بسبب جرائم الحرب في اليمن.. العفو الدولية تدعو للتحقيق مع مسؤولين سعوديين (تقرير)
الجمعة, 10-يوليو-2015
الميثاق إنفو -
نص التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية:

اليمن: تُظهر الضربات الجوية ونتائج تحليل الأسلحة المستخدمة أن القوات التي تقودها السعودية قد قتلت العشرات من المدنيين باستخدام قنابل شديدة الانفجار

2 تموز / يوليه 2015
سلطت البحوث الميدانية الجديدة ونتائج تحليل الأسلحة التي أجرتها منظمة العفو الدولية الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون مع استمرار الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية وتطال مختلف أنحاء اليمن، وتشير إلى تقاعس تلك القوات عن الامتثال لمقتضيات القانون الإنساني الدولي بهذا الخصوص.
وحققت المنظمة في تفاصيل ثماني ضربات جوية في أنحاء مختلفة من اليمن لا سيما الضربات الجوية المتعددة التي طالت العاصمة صنعاء يومي 12 و13 يونيو/ حزيران وتعز في 16 يونيو/حزيران. وبالمحصلة، تسببت الضربات الثماني بمقتل 54 مدنياً (27 طفلاً و16 امرأة و11 رجلاً) بما في ذلك مولود لم يتجاوز عمره يوم واحد لم يكن والداه قد منحاه اسماً وجرح 55 آخرين (19 طفلاً و19 امرأة و17 رجلاً).
وبهذه المناسبة قالت كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، دوناتيلا روفيرا، والتي تتواجد في اليمن حالياً: "إن القانون الإنساني الدولي واضح من حيث النص على وجوب قيام المعتدي باتخاذ جميع الخطوات الرامية إلى الحيلولة دون وقوع إصابات بين المدنيين أو التقليص منها. ولكن الحالات التي قمنا بتحليل تفاصيلها تشير إلى وجود نمط من الهجمات التي تعمد إلى تدمير منازل المدنيين، وتؤدي إلى مقتل وجرح العشرات منهم. ولا يوجد ما يشير إلى أن قوات التحالف بقيادة السعودية قد قامت بأي شيء يحول دون وقوع هذه الانتهاكات أو التعويض عنها".
ولا يوجد ما يشير إلى أن قوات التحالف بقيادة السعودية قد قامت بأي شيء يحول دون وقوع هذه الانتهاكات أو التعويض عنها
دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية
وأضافت دوناتيلا روفيرا قائلةً: "يجب أن يتم التحقيق بشكل محايد ومستقل في الحالات الثمانية التي حرصت منظمة العفو الدولية على استقصائها كونها هجمات عشوائية محتملة أو غير متناسبة. ويتعين نشر نتائج التحقيقات وجلب المشتبه بمسؤوليتهم عن المخالفات الخطيرة لقوانين الحرب للمثول أمام القضاء ضمن إطار محاكمات عادلة. وينبغي أن يحصل جميع ضحايا الهجمات غير المشروعة وعائلاتهم على التعويض الكامل ".
وأدت ضربة جوية ثلاثية شنتها قوات التحالف في بيت معيض وهي ضاحية سكنية في العاصمة صنعاء بتاريخ 13 يونيو/ حزيران 2015 إلى مقتل 10 مدنيين بينهم ثلاثة أطفال وخمس نساء، وجرح 28 شخصاً بينهم 11 طفلاً و10 نساء – كانوا يقيمون جميعاً على مقربة من الأهداف المفترضة لتلك الضربات والغارات الجوية.
وتسببت قنبلة تزن ألفي رطل (أو 900 كغم) بمقتل فتىً في الحادية العشرة من عمره واثنتين من شقيقاته وشقيقه وابن عمه البالغ من العمر 10 سنوات، وجرحت خمسة آخرين من أفراد عائلة العامري. وكانت هذه القنبلة التي تمكنت منظمة العفو الدولية من تحديد نوعها باستخدام العلامات الموجودة على شظاياها عقب انفجارها قد سحقت منزل يحي محمد عبد الله صالح، وهو ابن أحد أشقاء الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي يقيم في الخارج منذ سنوات، وتسببت بإلحاق أضرار واسعة بالمنازل المحيطة بمنزله.
وتمكن معظم الجيران من الفرار قبل دقائق من وقوع الضربة – وهي الثالثة من نوعها التي تستهدف الحي في غضون أقل من 10 دقائق – ولكن لم تتمكن عائلة العامري من الفرار في الوقت المناسب. وبعد أن فقد أربعة من أطفاله في هذه الضربة، قال محمد العامري لمنظمة العفو الدولية: "لم نتحرك بالسرعة الكافية".
ووقعت ضربة جوية مزدوجة قبل دقائق على بعد عدة شوارع وتسببت بتدمير منزل عائلة الأكوع، ومقتل فاطمة (40 عاما) وطفليها مالك وريم واثنين من اقاربها وجرحت 18 آخرين من أفراد العائلة وخمسة من الجيران.
وتعرضت فتاة بالغة من العمر 12 عاماً لحروق من الدرجة الثالثة وجروح ناجمة عن الشظايا في عموم أنحاء جسدها ولحق بها جرح قطعي في وجهها. ومن على سريرها في المستشفى، أخبرت من منظمة العفو الدولية بما يلي وهي تتلوى من الألم: "كنا جميعاً داخل غرفة واحدة، أنا ووالدتي وشقيقاتي وأشقائي قبل أن يقع الانفجار ونتأذى كلنا. وترقد والدتي وشقيقي مالك وشقيقتي ريم في مستشفى آخر". غير أن العاملين في المستشفى أخبروا منظمة العفو الدولية أنه بالفعل قتل أفراد عائلة الفتاة في الضربة وأنهم سيبلغونها بذلك قريباً.
وفي 12 يونيو/ حزيران، قُتل خمسة أفراد من عائلة عبد القادر في قصف جوي آخر أتى على أربعة منازل متلاصقة في المدينة القديمة بصنعاء. وكانت الضربة لتوقع المزيد من الإصابات لو لم يقم أناس كثر بمغادرة منازلهم في أحياء المنطقة بعد أن استهدفت إحدى الضربات وزارة الدفاع التي تبعد 200 متر عن المنطقة قبل يومين فقط.
وأنكر المتحدث باسم التحالف الذي تقوده السعودية، العميد أحمد العسيري، مسؤولية قوات التحالف عن الضربة ولكن تشير إحدى شظايا القنابل الملتقطة من بين أنقاض المنازل أن الشظية هي جزء من قنبلة تزن ألفي رطل (900 كغم) وهو نفس النوع الذي تستخدمه قوات التحالف العربي في أنحاء متفرقة من اليمن.
وفي هجوم سابق حققت منظمة العفو الدولية فيه، اتضح أن نفس النوع من القنابل الذي أسقطته طائرات التحالف قد تسبب بتدمير مجموعة متلاصقة من ثلاثة منازل في قرية الأكمة بمحافظة تعز بتاريخ 14 أبريل/ نيسان الماضي. وأدت الضربةحينها إلى مقتل 10 أفراد من عائلة الحجيري بينهم سبعة أطفال وشابة وإحدى العجائز، وتسببت بجرح 14 من أقارب العائلة معظمهم من الأطفال والنساء.
وتحدثت منظمة العفو الدولية مع جار العائلة ويُدعى ربيع محمد الحدادي والذي ساعد في إنقاذ المصابين؛ وقال الحدادي: "قمنا بجمع أشلاء الجثث بعد أن مزقتها القنابل إرباً".
وتمكنت منظمة العفو الدولية من التعرف على نوع القنابل المستخدم في هذه الضربة من خلال معاينة شظاياها واتضح أنها أمريكية التصميم للأغراض العامة 84 (MK84، والمعروفة أيضا باسم BLU-117) وأن تاريخ الصنع هو سنة 1983 وتحتوي على 400 كغم من المواد شديدة الانفجار. ويظهر أن القذيفة لم تنفجر لحظة الاصطدام بالأرض، الأمر الذي قلص من حجم الدمار الذي كان يمكن أن يحدث لو انفجرت لحظة إصابة الهدف وجنب المدنيين المزيد من الإصابات.
وتسببت قنبلة من نفس النوع بمقتل 17 مدنياً وجرح عدد مماثل في ضربة جوية شمال شرق العاصمة بتاريخ 1 مايو/ أيار الماضي. وبحسب تحليل الخبراء لشظايا القنبلة والحفرة التي خلفها الانفجار في موقعي ضربتين أخريين استهدفتا قريتي هجر العكيش والعرة على ضواحي صنعاء، فلقد تم استخدام نوع مشابه من القنابل تتراوح زنتها بين 500 و1000 رطل.
وتوفر إفادات شهود العيان المستقاة من عين المكان عقب هذه الضربات أدلة تدين قوات التحالف وتثبت تقاعسها عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتقليص من حجم الخسائر في الأرواح والإصابات بين المدنيين لدى استهداف منشآت عسكرية تقع في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية لميليشيا الحوثي وعلي عبد الله صالح. وفي واقع الحال، فإن بعضاً من الأهداف المزمعة من قبيل المنازل التي يمتلكها أقارب الرئيس السابق صالح ليست أهدافاً عسكرية أو لا يظهر أنها كذلك ولا تتمتع بالأهمية بما يبرر استهدافها بضربات جوية لا سيما مع المخاطر المحدقة بالمدنيين والأعيان المدنية الواقعة في محيط تلك المنازل.
وثمة سمة مشتركة تجع بين مواقع هذه الضربات، ألا وهي قربها الشديد الذي يتراوح بين بضع مئات من الأمتار إلى بضع كيلومترات من القواعد وغير ذلك من الأهداف العسكرية التابعة للقوات الموالية لجماعة الحوثي أو الرئيس السابق صالح، وهي مواقع تكرر استهدافها بضربات قوات التحالف الجوية.
فعلى سبيل المثال، أخبر سكان قرية الأكمة منظمة العفو الدولية عن وقوع ضربات جوية في قريتهم بتاريخ 14 أبريل/ نيسان استهدفت القاعدة الجوية والمطار الذي تسيطر عليهما القوات الموالية لجماعة الحوثي وصالح وتقعان على بعد حوالي كيلومتر ونصف إلى الغرب من قريتهم. ودمرت القنبلة منزل عائلة الحجيري بالكامل وألحقت اضراراً باثنين من المنازل المجاورة – وهي عبارة عن مساكن متواضعة جدا قوامها ألواح الزينكو والورق المقوى. وقالت وضحة وهي جارة إحدى الضحايا لمنظمة العفو الدولية: "سمعت دوي الانفجار. فاعتقدت أن المنزل سوف ينهال فوق رأسي".
وفي قرية هجر العكيش والتي تبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات شمالي جبل النبي شعيب وهو قاعدة عسكرية تابعة لجماعة الحوثي وصالح، ادعت قوات التحالف على ما يظهر أن المنازل الثلاث التي سواها القصف بالأرض وقُتل فيها 11 شخصاً وجُرح ستة من عائلة العكيش كانت تُستخدم لتخزين السلاح. وينكر الأقارب الناجون هذا الادعاء جملة وتفصيلا مؤكدين أنهم مجرد مزارعون بسطاء. كما لم تعثر باحثة منظمة العفو الدولية التي زارت الموقع على دليل يعزز من ادعاءات قوات التحالف، والتي أخفقت بدورها في أن توفر حتى الساعة أدلة تعزز من مزاعمها.
حتى لو كان الهدف المقصود كان في الواقع كان على مخبأ للأسلحة أن هذا لا يبرر مثل هذا الهجوم المميت على المنازل الكاملة للمدنيين دون سابق إنذار .
دوناتيلا روفيرا
ومنذ بداية التدخل العسكري بقيادة السعودية في 25 مارس/ آذار 2015، حرصت منظمة العفو الدولية على التحقيق في تفاصيل 17 ضربة جوية منفصلة في خمس مناطق في اليمن هي صعدة وصنعاء وتعز والحديدة وحجة وإبّ. وتسببت هذه الحوادث بمقتل ما لا يقل عن 223 شخصاً بينهم 197 مدنياً (بينهم 32 امرأة و68 طفلاً) وجرح 419 آخرين من بينهم ما لا يقل عن 259 مدنياً.
ووفق البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة مؤخراً، قُتل ما يربو على 1400 مدني وجُرح 3400 آخرون في غضون أقل من ثلاثة أشهر من عمر النزاع المسلح.
الضربات الجوية والإفادات والتحليلات
حي المجلية بمدينة تعز (محافظة تعز) 16 يونيو/ حزيران 2015
قُتلت جميلة البالغة من العمر 48 عاماً رفقة أربعة من أطفالها لدى تدمير منزلهم بضربة جوية في حي المجلية عند حوال الساعة 3:45 من صباح يوم 16 يونيو/ حزيران الماضي. وفقدت ليلى هايل والدتها جميلة (48 عاماً) وشقيقاتها سها (10 أعوام) وأمل (14) وسماح (23) وشقيقها هاني (25)؛ وحدثت ليلى منظمة العفو الدولية عن تفاصيل الحادثة قائلةً:
"كان أفراد العائلة جميعاً يقيمون في حي حوبان (في الجانب الشرقي من مدينة تعز) طوال الشهرين الماضيين جراء استمرار القتال (بين الفصائل المسلحة) في المجلية (في الجانب الجنوبي من مدينة تعز). وحقيقةً، فلقد غادر غالبية السكان الحي وعادوا قبل أسبوع فقط من وقوع الضربة استعداداً لاستقبال شهر رمضان. وفي تلك الليلة، سقطت قنبلة على مدرسة الأروى التي تقع على بعد 30 متراً من منزلنا. وخشية على حياتهم، هُرع أفراد عائلتي إلى مغادرة المنزل عقب وقوع الانفجار، وبينما كانت والدتي وشقيقاتي يرتدين عباءاتهن وانهمك شقيقي هاني في إحكام إغلاق باب المنزل، سقطت قنبلة وسط المنزل. وقذفت قوة العصف الناجمة عن الانفجار بشقيقاتي ووالدتي في الهواء على ارتفاع خمسة أمتار، الأمر الذي تسبب بمقتلهن على الفور. ولم يتم انتشال جثة هاني إلا بعد 12 ساعة من وقوع الهجوم. وكان والدي فيصل (60 عاماً) الناجي الوحيد."
وفي تلك الليلة، استُهدف حي المجلية بثلاث ضربات جوية للمرة الأولى منذ بدء العمليات، ولم يفصل بين الضربات سوى دقائق معدودة. واستهدفت الأولى مدرسة الأورى التي زُعم أن الموالين لجماعة الحوثي وقوات صالح يستخدمونها كمركز احتجاز. واستهدفت الثانية منزل عائلة هايل فيما سقطت القنبلة الثالثة في باحة منزل عائلة الأحدل الذي كان 13 فرداً منها (عشر نساء وثلاثة رجال) يحتمون داخل قبوه عقب سماعهم دوي الانفجارين السابقين. ولم تنفجر القنبلة التي سقطت على منزل الأحدل الذي يجاور بابه باب منزل عائلة هايل، الأمر الذي قلص من حجم الدمار والخسائر والإصابات بين المدنيين.


بيت معياد (محافظة صنعاء) 13 يونيو/ حزيران 2015
قصفت قوات التحالف بقيادة السعودية عدداً من المناول المملوكة للرئيس السابق علي عبد الله صالح وبعض أقاربه، الأمر الذي تسبب بمقتل وجرح بعض أقاربه وجيرانهم – وأصابت قذائف التحالف أهدافها أحياناً وأخفقت أحياناً أخرى في إصابة الهدف لتهبط على رؤوس المدنيين بدلاً من ذلك. كما تسببت ضربتان استهدفتا منزلي اثنين من ابناء أشقاء الرئيس السابق في 13 يونيو/ حزيران بمقتل 10 مدنيين (بواقع اربعة أطفال وخمس نساء وأحد الرجال) وجرح 28 آخرين (بواقع 11 طفلاً و10 نساء وسبعة رجال) من سكان المنازل القريبة.
وأتت الضربة على منزل ابن شقيق الرئيس السابق يحي محمد عبد الله صالح بالكامل؛ وكان يحي أحد القادة السابقين في قوات الأمن المركزي (واوهو يقيم خارج البلاد منذ سنوات). وتسببت الضربة بمقتل خمسةٍ من الجيران من اسرة العامري وجرح خمسة آخرين. ويظهر أن اثنتين من الضربات التي استهدفت شقيقه طارق محمد عبد الله صالح القائد السابق في الحرس الرئاسي قد ضلتا هدفيهما وأصابتا منزل أقارب طارق المقيمين في الخارج وغيرهم من الجيران، لتقتل خمسة أشخاص وتجرح 23 آخرين. كما تم ضرب منزل طارق في وقت لاحق من تلك الليلة.
وأصابت الضربتان الأولى والثانية منزل عائلة الأكوع الذي تواجد فيه حينها 23 من أفرادها. وفقد حارث الأكوع زوجته فاطمة (35 عاماً) وابنته ريم (18) وولده مالك (8 سنوات). وتحدث حارث مع منظمة العفو الدولية عن الحادثة قائلاً:
"انتقل أفراد العائلة جميعاً للإقامة في الحديدة طوال شهر كامل قبل أن يعودوا إلى المنزل قبل يومين من وقوع الضربة استعداداً لاستقبال شهر رمضان. وتسببت الضربة الجوية الأولى بقتل أشخاص فيما تسبب الأخرى بإضرام النيران في الممتلكات. لقد كان طفلي الصغير مالك كما الملاك فيما قذف العصف الناجم عن الانفجار ابنتي هاله (أربعة أعوام) من الطابق الأول ولكنها سقطت في حجر جدتها أسفل السلم لحسن الحظ. وقالوا (أي قوات التحالف) أن الضربة الجوية قتلت ابن أخي طارق محمد عبد الله صالح، ولكن ذلك ليس صحيحاً. بل إن طارقا قد جاء ليقدم التعازي لنا بعد ذلك في واقع الحال. ولم يسبق لنا الاتصال به منذ سنوات، وتجمعنا علاقة المصاهرة فقط حيث تزوجت شقيقتاي من شقيقيّ (الرئيس السابق) علي عبد الله صالح. وكان منزل طارق خالياً من السكان منذ بدء الضربات الجوية ".
وفقد محمد عبد الله الأكوع (24 عاماً) زوجته ابتهال (20 عاماً) ووالده محمدا (45 عاماً)؛ وتحدث مع منظمة العفو الدولية قائلاً:
"كنت على السطح أطفئ المولد لحظة سقوط الصاروخ الأول، فقذف بي الانفجار بالهواء لأجد نفسي فوق سطح منزل الجيران على بعد حوالي 20 متراً. وقُتلت زوجتي ابتهال أثناء نومها في غرفتنا، ولقد مضى على زواجنا خمسة أشهر فقط ".
كما تسببت الضربة الجوية بجرح خمسة من الجيران، حيث أُصيبت امرأة تبلغ من العمر 52 عاماً من عائلة مهيوب وأربعة من أطفالها. وأخبر تيازن مهيوب منظمة العفو الدولية بما يلي:
"كنا ستة أشخاص داخل المنزل، أي أنا ووالدتي وأشقائي وشقيقاتي الأربع. وأصاب الصاروخ منزلنا أولا ليدمر الطابق الثالث حيث يوجد المطبخ ثم أصاب الصاروخ منزل جيراننا عائلة الأكوع. وبُترت ذراع والدتي اليمنى وأُصيب أشقائي وشقيقاتي بالشظايا المعدنية. وكنت متواجداً عند طرف المنزل ولم تلحق بي أي إصابات."
وأخبر محمد العامري الذي فقد أربعة من أطفاله وابن شقيقه منظمة العفو الدولية بما يلي:
"سمعنا دوي الانفجار الأول عند منتصف الليل فتوجهنا جميعاً إلى غرفة المعيشة. ولم نتحرك بالسرعة الكافية حيث وقع الصاروخ الثاني (امام منزلنا) بعد خمس أو ثمان دقائق، أي في حوالي الساعة 12:10 بعد منتصف الليل. كان هناك 13 من أفراد العائلة داخل المنزل. وسمعت ابنتي عائشة تصرخ وهي في غرفتها. لقد قُتلت... ولم يُقم يحي محمد عبد الله صالح في هذا المنزل منذ عام 2011."
ولم توفر قوات التحالف بقيادة السعودية أدلة تثبت أن المنازل المستهدفة تتضمن أهدافاً عسكرية مشروعة من قبيل مخازن السلاح أو مراكز للقيادة والتحكم، ولم تعثر منظمة العفو الدولية على أدلة من هذا القبيل. ومجرد امتلاك أقارب الرئيس السابق صالح لاثنين من تلك المنازل لا يجعل منها أهدافاً عسكرية حتى وإن سبق لأصحابها وأن شغلوا مناصب عليا في الجيش أو كانوا متحالفين مع الحوثيين.


المدينة القديمة، صنعاء (محافظة صنعاء) 12 يونيو/ حزيران 2015
دمرت إحدى ضربات قوات التحالف على صنعاء أربعة منازل متلاصقة في الثانية من صباح يوم 12 يونيو/ حزيران، الأمر الذي أدى إلى مقتل خمسة أفراد من عائلة عبد القادر تواجدوا داخل المنزل وقت وقوع الضربة، وهم حسن يحي عبد القادر وزوجته أمة المالك وشقيقه رشاد وابنه عبد الله وابن عمه شوقي. وأخبر شقيقه محمد منظمة العفو الدولية بما يلي لكونه يقطن قريباً من المنزل المدمر:
”"سمعنا صوت إحدى الطائرات تحلق فوق رؤوسنا في الساعة 1:50 صباحاً، فبادرت أنا وأسرتي للاختباء أسفل السلم كونه المكان الأكثر أمنا في المنزل. ثم سمعنا دوي انفجار في الثانية صباحاً. ثم اتصلت والدة شوقي بي وطلبت مني أن أذهب لأطمئن عليه بعد أن اتصل بها وهو تحت الركام طالباً المساعدة... فهرعت إلى هناك. وبدأت أنا والجيران نرفع الركام بأيدينا، ولكن كان شوقي متوفياً عندما انتشلناه من تحت الأنقاض في الخامسة فجراً. كان متزوجاً ولديه توأم عمرهما خمسة أعوام وكانت زوجته حاملا في شهرها السادس. ويقيم 13 شخصاً في هذه المنازل معظمهم من النساء والأطفال، ولكنهم غادروا قبل يومين بعد استهداف ضربة جوية لمجمع تابع لوزارة الدفاع (على بعد 200 مترا إلى الجنوب من هنا)".


قرية العرة، همدان (محافظة صنعاء) 2 يونيو/ حزيران 2015
قُتل خمسة أطفال وثلاث نساء من أفراد عائلتي العتمي والقبلي فيما جُرح أحد اقاربهم جراء ضربة جوية وقعت في الساعة 5:30 من مساء يوم 2 يونيو/ حزيران. وتسببت الضربة بتدمير أحد المنازل تدميراً كاملاً وألحقت أضرارا كبيرة باثنين آخرين. ويقع مكان سقوط القنبلة على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب من قاعدة الكولة الجوية وحوالي 2 أو 3 كيلومتر إلى الغرب من قاعدة الديلمي الجوية، ولكن قال السكان أن المنطقة لم تشهد وقت الضربة أعمالاً عدائية أو تواجداً للمقاتلين فيها.
وفقد حسن محمد قائد العتمي (35 عاماً) الذي يعمل بائعاً للمثلجات أربعة من أطفاله فيما جُرحت زوجته وشقيقته. وأخبر حسن منظمة العفو الدولية بما يلي:
"كنت خارج المنزل لحظة اتصال ابني بي في الساعة 5:30 مساءا ليقول أن إحدى الضربات الجوية قد اصابت المنطقة المجاورة لمنزلنا. ولم يود أن يتسبب لي بالصدمة ثم طلب مني القدوم. وعندما عدت، اتضح لي أن شقيقتي حورية قد جُرحت وشاهدت زوجتي مصابة أيضا وتبحث باكيةً عن أطفالنا. وبعد البحث بين الأنقاض، عثرنا على جثتي اثنين من أطفالي وهما قائد (4 أعوام) وأديب (7 سنوات). ثم تابعنا البحث وعثرنا بعد ثلاث ساعات على جثتي ردينة (8) وأميرة (11 سنة)... ولقد سُحق رأس أميرة ووجهها."
وأما علي القبلي الذي يعمل معلماً لمبحث الرياضيات، فلقد فقد طفله ذا الأعوام الخمسة شهاب وابنته نورا البالغة من العمر 18 عاماً. وأخبر علي منظمة العفو الدولية قائلاً:
"لم أتمكن من التعرف على جثة ابنتي نورا نظراً للتلف الذي لحق بوجهها. وأشار ابني إلى فستانها بين الأنقاض... وشهد الأسبوع الماضي ثلاث أو أربع ضربات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية في مجمع المطار (أي على بعد 2-3 كم إلى الغرب من القرية)".
وقال جارهم محمد علي الذي كان يلعب كرة القدم على بعد 200 متر من المنزل وقت الحادثة:
"سمعت دوي انفجار إلى الغرب من قريتنا، وعلمت لاحقاً أنها ضربة جوية. وبعد خمس دقائق شاهدت إحدى القنابل تسقط على منزل القبلي على مسافة 200 مترا من المكان الذي كنت ألعب كرة القدم فيه. ثم انبعثت سحابة من الغبار والدخان من منزل القبلي ومنزل العتمي المجاور. فهُرعنا إلى هناك وشاهدت فتاة بين الأنقاض وقد أُصيبت في رأسها دون أن تبدي أية حركة بينما تناثرت أشلاء بشرية على مسافة 10 أمتار منها."
وأعقب وقوع الضربة الجوية فرار الكثير من السكان من منازلهم خوفاً من وقوع المزيد من هذه الضربات.


قرية الأكمة (محافظة تعز) 14 أبريل/ نيسان 2015
في الساعة 12:30 تقريباً من صباح يوم 14 أبريل/ نيسان، تسببت ضربة جوية بمقتل 10 مدنيين من عائلة الحجيري بينهم سبعة أطفال وامرأة شابة وأخرى مسنة، وأصابت 14 من أقارب العائلة معظمهم من الأطفال والنساء أيضاً. وأصابت القنبلة منطقة سكنية مهمشة في قرية الأكمة التي يقيم سكانها في مساكن متواضعة من ألواح الزينكو والورق المقوى.
وتقع قرية الأكمة على بعد حوالي 20 كم إلى الشمال من مدينة تعز، وتتوسط تقريبا منشأتين عسكريتين تتبعان لقوات الحوثي وصالح تقع إحداها على بعد 500 متر من القرية فيما تبعد الأخرى كيلومترا واحداً في الاتجاه المقابل.
وساعد ربيع محمد الحدادي في إخلاء القتلى والمصابين من جيرانه، وأخبر منظمة العفو الدولية ما يلي عن الحادثة:
"في منتصف ليلة السبت (الموافق 14 أبريل/ نيسان)، أصاب صاروخ مجمع من ثلاثة منازل متلاصقة لعائلة الحجيري التي كان جميع القتلى والجرحى من أفرادها. وقمنا بجمع اشلاء الجثث بعد أن تمزقت أجساد الضحايا إرباً. وبعد تلك الضربة الجوية، غادروا المنطقة ولم نشاهدهم ثانيةً... لقد كانوا أناسا فقراء، فما الذي اقترفوه كي يستحقوا القتل؟"
كما تحدث الحدادي عن تكرار الضربات الجوية:
"في الأسبوع الذي شهد الضربة الجوية على قريتنا، سبق ذلك وقوع ضربتين استهدفتا معسكر 22 مايو إلى الغرب من القرية. وكانت تلك هي الضربة الأولى والوحيدة التي طالت قريتنا. ثم ظلت الضربات الجوية تنهال على المعسكر حتى الأسبوع الذي سبق دخول شهر رمضان".
ووصفت وضحة تبعات القصف كونها من السكان الذين كانوا متواجدين ليلة وقوع الضربة الجوية قائلةً: "كانت الساعة تقارب 12 ليلاً عندما سمعت صوت الطائرة تحلق فوقنا. وجاءت جارتي إلى منزلي لأنها سمعت صوت الطائرة أيضاً وأخبرتني بأن أنهض وارتدي عباءتي، فقلت لها أنني أنام بعباءتي على الدوام. ثم سمعت دوي الانفجار واعتقدت أن المنزل سوف ينهار فوق رأسي إذ كنت وحيدة في المنزل حينها. وظللت أنطق الشهادتين وانتظرت قدوم الموت. ولقد حذرونا من الخروج من المنازل عند سقوط صاروخ كي نتفادى شظاياه... ثم ساد الهدوء بعدها وتوجهت إلى الخارج لأرى ما حصل. بدت الرائحة المنبعثة وكأنها ناجمة عن حرق إطارات السيارات ولم أعد قادرة على فهم ما يجري. ففقدت الوعي وسقطت أرضاً... وها نحن قد أصبحنا جميعاً من النازحين الآن، ولا نعود إلى منازلنا إلا على عجل دون أن ننام فيها."


2015 قرية هجر عكيش، بني مطر (محافظة صنعاء) 3 أبريل/ نيسان
وأصابت إحدى القنابل ثلاثة منازل تعود ملكيتها لعائلة حسين عبد الله العكيشي وتسببت بمقتل 11 مدنياً (بواقع ستة أطفال وامرأتان وثلاثة رجال) وجرح ستة آخرين (طفلان وامرأتان ورجلان). ومن بين القتلى مولود لم يتجاوز عمره يوم واحد لم يكن والداه قد منحاه اسماً بعد.
وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات بخصوص الحادثة مع 10 من الأقارب والجيران. وفر السكان الآخرون من منازلهم خشية تكرار الضربات الجوية ولاذوا بالكهوف الكائنة في الجبال القريبة.
وأخبر شقيق حسين العكيشي، واسمه أحمد عبد الله العكيشي (42 عاماً) منظمة العفو الدولية بما يلي:
"في مساء يوم الجمعة ذاك، سمعت فجأة دوي انفجارين متتابعين تسببا باهتزاز أرجاء منزلي. وحاولت تحديد موقع الانفجار من نافذة المنزل قبل أن أرى منزل شقيقي حسين وقد اصبح ركاماً... وحاولت أن أتحرك كي أتوجه إلى منزله ولكن لم أستطع التزحزح من مكاني. وشاهدت منزل شقيقي وقد أتت النيران عليه، وكل ما تخيلته هو شقيقي وعائلته وسط السنة اللهب والركام. وبعد أن أطفأنا النيران وهي عملية امتدت من الساعة 7:30 مساءا وحتى الرابعة فجرا حاولنا أن ننقذ مَن يمكننا انقاذه".
وحسب ما أفاد أحمد به، فلم تشهد المنطقة أعمالاً عدائية أو تواجداً للمقاتلين حينها، وتقع قرية هجر العكيش على بعد 3 أو 4 كم إلى الشمال من قاعدة جبل النبي شعيب التابعة للقوات الموالية للحوثي وصالح، وهي الهدف المفترض لتلك الضربة. وجاءت الضربات الجوية دون سابق إنذار. وقال أحمد أن الصاروخ الأول قد سقط في الطريق الرئيسي أي على بعد 1 كم إلى الجنوب من القرية فيما أصاب الثاني المنزل مباشرة.
وجُرح حميد حسين العكيش أثناء تواجده داخل منزل العائلة ما اضطُره للجوء إلى الإقامة في منزل جاره بعد أن دمرت الضربات الجوية منزله. وقال حميد:
"سمعت هدير الطائرة ثم أُصيب المنزل. فأغمي علي لأستفيق لاحقاً وأجد نفسي مطموراً بالركام حتى عنقي. ولم يصدر أي تحذير باقتراب توجيه الضربة. لقد قالت (أي قوات التحالف) أنه ثمة أسلحة في منزلنا ولكن نحن مجرد مزارعون بسطاء ولا علاقة لنا بأي شيء".
قرية بيت رجال، بني مطر (محافظة صنعاء) 6 أبريل/ نيسان 2015
قُتل ثلاثة أطفال وامرأتان وأُصيب ستة آخرون (طفلان وامرأتان ورجلان) في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 6 أبريل/ نيسان بعد ضربتين أصابتا منزل الشعلان ومزرعة قات مجاورة.
وقال مالك المنزل الذي تعرض للقصف وهو صالح يحي شعلان (53 عاماً) لمنظمة العفو الدولية أنه كان في المسجد لحظة وقوع الضربة:
"سمعت صوت الانفجار عند الساعة 2 بعد الظهر تقريباً... فركضت نحو المنزل لأرى ابني شعلان وحفيدي حازم صرعى. فلقد أصاب الصاروخ المطبخ وقذفتهما قوة الانفجار مسافة حوالي 70 متراً خارج المنزل... وحاولنا أن ننقذ الجرحى أولاً. ونُقلت ابنتي صفاء إلى المستشفى كونها كانت حاملاً، وأما أنا فلقد أصبحت بلا مأوى، وبلا ثياب أيضاً.

وتحدث جاره عبد الناصر عطية (23 عاماً) والذي يعمل في زراعة محصول القات مع منظمة العفو الدولية قائلاً:
"في حوالي الساعة 2:30 بعد الظهر، شاهدنا الطائرة متجهة نحو جبل عيبان (حيث توجد منشأة عسكرية تابعة للحرس الجمهوري على أعلى الجبل الذي يبعد 4 كم عن القرية) قبل أن تغير مسارها تجاه قريتنا وتضربنا بصاروخين أصاب أحدهما منزل صالح شعلان فيما سقط الثاني في مزرعة القات. وكانت انتصار (18 عاماً) وهي ابنة صالح يحي شعلان تحلب البقر مع ابن أخيها حازم لحظة سقوط الصاروخ الذي قذف بهما على مسافة تبعد 50 متراً عن المزرعة. وتطلب الأمر ساعة كاملة قبل أن نعثر على جثتيهما."

وبحسب ما أفاد عبد الناصر به، فلم تشهد المنطقة حينها أعمالا عدائية أو تواجداً للمقاتلين. وتقع قرية بيت رجال على بعد 3 كم إلى الشمال الغربي من قاعدة الدفاع الجوي في جبل عيبان التابعة للقوات الموالية للحوثي وصالح، والتي يمكن أن تكون هي الهدف المفترض لهذه الضربة. ولم يسبق شن الهجوم إصدار إنذار مسبق.

المصدر- وكالة خبر