مَدينة..
الجمعة, 15-أبريل-2016
الميثاق إنفو - مَدينة..
بدرية مانع

تَزدَحِمُ بالأكُّف المتضرعة إلى السماء،
نوافذها مشرعةٌ للنور القادم من الكُوَّة..، والابتسامات المُحنَّطة على الوجوه التي ترقب المطر..!

أرضٌ قاحلة مُجدبة، تُكَبلها خيوط الشمس، وعلى جنباتها بقايا فلولٍ لم تنقرض..!
تزحف فوق كثبانها الرملية الرمضاء..

ألقى برأسه الصفير بين طيات رداء والدته الأبيض، ليتقي حرَّ الشمس..، كان رداؤها واسعاً وممتداً في السماء، يحتويهم من الجوع، والخوف..، والضَّمأ..!
ويداوي جراحهم الغائرة، والنازفة..؟!
صغاراً كانوا، وكان رداؤها ناصعاً،
غيرَ أنَّ الشمسَ اخترقت نقاءه، وأحرقت نسيجه الذي لم تُلطّخه الأصبغة..

مدّ كفه لينتزع ماتبقى من الرداء، ِليلُفَّ به جسده الضَّئيل..!
ثُمَّ مضى يبحث عن صديقه الذي لم يجده،
ربما خُيّل إليه - في سراب الرمضاء - أن فُلولَ الرَّاحلين اجتذبته بعيداً، فَسارَ معهم ونسيَ كفَّه ملوحاً لصديقه في الفضاء..!
رحل صديقه..، ورحلت الشمس..،
فعاد أدراجه يحيك مع والدته ما تَمزَّق مِن ردائها الجميل..،

مدينةٌ..؛ تلاشت ألوانها المتلألئة، وغاصت في الأُفق، حاملةً معها الأكُفَّ المبتهلةَ، والملوحة..!
كان شعاعُ الكُوَّةِ أقوى من شمسها التي تغادرها كل غروب،
فيموت فرسانُها كلما غَرِقَت في الظلام..!!

مدينةٌ..، سلبوها أحلامَ المدائنِ،
فتدفَّقت منها دماءُ الأمنياتِ..،
لازلتِ تنتظرين فجراً..، ربَّما يأتي، ولا يأتي..،
مازلتِ ترتحلين في ذاتي،
وتعتصرينَ ملحمتي، وأنَّاتي..!

- تَمَّت -

صنعاء - مارس 2016م.