17 مايو ..عرس ديمقراطي جديد
السبت, 17-مايو-2008
إنتخابات
عبود الصوفي - بمشاركة 354 مراقبا محلياً وعربياً ودولياً يجري اليوم في اليمن انتخاب أميناً للعاصمة صنعاء وعشرين محافظاً، يتنافس في هذه الانتخابات 36 مرشحاً في انتخابات غير مسبوقة على مستوى الوطن العربي، فقد توجه صباح هذا اليوم 17 من مايو 2008 رؤساء واعضاء المجالس المحلية في المحافظات والمديريات والبالغ عددهم 7484 عضواً للإدلاء بأصواتهم. حيث تعتبر هذه الخطوة امتداداً للتجربة الديمقراطية التي انتهجتها بلادنا وهي مطلب كل فئات المجتمع الذي يرى أنها البداية الحقيقية لترسيخ قيم ووظائف السلطة المحلية ونقلة نوعية في الحكم المحلي وبداية لمرحلة جديدة يترجمها حكم الشعب نفسه بنفسه. وهي تجسيد فعلي لتوجهات وتطلعات القيادة السياسية التي وعدت ناخبيها في الانتخابات الرئاسية التي خاضها المؤتمر الشعبي العام عبر مرشحه الرئيس علي عبدالله صالح حيث تضمن برنامجه الانتخابي، انتخاب أمين العاصمة ومحافظي المحافظات بدلاً من التعيين إدراكاًً من الرئيس لما لهذا المبدأ من أهمية في تطوير المجتمع اليمني من ناحية ولأنه يعتبر المرتكز الأساسي للبناء والتقدم الاقتصادي والاجتماعي للشعب اليمني من ناحية ثانية .. فالرئيس صالح من تجاربه يرى أن إشراك المواطن في عملية التخطيط والإدارة وصنع القرار هو العمل الذي يسير في الاتجاه الصحيح.
يأتي هذا اليوم 17 من مايو حصيلة طيبة وثمرة من ثمار الوحدة المباركة التي يأتي عيدها الثامن عشر متلازماً مع هذا المنجز الديمقراطي العظيم ، الذي يعد انتصاراً غير مسبوق لمبدأ التداول السلمي للسلطة.
يقام هذا العرس الديمقراطي اليوم مع غياب أحزاب المعارضة( المشترك) التي ارتضت لنفسها أن تكون غائبة عن هذا العرس الوطني، فمقاطعة هذه الأحزاب لهذه الانتخابات موقف غير موفق بل ومستنكر من قبل كثير من الاكاديميين والمهتمين بالشأن السياسي في بلادنا مهما كانت المبررات ، حيث تبدو هذه المقاطعة غير منطقية ومبرراتها واهية ستجعلها في موقف حرج وسيفقدها المصداقية أمام الرأي العام، فكثيرا ما عزفت المعارضة على هذا الوتر منذ عام 1990 وبرزت قضية الانتقال للحكم المحلي لديها كأهم القضايا التي ينبغي الأخذ بها، بل طغت هذه القضية في الحوارات السياسية بين تلك القوى وخاصة أثناء الأزمات واحتدام الخلاف ابتداء من وثيقة العهد والاتفاق مرورا بالحوارات المختلفة، بل كانت تطرح من قبل أحزاب المعارضة الرئيسة حتى عندما كانت في السلطة، كما زينت بها برامجها الانتخابية والوعد بتطبيقها في حال الفوز في تلك الانتخابات
( النيابية، المحلية‘ الرئاسية).
هذا الموقف الذي ظهر من المعارضة ( أحزاب المشترك) يدلل على عدم إيمانها بهذا المبدأ وإنما اتخذته المعارضة قضية للمزايدة والمكايدة السياسية أكثر منها قضية وطنية.
إن انتخاب أمين العاصمة ومحافظي المحافظات بالطريقة غير المباشرة ليس سببا أو مبرراً للمقاطعة كونها أول انتخابات تجري في اليمن ، بل وعلى مستوى الوطن العربي، فالانتخابات بالطريقة غير المباشرة ( على مرحلتين ) هي أحدى طرق الانتخابات المتعارف عليها في كثير من دول العالم - حسب رأي رجال القانون- وتأخذ به كثير من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية .
كما أن العيوب والأخطاء التي قد تشوب هذه التجربة، فمن الطبيعي أن ترافق البدايات جوانب من القصور، فالتجارب الإنسانية كفيلة بأن تأتي بالأفضل.. والمؤتمر الشعبي العام وهو يخوض هذه الانتخابات سيظل طامحاً إلى الكمال بفضل قيادته السياسية مستفيدا من التجارب الماضية في الوصول إلى مستقبل أفضل.
هذا الفرح والابتسامة المرسومة اليوم في وجوه اليمنيين وهم يتابعون هذه الانتخابات التي تجري في بلادهم لأول مرة رغم الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد نتيجة الظرف العالمي أو تلك الاضرابات الأمنية السابقة أوما سبقها من دعوات الانفصال المدعومة من الخارج و قيام البعض بعمليات إرهابية وانتهاءً بمشكلة الحوثيين التي لم تحل بعد .. تدلل هذه الفرحة على أن الشعب اليمني شعب حضاري يقدر قيمة هذه الانتخابات رغم الظروف القاسية التي يعيشها،حيث يرى أن هذا العرس الديمقراطي يعد خطوة جريئة في طريق الانتقال من نظام التعيين المركزي للمحافظ إلى انتخابه من قبل الهيئة الناخبة الممثلة لجماهير شعبنا العظيم، واثقاً بأن السنوات القادمة كفيلة بأن يتحول انتخاب المحافظ من انتخاب غير مباشر إلى الانتخاب المباشر من قبل الشعب لثقته بوفاء قيادته السياسية التي تبادله الوفاء بالوفاء..وهو إنجاز سيمنح المرشح الفائز لمنصب المحافظ سلطات واسعة تمكنه من إبراز ما لديه من مهارات إدارية لتطوير البنى التحتية وسوف تخلق انسجاماً وتوافقاً كبيراً بين المواطن والمسؤول من خلال القول والفعل لا القول فقط..
إن نجاح المرشح لمنصب المحافظ في النهوض بمحافظته في المرحلة القادمة، سوف يعزز من ثقة الناخب بقيادته السياسية وبحزب المؤتمر الشعبي العام في الانتخابات النيابية القادمة.