بعيداً عن الصراعات...إرادة الشعب هي الفيصل..
الأربعاء, 13-مايو-2009
علي الثلايا - لعل من البديهيات التي لا يختلف حولها اثنان أن الوطن بمفهومه العام ومعناه الشامل لم يكن حكراً على أحد، ولن يكون ملكاً لفئة دون سواها أو شريحة دون عداها من شرائح المجتمع وتكويناته المختلفة والمتعددة والممتدة على طول وعرض المحيط الجغرافي الواسع لوطننا الحبيب...
وبالتالي فإن من الضرورة بمكان التأكيد على أن مسألة الدفاع عن هذا الوطن وحماية مكتسباته والحفاظ على ثوابته وصيانة منجزاته، تعد في مجملها مسئولية جماعية وهدفاً عاماً وواجباً وطنياً يقع على عاتق كل مواطن يمني غيور، تُمليه عليه طبيعة الانتماء الحقيقي المجرد من ضغائن الأمس وأحقاد الماضي والمنقى من شوائب التركة الثقيلة..
بل ويعد ذلك واجباً مقدساً تحتمه كل الشرائع والأديان والعقائد، وتستوجبه مشاعر وأحاسيس وقيم ومبادئ المواطنة الحقه الخالية من مرض اجترار أمجاد الأيام الخوالي، والمحصنة من داء الارتهان للغير والانصياع لإملاءاته العدائية التي تستهدف الإساءة للوطن، وترنو إلى المساس بمقدراته وتشكل خطراً يتهدده وعائقاً يحول دون استمرار دوران عجلة تقدمه وتطوره، وتعرقل ديناميكية نموه واستقراره.
وليس غريباً أن نجد نفراً من المأجورين هنا أو هناك يحاولون أن ينفثوا سموم حقدهم الدفين على مائدة الوطن، وأن يزرعوا طريق الوحدة والديمقراطية بأشواك ارتهانهم لأعداء الوطن، وارتمائهم بأحضان تجار الأزمات وصانعي القلاقل وممولي العصابات التمردية التي تناصب أوطانها عداءً ما ضوياً وتأبى أن تعيش في وطن يسوده الأمن والسكينة والاستقرار.. فالتجارب والظواهر في كل بلاد الله كثيرة في هذا المضمار، ولم تكن بلادنا استثناءً في ذلك وليست بمنأى على وجود عناصر رخيصة ارتهانية عميلة استمرأت مد يدها للآخر وأدمنت الفتنة والإساءة إلى كل ما هو جميل ورائع.. ولا يحلو لها العيش في ظل أجواء آمنة ومناخات مستقرة وظروف هادئة..
بيد أن مثل هذه العناصر التخريبية والعصابات الإجرامية لا يمكن لها في أي حال من الأحوال أن تنفذ مخططاتها الاستعدائية المكشوفة وسياساتها المفضوحة، لأن الشعب يدرك جيداً اليوم وأكثر من أي وقت مضى أبعاد تلك المخططات التآمرية.
إن أولئك النفر النشاز، وذلك الاستثناء الشاذ شذوذاً كلياً عن قاعدة الوطن وثوابته، قد استطاع بفرط غبائه وشدة جهلة وبلادته أن يكتسب قدراً من المناعة القاتلة التي جعلته كائناً أرعناً لا يعي ما يقوله، ولا يفهم ما يقال إليه... وجعلته أيضاً مخلوقاً أبلهاً لا يدرك معطياته الواقع .. ويجهل التعاطي مع متغيرات العصر وإفرازات الحياة..
ولا يستوعب حقائق التاريخ التي لا زمت مسيرة الشعب ورافقت حركة البناء والتنمية الشاملة للوطن وهو يشق طريقه نحو آفاق رحبة، متجاوزاً كل العراقيل والإرهاصات، ومتجهاً نحو تحقيق الأهداف المنشودة التي قدم الوطن في سبيلها أنهاراً من دماء خيرة أبنائه، وناضلت من أجلها الأجيال اليمنية المتعاقبة، وقدمت كثيراً من التضحيات الجسام في سبيل ترجمة وبلورة تلك الأهداف..
وصولاً إلى تجذير معاني الثورة، وتأهيل وتعميق مبادئ المواطنة ومفاهيم الوحدة الوطنية.
وفي حين أن هناك عدداً كبيراً من الانتصارات والمحطات والأحداث والوقائع والحقائق التي تدل في مجملها على أن يمن اليوم أصبح مختلفاً اختلافاً جذريا عن يمن الأمس.. وتؤكد تأكيداً قاطعاً لا يدع مجالاً لذرة شك واحدة بأن أمثال هؤلاء الماضويين الرجعيين لا يمكنهم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولا يستطيعون أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الخلف .. لأن الشعب بات يدرك جيداً الأبعاد العدائية لتلك العناصر وأهدافها التخريبية ومراميها التآمرية على الوطن ومقدراته، وعلى الشعب تطلعاته وانجازاته.
وحين تغيب المبادئ ويتلاشى المنطق، وتنعدم المثل والقيم الإنسانية السامية، فإن الوهم وحده يصبح متحكماً على أولئك المهووسين، وموجهاً لسلوكيات أولئك المنحرفين، ومسيطراً على أرادات الواقعين تحت تأثير إدمان التعصب الأعمى والانتماءات الإرتهانية الضيقة التي لا تجد للخير طريقاً، ولا للتعايش مع المجتمع سبيلاً.
ولعل أولئك المصابين بداء الارتداد الفكري المشوه والاجترار الأممي الموروث من غابر الأزمان، لعلهم يعتقدون أن بمقدورهم إعادة عجلة التاريخ والزمن إلى الخلف وإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل الوحدة والثورة اليمنية،، انطلاقا من فكر دخيل وقناعات ارتدادية ونفسيات انفصامية متأزمة ومخططات تخريبية تستهدف الانقضاض على قيم الخير والمحبة والتطور والحرية والديمقراطية ألا يعنى أولئك الماضويون بأن خيالاً كهذا لا يمكنه إلا أن يكون نابعاً عن نفسيات مريضة متأزمة أصابها العطب التام، وعقليات تعاني جنوناً انفصاميا وشللاً كلياً..
بيد أن ما ينبغي التأكيد عليه في هذه الأثناء هو أن الثورة اليمنية المجيدة 26 سبتمبر و 14 أكتوبر قد امتلكت مقومات تاريخية كبيرة وعظيمة وهامة تؤهلها لدور بارز في إجتراح المآثر وتطويق كل مخلفات الماضي بصوره السلبية القاتمة سواءً في ذلك ما يتعلق بالموروث المكفهر من مساوئ الإمامة وسوءات الاستعمار، أو المتصل بمزالق الصراع السياسي الذي تخلل مراحل التشطير وتحديات المجابهة لفلول المرتزقة الذين راموا الانقضاض على الثورة في مهدها، وما تشهده البلاد في هذه الأثناء من مؤامرات تستهدف وحدة الوطن والارتداد بإرادة الشعب إلى الوراء، وتحديداً إلى أكثر حقب التاريخ المعاصر بشاعة، حيث انشقاق الكيان اليمني الواحد وتهتك النسيج الاجتماعي الذي لا يتجزأ.
وبالتالي فإن الشعب اليمني الغيور الذي وقف دوما بكل صلابة وجسارة وقوة ضد كل المحاولات البائسة واليائسة، الرامية إلى المساس بثورته ونظامه الجمهوري ووحدته الوطنية ومكاسبه وانجازاته ومسيرة نضاله الوطني الذي خاضه في سبيل الانتصار لإرادته في الثورة والوحدة والحرية والديمقراطية.
إن هذا الشعب يرفض كل المحاولات الرامية إلى استهداف إدارته ويدرك جيداً إبعاد تلك المحاولات اليائسة التي باتت مفضوحة لدى الجميع.

خاص موقع معهد الميثاق للتدريب والدراسات والبحوث