الرأي العام
الأربعاء, 18-مارس-2009
عباس عبدالرحمن حميد الدين - الرأي العام يعني اتجاهات الناس ومواقفهم إزاء موضوع معين حين يكون هؤلاء الناس أعضاء في نفس الجماعة المعنية.
هو الفكرة السائدة بين الناس الذين تربطهم مصلحة مشتركة إزاء موقف من المواقف أو تصرف من التصرفات أو مسألة من المسائل العامة التي تثير اهتمامهم وتتعلق بمصالحهم المشتركة.
وبصورة عامة فإن الرأي العام يمثل وجهة نظر الأغلبية تجاه قضية معينة وعامة وفي زمن معين تهم الجماهير وتكون مطروحة للتناقش والجدل بحثاً عن حل يخدم الصالح العام ووفقاً لهذا التعريف.
أركانه:
1- وجهة نظر الأغلبية.
2- قضية عامة معينة تهم غالية المجتمع.
3- زمن معين.
4- قضية مطروحة.
5- تحقيق مصلحة عامة.

لذلك فأن الرأي العام يختلف عن العرف والتقاليد فالرأي العام هو الرأي الغالب المؤقت و المتولد عن حدث أو أحداث عابرة أو ظرفية وهو غالباً لا يكون من الثوابت الدينية والثقافية أو المعتقدات والرأي ليس سوى تقييم لموقف والإعلان عن الانطباع العام المتعلق بذلك الموقف.
أنواع الرأي العام:
إذا كان الرأي العام نتاج تفاعل آراء الجماعة حول موضوع معين وفي زمن معين فأن تنوع الجماعات وتنوع المواضيع التي تصبح محور مشاكلها واهتماماتها تؤدي إلى تنوع في هذه الظاهرة بحيث يكون هذا التنوع متأثراً بتنوع الفئات والمجتمعات وتبدل المكان والزمان.
أولاً : تصنيف الرأي العام على أساس مدى انتشاره
‌أ. الرأي العام المحلي والداخلي
1- الرأي العام الحزبي : ينتشر داخل جماعة حزبية ويكون موضوعة غالباً سياسياً ويتميز بأنه منظم ويتم وفق القواعد التنظيمية التي تضمها مؤسسات الحزب.
2- الرأي العام النقابي: فضاءاتهم الجماعة المنضوية في النقابة وتكون ذات طبيعة مهنية.
3- الرأي العام النوعي: يقوم نتيجة ارتباط فئة أو طائفة من الناس بقضية أو مسألة تتعلق بمصالح هذه الفئة ومن أمثلته( الرأي العام الإسلامي- الرأي العام المسيحي – والرأي العام العربي).
‌ب. الرأي العام الإقليمي:
هو الرأي السائد بين مجموعة من الشعوب المتجاورة جغرافياً في فترة معينة حول قضية أو أكثر يحتدم حولها الجدل والنقاش ويمس مصالحها المشتركة أو قيمها الإنسانية بصورة مباشرة وأمثلتها:( الرأي العربي الذي يتولد حول القضايا المصيرية مثل فلسطين).
‌ج. الرأي العام الدولي:
يقصد به رأي الشعوب وليس رأي الحكومات وينشأ نتيجة ظهور قضايا تهم كافة شعوب العالم مثل(الحروب – حقوق الإنسان – البيئة).
ثانياً: تصنيف الرأي العام على أساس المدى الزمني:
1- رأي عام دائم: يرتبط بقضية لها تأثيرها أو حضورها القومي أو الوطني مثل قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
2- رأي عام مؤقت: ينشأ نتيجة حادث عارض ويزول بسرعة فور زوال الأسباب التي أدت إلى ظهوره ومن أمثلته: الرأي العام الرسمي بشأن ( انفجار- اغتيال- زلزال).
3- الرأي العام اليومي: رأي عام متحرك ويرتبط بتطورات سياسية أو اقتصادية متحركة حيث تؤدي وسائل الإعلام دوراً فاعلاً في تشكيل هذا الرأي.
ثالثاً: تصنيف الرأي من ناحية الظهور والخفاء:
1- رأي عام ظاهر: يتم التعبير عنه علناً خاصة في الدول الديمقراطية من أمثلته ( التظاهرات – الندوات).
2- رأي عام غير ظاهر أو كامن لأن البيئة التي يقوم بها غير ديمقراطية.
قياس الرأي العام:
إن قياس الرأي العام واستطلاعه أو استفتاءه عملية يقصد بها الوقوف على اتجاهات هذا الرأي تجاه قضية عامة أو عدة قضايا تكون موضع جدل ونقاش وتحظى باهتمام المواطنين لأنها تمس مصالحهم.
وتكتسب عملية قياس الرأي العام أهمية بالغة لدى أغلب النظم السياسية لأنة بواسطتها تتعرف هذه النظم على أراء مواطنيها ومواقفهم تجاه القضايا الهامة.
ويعتبر استطلاع الرأي العام وقياسه مرشداً للحكومات والزعماء للوقوف على رغبات الشعب قبل وضع القوانين والتشريعات وقبل اتخاذ القرارات المصيرية التي تتعلق بالقضايا العامة.
ومنذ مطلع القرن العشرين ازدادت النشاطات التي تهتم ببحوث الرأي العام وبدأت الاجتهادات العملية والفكرية لوضع أسس علمية وفنية لهذه البحوث والدراسات من أجل الوصول لأفضل الطرق وأدقها لقياس الرأي العام بصورة إيجابية ومن أجل معرفة اتجاهات المواطنين وأرائهم حول مختلف القضايا العامة سواء من الناحية السياسة والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
طرق قياس الرأي العام:
يعتمد المهتمون والمتخصصون في مجالات قياس الرأي العام ثلاث طرق
1- طريقة الاستفتاء.
2- طريقة المسح.
3- طريقة تحليل المضمون.
طريقة الاستفتاء:
عبارة عن مجموعة من الاختبارات والطرائق الهدف منها هو الوقوف على اتجاهات الرأي العام حيال العديد من القضايا العلمية التي تشغل الجماهير في أي مجتمع من المجتمعات وهناك فرق بينة وبين الاستفتاء الشعبي العام الذي يؤخذ به عادة في القضايا الحاسمة والمصيرية مثل ( إعلان حرب – تعديل دستور ) وهو يطبق على جميع الإفراد الذين يتمتعون بالحقوق السياسية ويتم إتباع الخطوات التالية:-
- اختيار عينة من الجمهور موضوع الاستفتاء بدقة وعناية.
- توجه إليها العديد من الأسئلة التي تتضمن موجزاً كاملاً عن المشكلة العامة المراد قياس اتجاهات الرأي العام حيالها.
- توضع هذه الأسئلة طبقاً لخطة معدة سلفاً بكل دقه.
- يتم سؤال الأفراد أما بتسلم استمارات الاستفتاء شخصياً أو ترسل بالبريد أو تذاع على الجمهور عن طريق أجهزة الإعلام.
- تتلقى الجهة التي تقوم بالقياس الإجابات وتشرع بعد ذلك في دراستها واستخلاص النتائج عن طريق إحصاءات رياضية أو رسوم بيانه أو غيرها من الطرائق المختلفة.

طريقة المسح:
تتميز بأنها أعم وأشمل من طريقة الاستفتاء لأنها تقوم بقياس الرأي العام الظاهر والرأي العام الخافي وهناك وسيلتان لقياس الرأي العام عن طريق المسح هما:
1. وسيلة الملاحظة وتقوم على أساس الاستطلاع غير المباشر للرأي حيث يهتم الملاحظ بتسجيل الآراء التي يسمعها كاملة، ويندس الملاحظون في كافة الأوساط والتجمعات الجماهيرية وهم غالباً يختارون من نفس الفئات العاملة في تلك الأماكن حتى يطمئن الناس أليهم ولا يترددون عن الإدلاء بارئهم أمامهم.
2. وسيلة المقابلة: وتتم المقابلة عادة بين الباحث وبين مجموعة من الناس المراد معرفة أرائهم حول موضوع معين في زمن معين.

طريقة تحليل المضمون:
تستخدم هذه الطريقة للتعرف على اتجاهات الرأي العام العالمي لكي تكيف سياساتها الداخلية والخارجية مع الاتجاهات العالمية الحديثة سواء في مجال السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة وذلك عن طرق دراسة وتحليل الاتجاهات التي تنطوي عليها المواد التي تقدمها الصحف والإذاعة والتلفزيون وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيري .

تمر عملية استقصاء وقياس الرأي العام بثمان مراحل يمكن إيجازها على النحو التالي:

أولاً : اختبار الموضوع الذي يشمله الاستقصاء وعلى سبيل المثال:-
- قياس أراء الناس في أجراء حكومي على قدر كبير من الأهمية.
- قياس أرائهم في أحد المرشحين لمنصب من المناصب العامة.
- قياس أراء الناس في سلعة من السلع المعروضة للبيع أو في نجم سينمائي.
- قياس أراء الناس في نمط من أنماط التعليم.
ثانياً: اختيار الوسط (الموقع) الذي يجرى فيه الاستقصاء وهنا يجب مراعاة التالي:-
- الملائمة بين الموضوع والوسط من ناحية والملائمة بين الهدف والوسيلة من ناحية أخرى.
- الوسط يجب أن يكون وثيق الارتباط بالموضوع الذي يعالجه هذا الاستقصاء فعلي سبيل المثال الاستقصاء المتعلق بالعمال يجب أن يجري في الأوساط العمالية وهكذا.
ثالثاً : تحديد العينات:-
- الاستقصاء العشوائي : يكون لكل فرد من السكان فرصة الوجود في العينة المنتقاة.
- الاستقصاء القطاعي: يقسم الوسط إلى قطاعات مرتبة بحسب حقائق معلومة ويجرى اختيار عينه من كل قطاع بحسب حجمه النسبي.

رابعاً : إعداد الأسئلة:-
- مراعاة الأمانة التامة في صياغة الأسئلة.

خامساً : الاختبار التجريبي السابق على التنفيذ:-
- الاستعانة بالخبراء كمستشارين.
- إجراء اختبار تمهيدي عام.
- إجراء اختبار عينه محدودة.

سادساً : إجراء المقابلة:-
- وهنا يجب على الباحث إن يكون على دراية بمبادئ علم النفس الاجتماعي.
- وهنا يجب على الباحث أن يكون على دراية بالعادات والتقاليد السائدة.
- وهنا يجب على الباحث أن يكون على دراية بتفاصيل موضوع الاستقصاء.
- وهنا يجب على الباحث أن يكون حسن المظهر ولبقاً في حديثة.
- وهنا يجب على الباحث أن يجيد تصنيف المجيبين من حيث مستواهم الاقتصادي.
- وهنا يجب على الباحث أن يتفادى إجراء المقابلة في أوقات غير ملائمة للمجيب.
- وهنا يجب على الباحث أن يغادر المكان فوراً بعد انتهاء المقابلة.
- وهنا يجب على الباحث إن يفطن إلى أن النتائج السليمة لا يمكن أن تنبني على الإجابات عن سؤول واحد بعينه.
- وهنا يجب على الباحث أن يفطن إلى أهمية الإجابة المترددة المتمثلة في عبارة لا أعرف.
- وهنا يجب على الباحث أن يفطن إلى أن تغيير صيغة السؤال قد تؤدي إلى إجابة مختلفة.
- وهنا يجب على الباحث أن يفطن إلى إن باحثاً أخر يقوم بالاستقصاء ذاته قد يأتي بنتائج مختلفة.
سابعاً: استخلاص النتائج:-
- على الباحث أن يدرك إلى إن النسبة المئوية التي تضمنها تقريره قد يساء فهمها وتفسيرها إذا لم تكن مصحوبة بتفسيرات دقيقة ومطعمة بالألفاظ والأرقام.
-
- إن الإجابات التي يقوم بتحليلها هي في الواقع وليدة اللحظة التي أجريت فيها المقابلة.
- إن الإجابات التي يقوم بتحليلها هي وليدة الطريقة التي أجري بها الاستقصاء.
- إن الإجابات التي يقوم بتحليلها هي وليدة الإيحاءات أو التحيزات التي تضمنتها الأسئلة.
- إن الإجابات التي يقوم بتحليلها هي حصيلة المعلومات المختزنة في عقل المجيب.
- إن الإجابات التي يقوم بتحليلها هي وليدة السمات الشخصية للمجيب.
- إن الإجابات التي تقوم بتحليلها هي وليدة البيئة والعادات والتقاليد السائدة.
- إن الإجابات التي يقوم بتحليلها هي ضروب من السلوك الإنساني لا يمكن أن تعبر عنها الأرقام الإحصائية تعبيراً صادقاً إلا إذا تحقق هذا السلوك.
ثامناً :عرض النتائج:-
- العرض السليم للنتائج من شأنه أن يسهل على المتتبع للاستقصاء عملية فهم الأرقام والتصنيفات الإحصائية فهماً أدق وأشمل وأصدق.
وأخيراً
يجب على الباحث إن يتذكر دائماً أن البيانات التي جمعها ليست هي كل البيانات التي يحتاج إليها واضع السياسة، فوضع السياسة مجال واسع وغامض من مجالات النشاط الإنساني ومن ثم فأن البيانات التي يقدمها ليست إلا جزءاً من البيانات ذات الصلة بالموضوع وأن على يجب على الباحث أن يعطي واضعي السياسة الشعور بأنه مجرد شخص يساعد وإن النتائج التي وصل إليها ليست مادة حاسمة في الموضوع كما أن عليه يجب على الباحث إن يضع بدائل اقتراحات ثم يختار الاختيار من بينها. 


نائب رئيس موقع معهد الميثاق للتدريب والدراسات والبحوث