آل سعود ومهمة هدم المقدسات والتفريط بالارواح
الجمعة, 18-سبتمبر-2015
حميد حلمي زادة -



المتابعون لمسيرة الاحداث في السعودية بعد تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد السلطة في بلاد الحجاز ونجد والاحساء بتاريخ 23 يناير كانون الثاني 2015، يشاهدون بوضوح أن الرجل المثقل بالأمراض والتناقضات، بدأ عهده ببحر من الدماء.
فبعد أقل من شهرين من تربعه على الحكم، أشعل حربه الظالمة على اليمن بتاريخ 25 مارس آذار 2015 تحت مسمى استكباري غاشم هو "عاصفة الحزم"، ثم واصلها ومايزال بمسمى اتعس من الأول وهو "إعادة الأمل" بتاريخ 21 أبريل نيسان 2015، وكلاهما أنتجا الدمار الهائل والمآسي المريرة وأعدادا ضخمة من الشهداء والجرحى والمنكوبين في هذا البلد المسلم الجار الذي كان سابقا امتدادا للنفوذ السعودي البترولي بسبب تقاطع المصالح بين نظامي الرياض وصنعاء خلال عشرات السنين.
وفي يوم الجمعة 11 سبتمبر أيلول 2011 (وتاريخ الحدث هنا مثير جدا للإهتمام) إنهار برج حديدي يستخدم كرافعة بناء على ساحة الحرم المكي على بعد أمتار قليلة من الكعبة المشرفة، ما أدى الى مصرع وإصابة المئات من ضيوف الرحمن الذين كانوا يؤدون شعيرة العمرة المباركة استعدادا لشعيرة الحج الأكبر في ضحى يوم التروية أي في 8 ذي الحجة 1436 هجري.
وزعمت المصادر الرسمية السعودية ان الحادث المروع وقع بسبب الرياح الشديدة والتي يبدو، وبناء على هذا الادعاء، أنها اقتلعت هذا البرج العملاق وألقت به في داخل المسجد الحرام قرب الكعبة المشرفة والمناطق اللصيقة بالحرم المكي!!
من جانب أخر ورغم هيبة موسم الحج، لم يكلف الحكام من آل سعود الذين يدعون خدمة الحرمين الشريفين، أنفسهم عناء الايعاز للمهندسين والعمال ومتخصصي الإنشاء، بإيقاف فعاليات البناء {حتى يبلغ الهدي محله} ويستريح الحجيج من مشاق إنهاء هذه الشعيرة المقدسة ويعودوا الى اوطانهم سالمين غانمين.
ولاندري ما حاجة الحرم المكي لاستمرارية دوران عجلة التوسعة والانشاء وضوضاء الرافعات العملاقة ومعدات البناء الكبيرة والصغيرة وحركة الايدي العاملة، ما دام ان هذه النشاطات لن تحقق في هذه الايام القليلة للموسم الطاهر، مبتغاها على صعيد رفع مستوى استيعاب عدد الحجاج هذا العام.
ومن المعروف ان الحلقة الضيقة في العائلة السعودية المالكة قد زادت من وتيرة انشاء ناطحات السحاب حوالي المسجد الحرام وبما يكشف عن المقاصد الربحية والتجميلية من وراء هذه الابنية الشاهقة التي باتت تجرد المكان من التواضع الذي أراده الله سبحانه وتعالى لبيته العتيق. فقد اتضح للمراقبين ان شركة البناء المشرفة على التوسعة هي من ممتلكات وزير الدفاع وولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ومعلوم ان الرجل غارق حتى قمة رأسه في حربه النزقة على الشعب اليمني العظيم، تحت ذريعة دعم الشرعية والتصدي للمد الشيعي الحوثي، كما يرد في مزاعم السعودية والوهابية. المزاعم التي لا يمكن ان تنطلي على بسطاء الناس فضلا عن من يقرأون سياسة الرياض الجهنمية، بمهنية ودراية عميقتين منذ تأسيس نظام آل سعود المشبوه في عشرينات القرن المنصرم وحتى يومنا هذا.
واقع الحال ونتيجة للمأساة الأليمة التي وقعت في الحرم الالهي الآمن بفعل الإهمال في تقييم انظمة السلامة والامان في اعمال الانشاء والبناء المتواصلة هذه الفترة رغم بدء توافد مئات الالوف من المؤمنين الآمّين البيت الله الحرام لأداء فريضة الحج في هذه الموسم، يبرهن بشكل أكيد على ان ما يسمى خدمة آل سعود ووعاظهم للحرمين الشريفين ، ليس سوى ذريعة لإستغفال المسلمين..
فحادث سقوط الرافعة العملاقة التي تحوم أساسا حوله الشبهات وعلامات الاستفهام في ان معا نظرا لوقوعه تزامنا مع ذكرى مهاجمة البرجين العالميين في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001 ، فيه الكثير من الملابسات التي تضع آل سعود في زمرة خونة الحرمين الشريفين، وتجردهم من اية شرعية تخولهم الاستمرار في تحمل هذه المسؤولية الشرعية العبادية الخطيرة، لاسيما مع التقارير الواردة التي اكدت تلكؤ رجال الاسعاف عن اغاثة الضحايا النازفين مدة ثلاث ساعات، بما يعبر عن استخفاف سافر بحياة الحجاج الذين فقد معظمهم ارواحهم لهذا السبب.
لقد أثبت التاريخ أن السعوديين يتحركون بسرعة البرق فقط عندما يسعون لهدم المقدسات وتخريبها بدعوى الإصلاح والتصدي للبدع، مثلما فعلوا عندما بدأوا عهدهم الخارجي الوهابي المقيت بتخريب المشاهد الكريمة للأئمة الاطهار عليهم السلام وللصحابة الكرام رضي الله عنهم في مكة والمدينة لاسيما في البقيع، ولولا ضجة العالم الاسلامي كله لما تورع آل سعود آنذاك عن هدم المسجد النبوي الشريف على ساكنه افضل الصلاة واتم التسليم. كما أنهم سارعوا الى تشكيل تحالف عسكري عاصف للعدوان على اليمن واطلقوا على عملياتهم الارهابية تسمية /عاصفة الحزم/ ، وهم قبل اربعة أعوام شكلوا قوات وهابية حاقدة لاحتلال البحرين تحت اسم قوات درع الجزيرة وذلك بهدف ضرب الثورة الحضارية السلمية للشعب البحريني المضطهد بسبب السياسات الطائفية المشينة لآل خليفة. هذه هي ممارسات النظام السعودي التي شكلت على الدوام طعنات نجلاء للجسد الاسلامي الكبير خاصة اذا ما أضفنا ايضا في الاعتبار الدور الفكري المنحرف لقبيلة آل سعود على مستوى نشر سلوكيات التطرف والتكفير والعمليات الاجرامية الطائفية عبر دروس وفتاوى علمائهم المزيفين ومدارسهم ومراكزهم الدينية المدعومة بدولارات البترول سواء في داخل بلاد مهبط الوحي أوفي مختلف دول العالم.
الثابت ان نعرة آل سعود هي التي جعلتهم يهملون الاهتمام بخدمة ضيوف الرحمن، وليتركز انشغالهم في اذكاء حروبهم الطائفية البغيضة من جانب ودعم وتمويل الارهاب التكفيري المسلح في العراق وسوريا وباكستان وافغانستان ومناطق ايران الحدودية من جانب اخر، هذا اضافة الى الى هدرهم المال العام في شراء الذمم وتطويع السياسات والمواقف الرسمية والدعائية والاعلامية لفائدة اجنداتها التسلطية.
وامام هذا التحدي العقائدي والاستراتيجي، يفترض ان تضطلع الاوساط الاسلامية العلمائية والفكرية والاجتماعية الحرة بمسؤولياتها المصيرية لايجاد الحل السلمي العاجل بالنسبة لقضية ادارة الحرمين الشريفين تحت رعاية محايدة تخلص ابناء الامة الاسلامية من تعصب الجاهلية الاولى لآل سعود والوعاظ الوهابيين الذين ضربوا معا اسوأ الامثلة في التفريط بالمقدسات والأرواح البريئة طيلة ما يقارب المئة سنة الماضية، وذلك في سياق خدمة المشاريع الصهيوغربية وتنفيذ مهماتها القذرة سياسيا واقتصاديا واستخباراتيا.


*. نقلاً عن موقع العالم الاخباري.