ولكنها تتوزع في العديد من أنحاء العالم.
على هذه الخلفية بدأت أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية الغربية تنظر لحركة طاللبان باعتبارها تمثل مصدر خطر محلي ينحصر نطاقه في منطقة شبه القارة الهندية أما تنظيم القاعدة فتنظر إليه هذه الأجهزة باعتباره مصدر خطر عالمي بسبب الطبيعة العابرة للحدود التي تميزت بها عمليات القاعدة.

* تنظيم القاعدة إلى أين؟
أدى نشوء الفروع الخارجية للتنظيم إلى تعدد مسارح عمليات تنظيم القاعدة وقد ترتب على ذلك أن أصبح التنظيم، وإن كانت فروعه مستقلة عنه، يتميز بهامش الحركة والمناورة الواسع وذلك على النحو الذي حقق له الآتي:
• القدرة على المبادرة: يستطيع تنظيم القاعدة تنفيذ الضربات الاستباقية ضد خصمه في العديد من أماكن العالم.
• القدرة على المفاجأة: يستطيع تنظيم القاعدة مباغتة خصومه في الأماكن العامة التي لا يجد فيها الملاحقة والمراقبة ذلك لأن الأجهزة التي تلاحق عناصره لا تستطيع وضع كل المناطق تحت الرقابة.
• القدرة على تنويع مصادر الإمداد: بسبب تنوع جنسيات العناصر وبسبب تعدد الفروع فقد أصبح كل واحد من هذه الفروع قادراً على تنمية موارده الذاتية.
يبدو بضوح أن خيارات تنظيم القاعدة أو بالأحرى خيارات فصيل القاعدة الرئيسي إزاء البقاء أو عدم البقاءفي منطقة شبه القارة الهندية هي خيارات ما تزال غير واضحة والإجابة عليها تتطلب الانتظار ريثما يتحدد مصير العمليات العسكرية الجارية حالياً بواسطة القوات الباكستانية، وبكلمات أخرى إذا نجحت القبائل فإن تنظيم القاعدة سوف لن يكون أمامه من خيار أفضل سوى الهجرة طلباً لمواصلة الجهاد المسلح في المسارح الأخرى أما إذا فشلت حملات القوات الباكستانية فإن المسرح الباكستاني – الأفغاني سيمثل المكان الأفضل لجهة استمرار بقاء القاعدة في المنطقة.

في حالة اللجوء إلى خيار الخروج والهجرة خارج المسرح الأفغاني – الباكستاني فإن هناك العديد من المسارح الأخرى التي يمكن أن يواصل فيها التنظيم عملياته من أبرزها: 

• المسرح اليمني: ويوفر هذا المسرح لتنظيم القاعدة العديد من المزايا التي من أبرزها أن هذا المسرح يتميز بتقاطعات تتلائم مع تمركز القاعدة وأولها يتمثل في علاقات الجوار الإقليمي لجهة إمكانية نشوء مسرح يمني – سعودي ومسرح يمني – صومالي إضافة إلى تأييد السكان المحليين لزعماء القاعدة وملاءمة البنية الجبلية اليمنية الوعرة لإقامة القواعد والمعسكرات السرية، وتشير التوقعات إلى أن تمركز القاعدة في اليمن سيتيح للتنظيم تسديد المزيد من الضربات ضد خصومه في السعودية وبلدان الخليج، إضافة إلى تنسيق ضرباته مع الحركات الإسلامية الصومالية المسلحة التي سوف لن تتردد في توجيه المزيد من الضربات إزاء خصوم القاعدة في بلدان القرن الإفريقي وعلى وجه الخصوص ضد المصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية المجودة في شرق إفريقيا (كينيا حصراً) وجيبوتي حيث القواعد العسكرية الأمريكية والفرنسية. 

• المسرح المغاربي: برغم حملات أجهزة الأمن الجزائرية والمغربية ونجاحاتها في حسم المواجهات مع عناصر الحركات الإسلامية المسلحة فإن تنظيم القاعدة يستطيع برغم المخاطر المتزايدة التمركز في هذه المنطقة بسبب تميزها بوجود المناطق الجبلية الوعرة إضافة إلى دعم السكان المحليين. وإذا استطاع التنظيم أن يتكيف مع التمركز في المناطق الصحراوية فإنه سيتمكن من الحصول على الملاذ الآمن المستقر خاصة أن قدرات أجهزة الأمن الجزائرية والمغربية سوف لن تكون كافية بالقدر الذي يغطي المناطق الصحراوية وسيتيح للتنظيم التحرك ضمن نطاق أسع بحيث يضم إلى مسرح عملياته بلدان النيجر ومالي والسنغال هو أمر سيتيح له بناء أذرعه في القارة الإفريقية بما سيفتح للتنظيم مسرحاً نوعياً جديداً سوف لن تقل خطورته عن المسرح الباكستاني – الأفغاني وما تجدر الإشارة إليه هو أن تمركز تنظيم القاعدة في المسرح المغاربي سيتيح له التغلغل في القارة الإفريقية وتوجيه المزيد من الضربات ضد المصالح الأمريكية الأوروبية والإسرائيلية لذلك ستسعى كل أجهزة مخابرات هذه الدول إلى منع التنظيم من التمركز في المسرح المغاربي. 

• المسرح الشرق متوسطي: يعتبر التمركز في هذا المسرح حلماً ظل يراود زعماء تنظيم القاعدة لفترة طويلة، وتشير العديد من البحوث والدراسات الأمركية والإسرائيلية إلى أن منطقة شرق المتوسط هي الأكثر احتمالاً لقدوم القاعدة. وتقول الدراسات والتحليلات بأن تنظيم القاعدة سوف لن يستطيع في هذه المنطقة اعتماد استراتيجية تنظيمية تقوم على مبدأ القوام الأوحد لعدة أسباب أبرزها:
- تعدد المسارح الفرعية الخاصة بهذه لمنطقة.
- عدم إمكانية بناء القواعد والمعسكرات المستقرة.
- تعدد الحركات والفصائل المسلحة المختلفة التوجهات المذهبيات.

ولكن برغم ذلك تشير التوقعات إلى أن تنظيم القاعدة قد يلجأ إلى التمركز وفقاً للاستراتيجية الآتية:
- تركيز الضربات في المسرح الفلسطيني ضد الإسرائيلين ربما ضد الفصائل الفلسينية المنخرطة في عملية سلام الشرق الأوسط.
- اسخدام المسرح اللبناني كوسيلة للحصول على الإمدادات إضافة إلى توجيه الضربات ضد المصالح الأمريكية والغربية وربما حلفاء أمريكا اللبنانيين مع تفادي الدخول في المواجهات مع الفصائل اللبنانية الشيعية المسلحة.
- استخدام المسرح العراقي كوسيلة للحصول على الإمدادات إضافة إلى تدريب العناصر.
- استخدام المسرح الأردني كوسيلة لتمرير الإمدادات للمسرح الفلسطيني.
- استخدام المسرح السوري كمكان لـ"تنييم" الخلايا وكـ"ممر" للربط بين المسارح الثلاثة: العراقي واللبناني الأردني وربما المسرح التركي كذلك.

أشارت دراسة نشرها موقع «open democracy» البريطاني إلى أن الاستطلاعات والاسقصاءات الجارية في مناطق شبه القارة الهندية وتحديداً في المسرح الباكستاني – الأفغاني قد أكدت أن تطورات صيغة توازن القوى الجارية حالياً لم تعد في مصلحة تمركز تنظيم القاعدة والسبب لا يتمثل في حملات القوات الباكستانية الأمريكية وقوات الناتو وإنما في الخلافات التي بدأت تظهر بين تنظيم القاعدة والفصائل الأصولية الإسلامية المسلحة التي لم يعد العديد منها يقبل باستمرار تمركز تنظيم القاعدة.
أشارت دراسة أخرى مطولة نشرها اليوم معهد المسعى الأمريكي ضمن سلسلة تقارير إلى أن تنظيم القاعدة قد بدأ بالفعل في ترتيبات الرحيل من المسرح الأفغاني –الباكستاني باتجاه مسارح منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص المسرح الشرق متوسطي وبتحديد أوضح باتجاه مثلث فلسطين – لبنان – العراق، وأشارت الدراسة إلى أن تنظيم القاعدة الذي سبق أن أعلن قيام تنظيم القاعدة الخاص لبلاد ما بين النهرين أصبح على وشك الإعلان رسمياً عن قيام تنظيم القاعدة الخاص بمنطقة شرق المتوسط.
أكدت الدراسة أيضاً أن شرق المتوسط سيتيح للقاعدة تماسكاً مذهبياً يتمثل في الربط بين ثقافة الحركية السياسية ضد إسرائيل وأمريكا، ثقافة الجهاد الإسلامي التي تركز على منظور تحرير القدس، ومن المعروف أن الخطاب الجهادي الخاص بتنظيم القاعدة كان يركز في الماضي على التصريحات التي تتحدث عن الحرب الجهادية ضد أمريكا ولكنه لاحقاً أصبح يركز على الاتصريحات التي تطالب المسلمين بالجهاد لتحرير القدس. 

عن: موقع  الجمل.