اليمن في مسارها السياسي والدستوري .. رئيس يخون وطنه وعدو يخدع العالم(1-2)
الأربعاء, 31-أغسطس-2016
الميثاق إنفو -
تعرض اليمنيون – إلى جانب انتهاك سيادة بلدهم واستخدام أنواع الأسلحة الحديثة والفتاكة في تدمير مقدراته، وإطباق الحصار الاقتصادي عليهم- إلى حملة تضليل واسعة للرأي العام العربي والعالمي من قبل تحالف العدوان السعودي.

غير أن حقائق المشهد اليمني المطمورة تحت ركام الآلة الإعلامية والمالية الهائلة لتحالف العدوان، تدحض الادعاءات السعودية، بالخصوص تلك المتصلة بمشروعية مرتزقته وبمقدمتهم الرئيس الفار، المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي .. التقرير التالي يسرد بعض الوقائع السياسية والقانونية:



أولا: الوضع الدستوري والقانوني لسلطات الدولة ومسار العملية السياسية:

إن مجلس النواب (البرلمان) اليمني منتخب شعبيا في العام 2003م، وباشر صلاحياته وفقا للدستور النافذ، وبسبب توافقات بين جميع الأحزاب والكتل السياسية تم في إبريل 2009م تعديل المادة المرنة (65) من الدستور بحيث تتيح للمجلس مواصلة صلاحياته لسنتين إضافيتين.

ونظرا للوضع السياسي المضطرب في السنة 2011م فقد دخل المجلس تحت طائلة ذات المادة الدستورية (65/أ) التي تلزم المجلس الاستمرار في مباشرة سلطاته الدستورية في ظل تعذر إجراء انتخابات برلمانية عامة لظروف قاهرة إلى حين زوال تلك الظروف وانتخاب مجلس جديد.

وفي خضم وضع البلاد المضطرب وقّعت الأطراف السياسية في نوفمبر 2011م على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، كمرجعية لعملية سياسية انتقالية مدتها عامان، وذلك للخروج من الأزمة السياسية والوضع السياسي الاستثنائي. ووفقا للمبادرة وآليتها، إلى جوار القوة الدستورية ظل المجلس ممارسا لمهامه، وتعاطى بإيجابية كممثل للشعب اليمني مع مسارات العملية السياسية الانتقالية ومخرجاتها، بما في ذلك السلطة التنفيذية للرئيس الفار عبدربه منصور هادي وحكوماته.

عقب توقيع المبادرة وآليتها المزمنة انخرط اليمنيون في العملية السياسية، وأجريت انتخابات رئاسية أحادية المرشح فاز فيها –بطبيعة الحال - هادي، على أمل تجاوز الأزمة وإعادة الاستقرار إلى البلاد.

بيد أن هادي وحكومته بدأوا منذ الأيام الأولى من ممارسة سلطتهم بزرع بذور أزمة سياسية جديدة من خلال العجز المخجل في إدارة البلاد أمنيا واقتصاديا وخدميا، لتشهد الساحة اليمنية مشاكل عديدة واضطرابات هنا وهناك رغم المساندة الداخلية والخارجية، ما صعد حالة اليأس والتذمر الشعبي بين اليمنيين.

وإلى جانب هذا العجز سعى الرئيس الفار جاهدا للالتفاف على المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة، والقرارات الدولية ذات العلاقة، وعلى التوافقات الداخلية. وذلك عبر التنصل من المبادرة الخليجية التي يلوكها ويزايد بها اليوم هو وزمرته، إذ أنها في جوهرها ونصوصها قامت على أساس تزمين مفردات العملية السياسية، والمشاركة في القرار العام، وعلى أساس بنود تتضمن التزامات الفرقاء، وهي في معظمها التزامات على السلطة التنفيذية، الرئيس الفار وحكومته. وبالنتيجة فقد أفرغ الرئيس الفار المبادرة وآليتها "المزمنة" من روحها ونصوصها كناظم مرجعي مؤقت لعملية سياسية انتقالية مدتها عامان. ويتبين ذلك من خلال بعض الإشارات الآتية:

1- نية الرئيس الفار إدامة مكوثه على كرسي الرئاسة متجاوزا التفويض الشعبي، والمبادرة الخليجية وآليتها، بالحكم لمدة عامين فقط. وتكشفت تلك النية بتجاوزه المدد الزمنية في المبادرة بمسافات زمنية طويلة، كأمثلة على ذلك: تأخر الدعوة لعقد مؤتمر الحوار الوطني وإطالة فترته، ثم إطالة فترة عمل لجنة صياغة الدستور الجديد بما يتجاوز كثيرا الفترات المحددة في المبادرة الخليجية، وكذلك فرضه على مؤتمر الحوار تمديد سنة إضافية لبقائه رئيسا، خلافا للدستور وللمبادرة الخليجية باعتبار المدة وباعتبار أن ليس من صلاحيات مؤتمر الحوار التمديد، وليس هو المؤسسة صاحبة صلاحية التمديد.

2- تنصل الرئيس الفار من التزامات في المبادرة الخليجية، كمثال على ذلك عدم تشكيله لجنة التفسير.

3- إطراح الرئيس الفار مبدأ الشراكة والتوافق بفرض بنود على مؤتمر الحوار الوطني ووثيقته خلافا لمبدأ الشراكة في المبادرة الخليجية وآليتها، وبالمخالفة للائحة المنظمة لعمل مؤتمر الحوار. وكذلك التفافه على مؤتمر الحوار الوطني في واحدة من أهم القضايا، وهي تلك الخاصة بمسألة الأقاليم والحكم الفيدرالي حيث أخرجها من طاولة مؤتمر الحوار إلى لجنة مصغرة مكونة من عدد يقل عن عدد أصابع اليدين. وكذا اتخاذ إجراءات تنفيذية انفرادية ذات خطورة سياسية كتكليفه مدير مكتبه بتشكيل حكومة جديدة، عارضه في هذا الإجراء حينها حتى الملتفون حوله اليوم.

4- انتقائية الرئيس الفار في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية، حيث أنه في الوقت الذي مارس التنصل والالتفاف على كثير من البنود ركز جهوده على إعادة "هيكلة القوات المسلحة" ليستكمل تحت هذا العنوان حلقات التآمر وتفكيك الجيش اليمني التي بدأت خطواتها في السنة 2011م.



نتيجة لتلك السلوكيات غير المسؤولة والتآمرية تصاعد الاحتقان الشعبي والسياسي، ما جعل مجلس النواب يدخل في محاولة تخفيف الاحتقان بتوجيه رسالة إلى الرئيس الفار موقعة من جميع رؤساء الكتل البرلمانية مطلع يونيو 2014م تحثه على تغيير عاجل للحكومة نظرا لعجزها عن أداء أبسط مهامها، إلا أنه تعاطى مع الرسالة بالتجاهل.

وفي العام 2014م، وجراء عجز الرئيس الفار وحكوماته وتعامله اللامسؤول والتآمري مع الشأن العام، وصل الوضع السياسي والشعبي إلى نقاط حرجة، وتصاعد بشكل متسارع إلى ان وصلت الاضطرابات لصورة شبيهة بأزمة 2011م، من مواجهات عسكرية ومظاهرات واعتصامات شعبية.

وتواصلت محاولات الأطراف إنقاذ الحالة السياسية برعاية دولية من الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن جمال بن عمر، وتم توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية في 21مارس 2014 كمرجعية جديدة للعملية السياسية تجاوزت المبادرة الخليجية ومجددا تنصل الرئيس الفار من التزامات الاتفاق لينتهي به الأمر للتخلي عن مسؤولياته والفرار من البلاد.