الحفاظ على الوحدة اليمنية
الثلاثاء, 05-مايو-2009
نشرة أخبار الساعة - يواجه اليمن تحدّياً صعباً في ظلّ الدعوات الانفصالية التي برزت على ساحته خلال الفترة الأخيرة وأصبحت تهدّد وحدته وتضعه أمام خطر كبير. لقد بذل الشعب اليمنيّ تضحيات كبيرة لتحقيق الوحدة في عام 1990، أو لحمايتها والحفاظ عليها في عام 1994، باعتبارها طريقه الطبيعي للمنعة والترقي ومواجهة التحدّيات المشتركة، ولا شك في أن تعريض هذه الوحدة للتهديد يمثّل إساءة للتضحيات التي بذلت من أجلها، ومغامرة بحاضر الشعب اليمنيّ ومستقبله، وتجاوزاً لخطّ أحمر لا يجب تجاوزه أو حتى الاقتراب منه مهما بلغ مدى الخلاف في وجهات النظر بين القوى والأطراف داخل الدولة الواحدة.

إن الخلافات في وجهات النظر وتعدّد الاجتهادات أمر طبيعيّ وإيجابيّ داخل الدول والمجتمعات، لكن يجب ألا يؤدّي ذلك إلى النيل من وحدة الدولة أو وضع أبنائها في مواجهة بعضهم بعضاً، أو الانزلاق إلى هاوية العنف والمواجهة.

لقد دعا الرئيس اليمنيّ، علي عبدالله صالح، خلال الفترة الأخيرة، الحكومة والأحزاب والقوى الشعبية كافة إلى الحوار الجادّ من أجل تعزيز الوحدة الوطنية ومعالجة أيّ إشكالات على المستوى الوطني، وهي دعوة مهمّة من المأمول أن تجد صدى لدى القوى الداعية إلى الانفصال، لأن الحوار هو الطريق الوحيد لمعالجة أي مشكلات أو تباينات في الرؤى بين أبناء الوطن الواحد، كما أنه لا توجد خلافات غير قابلة للحلّ طالما توافرت إرادة حلّها ضمن الإطار الوطني الجامع.

يواجه اليمن تحدّيات كبيرة على مستويات مختلفة، يحتاج في مواجهتها إلى جبهة وطنية متماسكة وقوية بعيداً عن النزعات الانفصالية الهدّامة التي تفتّت البلاد وتشتّت جهدها وتحرفها عن الاهتمام بقضاياها الأساسية. الحفاظ على الوحدة اليمنيّة مسؤولية القوى والتيارات الوطنية كلها في البلاد، من مثقّفين وأحزاب ورجال دين ووسائل إعلام وغيرها، ولعل من الأمور الإيجابية في هذا السياق إعلان الاتجاه، خلال الفترة الأخيرة، إلى تشكيل لجان شعبية في المحافظات المختلفة هدفها الدفاع عن الوحدة، وإصدار عدد من رجال الدين اليمنيّين بياناً اعتبروا فيه الدفاع عن الوحدة "واجباً شرعياً".

اليمن دولة عربية مهمّة وركن أساسيّ في منظومة الأمن القومي العربي ومعادلة الأمن الإقليمي بشكل عام، وتلعب دوراً مهماً في مواجهة الأخطار التي تواجه المنطقة وفي مقدمتها خطر الإرهاب، ولذلك فإن أيّ تعريض لوحدة أراضيها للخطر، هو تهديد لأمن المنطقة كلها واستقرارها، وإساءة إلى تجربة وحدوية عربية مهمّة مثّلت، حين ولادتها، حدثاً عربياً كبيراً قوبل بالترحاب والدعم والمساندة.

إن الدروس التي تقدّمها الصراعات الأهلية في المنطقة العربية وما أدّت إليه من نتائج كارثية ممتدة وعميقة، يجب أن تكون حاضرة أمام دعاة الانفصال في اليمن والساعين إليه، وفي مقدمة هذه الدروس أن مثل هذه الصراعات لا ينتصر فيها أحد وتنتهي إلى تدمير الأوطان ووضع بذور العداء والحقد التي تستمر سنوات طويلة بين أبناء الوطن الواحد. 

المصدر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.