الوحدة وجدت لتبقى وستنتصر على الغزاة
الاثنين, 23-مايو-2016
بقلم الاستاذ عارف عوض الزوكا -الامين العام للمؤتمر الشعبي العام - -

يحتفل شعبنا اليمني العظيم بالعيد الوطني السادس والعشرين للجمهورية وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الـ22 من مايو 1990م والوطن يمر بأخطر مرحلة في تاريخه المعاصر فهو يتعرض منذ عام ونيف لعدوان غاشم وهمجي شنه تحالف العدوان بقيادة السعودية ضد الشعب اليمني، مخالفاً بذلك ميثاق الامم المتحدة وميثاق الجامعة العربية وكل الاعراف والمواثيق الدولية التي تجرم شن حرب على دولة مستقلة ذات سيادة.

وبدايةً فإنني أحيي كافة ابناء الشعب اليمني وأهنئهم بهذه المناسبة العزيزة على قلب كل واحد منهم ،كما احيي واهنىء الزعيم علي عبدالله صالح- رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام- الذي كان هدف اعادة تحقيق الوحدة اولى اهتماماته منذ انتخابه رئيساً للبلاد في عام 1978م ،حتى نال شرف تحقيقها مع بقية الشرفاء من ابناء الوطن ،ويكفيه فخراً وشرفاً ان التاريخ سيسجل بأحرف من نور انه كان موحد اليمن والمدافع الشرس والعنيد عنها ولا يزال وسيظل- ومن خلفه المؤتمر الشعبي العام وقياداته وقواعده وكوادره وأعضاؤه وأنصاره وكل شرفاء الوطن- يدافع عن هذا المنجز الوطني العظيم ،كما احيي كل مؤتمري ومؤتمرية بهذه المناسبة العظيمة التي نحتفل بعيدها السادس والعشرين اليوم.

في مثل هذا اليوم من عام 1990م شهدت مدينة عدن لحظة تاريخية فارقة عندما ارتفع علم الجمهورية اليمنية خفاقاً معلناً ميلاد يمن جديد يجمع كل ابنائه من المهرة الى صعدة ومن عدن الى الحديدة ومن سقطرى الى ميدي، ومنذ ذلك اليوم وأعناق اليمنيين واليمنيات تطاول عنان السماء زهواً وفخراً بهذا المنجز الذي جسد واقعاً حلم اليمنيين الذي تأخر لأكثر من ثلاثة عقود منذ الثورة اليمنية »26 سبتمبر 1962م و14 اكتوبر المجيدتين« ،وكان عنوان وفاء لدماء الشهداء وتضحيات اجيال من الحركة الوطنية اليمنية التي ناضلت من اجل تخليص اليمن من حكم كهنوتي مستبد ،وتحريره من الاحتلال البريطاني البغيض .

لقد مثَّلت اعادة تحقيق الوحدة اليمنية قبل 26 عاماً نموذجاً للحكمة اليمانية فقد كان الحوار منهاجاً لتحقيقها ولتوحيد اليمن ونزع براميل التفرقة التي كانت تفصل اليمني عن نصفه الآخر، وقد جاءت الوحدة لتخرج اليمن من الحكم الشمولي معلنةً تدشين عهد جديد من الديمقراطية والتعددية السياسية التي اعادت للشعب حقه في اختيار من يحكمه عبر صناديق الاقتراع،ناهيك عما جاءت به الوحدة من خيرات في مجال التنمية وصلت الى كل قرية ومديرية ومحافظة في ارجاء الوطن اليمني.

يتزامن الاحتفال بعيدنا هذا العام والوطن يتعرض لعدوان غاشم وحصار جائر، بينما تتعرض بعض اجزائه للاحتلال من قبل قوات اجنبية يتم الدفع بمزيد منها كل يوم بشكل سافر يمثل استهدافاً مباشراً للوحدة اليمنية ارضاً وإنساناً ،وانتهاكاً لسيادة واستقلال اليمن ،وهو ما يجعلنا في المؤتمر الشعبي العام نجدد موقفنا المبدئي الثابت والرافض للعدوان والتواجد الأجنبي على الأراضي اليمنية بأي شكل من الاشكال وتحت أي مسمى من المسميات فوحدة وسيادة واستقلال وامن واستقرار اليمن ثوابت وطنية للمؤتمر وكل القوى الوطنية التي تقف في مواجهة العدوان.

إنه من المؤلم حقاً ان يحتفل اليمنيون بعيد وحدتهم السادس والعشرين وهم يرون ما يعتمل في بعض المحافظات لاسيما في محافظة عدن التي كان لها شرف احتضان لحظة اعلان تحقيق الوحدة اليمنية من اعمال تهجير وترحيل قسري لمواطنين يمنيين من قبل مسؤولين في تلك المحافظات وصلوا الى السلطة بحماية ووصاية من قوات اجنبية غازية ،وهي الاعمال التي باتت تهدد بتمزيق النسيج الاجتماعي لليمنيين وتضرب قيم التعايش والتسامح التي عرفوا بها وتصيبه في مقتل ،وتمثل خطراً يهدد وحدة الوطن ،خاصة حين نجد ان هذه الانتهاكات تستهدف ابناء البلد في الوقت الذي تفتح فيه الابواب لاحتضان الغزاة والمحتلين الذين يلقون من يرحب بهم ممن باعوا الوطن وكرامته وسيادته واستقلاله بثمن بخس سعياً لتحقيق مشاريع صغيرة تستهدف تمزيق الوطن ومحاولة اعادة عجلة التاريخ الى الوراء دونما أي اعتبار لقيم ثوابت وأخلاق الشعب اليمني، وليس مبالغة القول ان التاريخ الذي سجل بأحرف من نور اسماء الأحرار والثوار اليمنيين وتضحياتهم العظيمة في سبيل طرد المحتل البريطاني ،وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل استقلال الوطن وتحقيق وحدته، فإن هذا التاريخ سيذكر بالعار من باعوا بلدهم واستقدموا الأجنبي للعدوان عليه وادخلوا المحتل الى ترابه في مشهد خياني لن يغفره لهم الشعب اليمني ولا الاجيال القادمة التي ستظل لعناتها تلاحقهم الى يوم الدين.

على مدى عام ونيف عمد العدوان السعودي الغاشم الى ممارسة ابشع الجرائم بحق الشعب اليمني فقد سقط الآلاف من الشهداء،وأصيب عشرات الآلاف بجروح وإعاقات وشرد مئات الآلاف من منازلهم وبيوتهم التي دمرت وأصبحت اثراً بعد عين ،جراء هذا العدوان، كما خلف الحصار الجائر اوضاعاً انسانية كارثية تقتل الشعب اليمني بالجوع والبطالة والفقر وتحرمه من ابسط حقوقه وفي مقدمتها حق التعليم والرعاية الصحية بسبب استمرار العدوان السعودي ومرتزقته في تدمير المنشآت التعليمية والطبية وكل البنى التحتية والمقدرات الاقتصادية للشعب اليمني ،ناهيك عن تعمد العدوان تدمير مقدرات المؤسسة العسكرية والأمنية اليمنية بشكل ممنهج ما اتاح الفرصة امام التنظيمات الارهابية لان تسيطر على اجزاء واسعة من البلاد وبالأخص في المحافظات الجنوبية والشرقية من البلاد بل وبدعم ومساندة وتمويل تحالف العدوان لتلك التنظيمات الإرهابية واستخدامها كذريعة للتدخل الاجنبي واحتلال اجزاء من الارض اليمنية وهو ما ينذر بخطر لا يتهدد أمن اليمن فحسب بل وأمن المنطقة والعالم كله.

لقد كان لوسطية واعتدال المؤتمر الشعبي العام الدور البارز في مواجهة الارهاب ومخاطره على الشعب والوطن لقناعته بضرورة مواجهة الارهاب والقضاء عليه منذ بدأ بتنفيذ عملياته الارهابية في بعض المناطق اليمنية، وقاد المؤتمر ممثلاً بقيادته في أعلى هرم السلطة التنفيذية بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحكومات المؤتمر المتعاقبة معركة شرسة لاجتثاثه وتجفيف بؤره ومنابعه معتمداً رؤية وطنية تجسد الاحترام للدستور ،وواجب الحماية وتوفير الامن والسكينة للشعب ،والدفاع عن مصالح الوطن العليا بكل ما للكلمة من معنى،وظل المؤتمر حتى بعد ان سلم السلطة يحذر من مخاطر استفحال الارهاب وتوسع نفوذه بفعل السياسة التي انتهجت منذ العام 2011م والتي كان من آثارها تدمير وتمزيق الجيش والأمن تحت مسمى اعادة الهيكلة.

لقد مثَّلت اعادة تحقيق وحدة اليمن منجزاً لا يضاهيه منجز في تاريخ الامة العربية خلال القرن العشرين ولذلك ظل هذا المنجز يتعرض للمؤامرات الهادفة الى وأده وتدميره بشتى الطرق والوسائل سواء من الخونة والعملاء في الداخل ،او من قبل القوى الخارجية التي توجت مؤامراتها بتدمير وتمزيق المؤسسة العسكرية والأمنية للجمهورية اليمنية منذ العام 2011م، مروراً بما سمي بمشروع الهيكلة وانتهاء بشن العدوان الغاشم الذي دمر بشكل ممنهج ومخطط مقدرات اليمن عسكرياً وامنياً وانتهك سيادة اليمن واستقلاله بالغزو والاحتلال.

إن ما يجب ان يدركه الشعب اليمني اليوم اكثر من أي وقت مضى ان وحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي وقيمه في التعايش والتسامح تتعرض لأخطار محدقة تستوجب على كل مواطن ومواطنة تحمل مسؤوليته التي يفرضها عليه واجب الانتماء والولاء الوطني في الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدته وأمنه واستقراره سواء ضد العدوان السعودي والغزو الخارجي او ضد المشاريع الصغيرة الرامية الى اثارة فتن مذهبية ومناطقية بغيضة تتحول الى صراعات مسلحة وحروب داخلية تأكل الاخضر واليابس وتهلك الحرث والنسل خاصة وأنه يجري تنفيذها بعد عام من العدوان الذي دمر كل مقدرات الشعب اليمني وبنيته التحتية وارتكب بحقه جرائم ابادة جماعية تفوق جرائم النازية والفاشية.

ورغم كل المعاناة والآلام والجروح فإن العيد الوطني للجمهورية اليمنية يتزامن مع انعقاد مشاورات الكويت الرامية الى ايقاف العدوان السعودي ورفع الحصار وتحقيق السلام في بلادنا وهو الأمر الذي يجب ان يذكّرنا بأن منجز اعادة تحقيق الوحدة تحقق عبر الحوار والطرق السلمية ما يفرض علينا جميعاً كيمنيين الوقوف بمسؤولية تاريخية امام هذه الفرصة لتحقيق السلام من خلال الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة والمثلى لإنهاء معاناة الشعب اليمني بإيقاف العدوان السعودي ورفع الحصار وتحقيق السلام وضرورة تنازل الاطراف لتحقيقه، وبما يمكن من اقامة شراكة وطنية حقيقية في السلطة من خلال قيام سلطة تنفيذية توافقية تحمل على عاتقها مسؤولية اعادة الحياة الطبيعية والأمن والاستقرار وتقوم بمكافحة الارهاب الذي يهدد نسيجنا الوطني وقيمنا وتعاليمنا الدينية.

ولعل من المهم اليوم ان نذكّر بموقف المؤتمر الشعبي العام وقيادته السياسية ممثلة بالزعيم علي عبدالله صالح -رئيس المؤتمر- اثناء ازمة العام 2011م حين آثر مصلحة اليمن العليا وحرص على حقن دماء اليمنيين وسلم السلطة سلمياً منعاً لانزلاق البلاد نحو العنف والفوضى في مشهد اشاد به العالم اجمع ،وسيظل يسطره التاريخ بأحرف من نور لقائد يضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار ويتسامى على كل الجراح والآلام، ما يجعله يستحق جائزة نوبل للسلام وليس كما يحاول البعض من الذين يفجرون في الخصومة دون بصر او بصيرة، وكما يفعل تجار الحروب الذين يصرون اليوم على التمسك بالسلطة والتشبث بها ويرفضون تقديم التنازلات حتى ولو كان ذلك على حساب دماء ابناء الشعب اليمني ومعاناة المواطن في معيشته وحياته اليومية.

إننا في المؤتمر الشعبي العام نجدد بهذه المناسبة موقفنا الثابت في الانحياز الى خيار السلام.. سلام الشجعان القائم على انهاء العدوان السعودي ورفع الحصار، والحفاظ على ثوابت الوطن وفي مقدمتها الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية، وسيظل الحوار هو نهج المؤتمر الذي لا يحيد عنه من اجل التوافق والسلام..

التحية لكل ابناء الشعب اليمني العظيم رجالاً ونساءً شيوخاً وشباباً ..
التحية لكل مؤتمري ومؤتمرية في عموم وطننا الحبيب.
الرحمة والخلود للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة من اجل الدفاع عن وطن الثاني والعشرين من مايو.. والشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
___
* افتتاحية صحيفة الميثاق