آفة الإرهاب
الأربعاء, 18-مارس-2009
كلمة صحيفة الثورة - على الرغم من كل عمليات الاستهداف التي تعرضت لها اليمن من قبل قوى التطرف والإرهاب التي كانت تحلم - حتى وقت قريب - بتحويل هذا البلد العربي المسلم الذي حمل أبناؤه راية العقيدة إلى أصقاع المعمورة إلى ساحة مفتوحة أمام فكرها الظلامي والإجرامي وأفعالها الدموية والتدميرية، فإن تلك القوى والعناصر الإرهابية التي امتهنت أعمال القتل وسفك الدماء والاعتداء على الآمنين من زوار اليمن، قد فشلت فشلاً ذريعاً بفضل يقظة رجال الأمن وكذا كافة المخلصين من أبناء الوطن، في تحقيق مراميها الخبيثة ومخططاتها الدنيئة التي أرادوا من خلالها الإساءة إلى قيم المجتمع اليمني والسلوك الحضاري الذي يتصف به أبناؤه وكذا ما يتميزون به من خصائص الاعتدال والوسطية التي تنبذ التشدد والتعصب والغلو والعنف.
وبفعل الاخفاقات التي مني بها المخطط الارهابي وعناصره المنحرفة التي كان لها شعبنا بالمرصاد، فقد عمدت تلك الخفافيش الضالة إلى أساليب التخفي والتربص بالأفواج السياحية والاعتداء عليها، دون أن تدرك أنها لن تستطيع أبداً الإفلات من يد العدالة وأجهزة الأمن التي تعمل ليلاً ونهاراً في الكشف عن جحورها وتعقب أفرادها وإلقاء القبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء لينالوا الجزاء الرادع على ما اقترفوه بحق هذا الوطن من جرائم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بالأمن والاستقرار والتعرض لضيوف اليمن وتشويه صورة أبنائه الذين وصفهم النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بأنهم "أرق قلوباً وألين أفئدة".
وتبرز آخر شواهد النجاح الكبير الذي أحرزته الأجهزة الأمنية اليمنية في حربها ضد الإرهاب، في تمكنها من القبض على أخطر العناصر الإرهابية أكانوا ممن يحملون الجنسية اليمنية أو جنسيات أخرى.
ولأن آفة الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين لها ولا وطن، فإنها باتت تهدد بشرورها كافة دول العالم، غنيها وفقيرها، صغيرها وكبيرها، ودون تمييز بين مجتمع وآخر، فلم نكن في اليمن بمعزل عن حقد الإرهاب الذي تعاظمت عدوانيته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ليغدو وبالاً على الإنسانية جمعاء.
الأمر الذي تبرز معه الحاجة إلى تعاون دولي أكبر وشراكة حقيقية في مواجهة هذا الجموح الخطير الذي يزداد بمعدلات متسارعة، وصولاً إلى اجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف منابعه، خاصة وأن من اعتنقوا الفكر المتطرف والإرهاب هم من تحركهم نوازع الحقد والكراهية لمعاني الحياة بعد أن تجردوا من كل وازع إيماني وأخلاقي، ومثل هذا الجنون الذي يقود المبتلى به إلى تفجير نفسه وحفر قبره بيديه، يقتضي مواجهة شاملة وتنسيقاً دائماً وتحركاً مشتركاً من سائر بلدان العالم لما من شأنه محاصرة وتطويق الظاهرة الإرهابية ووأد مشروعها الظلامي والضلالي وسد كل المنافذ التي يتسرب منها.
وبالقدر الذي ندعو فيه إلى قيام شراكة دولية في مجابهة تلك الظاهرة الشاذة، فإننا في الوقت ذاته لا نسقط عن أنفسنا مسؤولية الحفاظ على أمننا واستقرارنا وحمايته من أولئك الجهلة الذين انزلقوا في مهاوي الانحراف فحادوا عن طريق الحق والصواب بعد أن أطبق الشيطان على عقولهم، وهي مسؤولية لا تخص أجهزة الأمن وحدها وإنما جميع أبناء المجتمع، باعتبار هذا الداء السرطاني لا يستهدف فقط مقومات اقتصادنا الوطني وإعاقة مسيرة التنمية، وإنما ينال من عقيدتنا الإسلامية السمحاء ويلحق الضرر البالغ بمعانيها العظيمة وجوهرها الأصيل القائم على نهج الوسطية والاعتدال، ويشوِّه بفكره العقيم قيمنا وتقاليدنا وإرثنا التاريخي والحضاري المجيد.

المصدر الثورة نت