الآثار الاقتصادية والاجتماعية لغسيل الأموال
السبت, 15-مارس-2008
أمين المشولي - باحث اجتماعي في المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل
تكمن الجريمة المنظمة عبر الوطنية، كونها من الجرائم الجسيمة، والتي تشكل أهم التحديات التي يوجهها المجتمع الدولي بأسره، بما تشكله من أخطار تهدد كافة المنظمات و المؤسسات الدولية والوطنية، سواءً على مستوى الأفراد والشعوب و المجتمعات، على مختلف مستوياتهم وثقافتهم وانتماءاتهم و هوياتهم الاجتماعية و الثقافية، وعلى كافة أوجه النشاط المتصلة بمنظومة الحياة. والواقع إن التطورات التي شهدتها المساحة الدولية وما أقررته حركة العولمة من مظاهر جديدة تتمثل بالتطور التقني و العلمي المتنامي و التقارب الذي أحدثته هذه التكنولوجيا في تحقيق التواصل و الترابط بين مكونات المنظومة الدولية ،و الاتجاه نحو عولمة الحدث سواءً كان اقتصادياً أو سياسياً أو ثقافيا وأن الأحداث التي تحدث في أي جزء من العالم، بالتأكيد سوف يكون لها اثر على المستوي الدولي، وعليه فإن جرائم غسيل الأموال في الماضي كانت تنشط على النطاق المحلي، أما اليوم فإنها أصبحت قضية دولية متشابكة ومعقدة.
وتأتي أهمية هذه الدراسة من خلال المؤشرات المعلنة عن الآثار والنتائج الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والتنموية و الأخلاقية و التي يلتهمها تجار غسيل الأموال ، حيث تقدر العائدات السنوية من التجارة العالمية للمخدرات الممنوعة فقط بـ(400) مليار دولار أمريكي، طبقاً لتقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة ..، وإذا أضيف إلى ذلك عائدات الاحتيال المالي ، وتجارة الرقيق الأبيض ، وتجارة السلاح ، والفساد السياسي وغيرها من الجرائم فإن المبالغ التي تصل إلى جيوب المجرمين في كل سنة ( الناتج الإجرامي الإجمالي ) لابد و أنها أكثر مما ذكر بكثير وإنها تصل إلى مئات المليارات من الدولارات تمر عبر غسيل النظام الاقتصادي العالمي، وأن حجمها هذا أصبح يهدد بشكل كبير الاقتصاديات الوطنية و النظام المالي العالمي على حد سواءً . أما على المستوى العربي فإن أهمية دراسة جرائم غسيل الأموال تأتي كونها أكثر التصاقا بطبيعة التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و سياسات الإصلاح التي تشهدها هذه الدول ، واليمن واحدة من الدول العربية حديثة العهد في مجال مكافحة هذا النوع من الجرائم وبالتالي فإنها بحاجة ماسة إلى مزيد من الدراسات الجادة للاستفادة منها في التخطيط الموجة لمواجهة الآثار التي قد تخلفها هذه الجرائم على الحياة الاقتصادية و الاجتماعية على المدى القريب و البعيد .
نشأة وتطور مفهوم غسيل الأموال
أولا: البدايات الأولى لمفهوم غسيل الأموال
غسيل الأموال مصطلح حديث نسبيا بدا يظهر لأول مرة في الحياة القانونية و الاقتصادية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية للإثارة إلى امتلاك المافيا لمؤسسات الغسل ، وهي مؤسسات نقدية كان يتاح فيها الخلط بين الإيرادات المشروعة و الإيرادات الغير مشروعة إلى حدة يظهر عنده كافة الإيرادات ، وكأنها متولدة من مصدر مشروع و إن أول استخدام المصطلح ( غسيل الأموال ) في سياق قانوني أرتبط بتجارة المخدرات حين صدر في إحدى القضايا في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1982م حكم قضى بمصادرة أموال قبل وقتها أنها مغسولة و متولدة من تجارة الكوكايين الكولومبي.
وفي مصدر أخر أشارت إحدى الدراسات إلى تقديم تفسير أخر حول بداية مفهوم غسيل الأموال ، فهو يرى إن استخدام تعبير " غسيل الأموال " لأول مرة كان في العشرينات من القرن الماضي حينما حاولت بعض العصابات في الولايات المتحدة الأمريكية البحث عن عطاء مشروع لعائداتها الإجرامية من التجارة غير المشروعة في المخدرات وغيرها
فاتجهت إلى إقامة مشروعات خدمية، مثل مغاسل الملابس غير النظيفة يتم غسل الأموال غير النظيفة لكي تكون صالحة للاستخدام ومن هنا اشتق لفظ غسيل الأموال3
مما سبق نلاحظ إن هناك روايتين حول موضوع البدايات الأولى حول مفهوم غسيل الأموال، وعليه فإننا نرجح فيما سبق أن التاريخ المنطقي و المقبول هو فترة الثمانينيات لكن سبب التفسير الأخير حول أسباب التسمية، فإن الرؤية الأخيرة هي الأقرب إلى الصواب ، كما كانت أول الخطوات الدولية الهامة في مجال مكافحة جرائم غسيل الأموال ،فقد تمثلت في اعتماد اتفاقية (فينا) عام 1988م الخاصة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية التي دخلت حيز التنفيذ في 11 نوفمبر 1990م
من الواضح إن عملية غسيل الأموال قد برزت صورتها الأولى في إطار نشاط الاتجار في المخدرات ،ثم أخذت صور وإشكال عديدة تتطوربتطور النشاط الاقتصادي وطرق التخفي بأساليب أكثر حداثة بدءاً من استخدام الجهاز المصرفي وتجارة العقارات . ومع تزايد المخاطر الناتجة عن تجارة غسيل الأموال شعرت الدول الصناعية السبع الكبرى بالمخاطر الكبيرة التي تواجهها ،ففي عام 1989م ناقش قادة الدول السبع جرائم غسيل الأموال وأقرت مجموعة الخبراء، أربعين توصية يجب مراعاتها عند تطبيق التدابير الوطنية في مجال مكافحة غسيل الأموال محلياً و دولياً ، ولعل أهم ماتضمنته تلك التوصيات: تجريم غسل الأموال وضبطها ومصادرتها ، تشجيع التعاون بين المؤسسات التي تطبق السياسات التشريعية و القانونية و اللوائح و المؤسسات المالية لحمايتها ضد أية مسؤولية عن إفشاء المعلومات لرجال القانون كما يمكن للبنوك والمؤسسات المالية من سن التشريعات التي تحدد إجراءات التحقق من شخصية المتعاملين معها وكذلك المستفيدين والإبلاغ عن أية صفقة مشبوهة ، وكفالة تدريب موظفي البنوك و المؤسسات المالية 4
وفي ظل عولمة الاقتصاد و نمو فاعلية أسواق المال الدولية أصبح من السهل انتقال رؤوس الأموال عبر الدول المختلفة ، وقد حمل تنامي حركة الجريمة المنظمة وتزايد حركة تداول أموال المنظمات الإجرامية على المستوى المحلي و الدولي، وعلى ضوء هذه المتغيرات الجديدة ، كان لابد من تنظيم نشاط وحركة المصارف المالية الدولية ، حيث أصدرت لجنة بازل و الأمم المتحدة (40) توصية، لتصبح بمثابة ميثاق شرف في مجال مكافحة الأموال الغير مشروعة . وأهم ما جاء في هذه التوصيات :
- وجوب قيام المؤسسات المالية والمصرفية بالتحقق من هوية عملائها .
- تحديد حجم المدفوعات النقدية من المصارف التي تتجاوز سقفاً معيناً تحدده السلطات المختصة.
- وجوب مبادرة المؤسسات المصرفية إلى إعلام السلطات المختصة عن أية عمليات تحويل من الخارج أو من الداخل تتجاوز السقف المذكور .
- الرقابة من قبل المؤسسات المالية والمصرفية والنقد الأجنبي وذلك بتحديد هوية المتعاملين.
- وضع المؤسسات المالية والمصرفية بعض عملائها تحت المراقبة الشديدة خصوصا تلك التي يشك صلتها بعمليات الاتجار بالمخدرات، و إعلام السلطات المختصة بها.
- قيام المؤسسات المالية و المصرفية بكل مايلزم للتحقق من أجهزتها لكي لاتستخدم كوسيلة لغسل الأموال ،كشف سرية العمليات المصرفية للتأكد من إن بعض عملائها يعمدون إلى استخدام غسيل الأموال .
- ومبادرة معظم الدول العربية إلى الانضمام لمعظم الاتفاقيات الدولية أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات ،و المؤثرات العقلية (اتفاقية فينا 1988م) واتفاقية بازل و الأمم المتحدة لمكافحة غسيل الأموال و التوقيع مؤخرا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب و الجريمة المنظمة عام 2000م )
ماهية غسيل الأموال
لقد ظهرت جرائم عديدة تمس النواحي الاقتصادية إلى جانب الجرائم التي كانت موضوع الجزاء في القانون الجنائي ،وتسمى هذه الجرائم بالجرائم الاقتصادية...، فقد أدى انتقال هذا العصر من طور المجتمع الزراعي و التجاري ذو التوظيف و الاستثمار المحدودين إلى مجتمع صناعي وزراعي و تجاري واسع النطاق، إلى بروز ممارسات لأنشطة مسيئة للحياة الاقتصادية ، إذ استغلت هذا الانتقال فئات لتحقق مكاسب و أرباح ضخمة بواسطة سبل الائتمان والرشوة و العبث بثقة المواطنين في المستندات المالية و الائتمانية و الفساد المالي و الادراي ، مما شكل اليوم إحدى أهم الإخطار البارزة المهددة لسلامة التعامل الاقتصادي نظرا لركض المحموم وراء الأرباح المرتفعة .
ونظراً إلى أن الجرائم الاقتصادية تتزايد يوما بعد يوم، وتتعدد أنماطها و المصالح التي تمس بها، فضلا عن تشبعها، فإننا سنقصر هذه الدراسة على جريمة غسيل الأموال بمواصفتها نموذجا للجريمة الاقتصادية.
تعريف غسيل الأموال
الأصل إن تكون الأموال معروفة المصدر وان يكون هذا المصدر مشروعاً، بمعنى إن تكون ملكية الشخص ( الطبيعي و الاعتباري ) للأموال سواء نقدية أو عينية ،ناجمة عن أنشطة مشرعة .
ويختلف تعريف غسيل الأموال بوصفه مصطلح فني عن مفهوم جريمة غسل الأموال وسنقتصر هنا على بيان تعريف جريمة غسل الأموال من خلال محور تعريف تشريعي وتعريف اصطلاحي لغوي.
- التعاريف التشريعية :
وفقا للتعريف التشريعي الفيدرالي الأمريكي فإن غسيل الأموال هو ( إخفاء مصدر واتجاه حركة الأموال التي تم الحصول عليها نتيجة لنشاط غير مشروع ) .
وذهب القانون المصري رقم (80) لسنة 2002م في المادة (ا/ب ) بأن غسيل الأموال هو كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها ، أو حفظها ، أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصله عن جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون مع العلم بذالك ،متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه وصاحبه أو صاحب الحق فيه، أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكاب الجريمة المتحصل منها المال ).
- وعرف القانون اليمني غسيل الأموال بأنها: (كل عمل ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إيداعها أو استبدالها أو استثمارها أو تحويلها بقصد إخفاء المصدر الحقيقي لتلك الأموال المتحصله من الجرائم المنصوص عليها في المادة (3) من القانون ).
بينما كان القانون اللبناني أكثر تفصيل ودقة في تعريف جريمة غسل الأموال حيث عرفها في المادة (2)، من القانون رقم (313) لسنة 2001 م بشأن مكافحة تبيض الأموال بقوله يعتبر تبيض أموال كل فعل يقصد منه:
- إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة ، أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر باي وسيلة كانت .
- تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية .
- امتلاك الأموال غير المشروعة وحيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو القيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.
- تمتاز جرائم غسيل الأموال بالتعقيد الفني كون أن هذه التجارة تتطور وتقوم بتطوير آلياتها باستمرار، وهي ليست ثابتة، فالتعريف الأمريكي كان حاسم وموجز في تعريفه أنه كل نشاط غير مشروع يأتي بأموال هو داخل ضمن جرائم غسيل الأموال وترك بذلك لمرور الزمان و المكان وفهم مدى المشروعية وعدم المشروعية وفق المصلحة المرتبطة بثقافة المجتمع التي يكون فيها تطبيق القانون .
التعريف الفقهي ( اللغوي ):
أن مصطلح غسيل الأموال يرجع في الأصل إلى المافيا الأمريكية حيث استخدمت هذا التعبير ، ويقصد به كجريمة مجموعة العمليات ذات الطبيعة الاقتصادية التي تتبع تغير صفة أموال تم الحصول عليها بطريقة غير المشروعة لتظهر كما لو كانت تحصلت أصلا من مصدر مشروع ). أو أنه جميع العلميات المصرفية التي يقوم بها الفاعلون وشركاؤهم بصدد إخفاء المصدر الإجرامي للأموال و أصحابها .
ويعرفها البعض بأنها :
(النشاطات غير المشروعة التي تهدف إلى إخفاء اوتمويه الأموال الناتجة عن الجريمة المنظمة ( عبد العزيز شافي ،تبيض الأموال ،دراسة مقارنة لبنان ، 2001م،ص25)
وعليه فأن جوهر جريمة غسيل الأموال في الأساس هي التمويه على المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة وطبيعتها ومصدرها ،بقصد قطع الصلة بين هذه الأموال الناتجة عن أنشطة غير مشروعة ومصدرها الحقيقي ، ونسبياً على مسبق فإن جريمة غسيل الأموال تتطلب توافر ثلاثة شروط هي :
الأول: أموال ناتجة عن أنشطة إجرامية.
الثاني : أشخاص يضعون أيديهم على هذه الأموال ويعلمون بأنهم لايستطيعون استخدامها بحالتها الراهنة لعلمهم بعدم مشروعية مصدرها .
الثالث: أشخاص يتولون مهمة غسل الأموال القذرة من خلال أنشطة مشروعه بقصد إخفاء أو تمويه المصدر الحقيقي لها .
كما أن هناك ثلاثة محاور أساسية ترتكز عليها جريمة غسل الأموال وهذه المحاور هي:
- وجود أموال متحصله من جريمة : ترتبط عمليات غسل الأموال بالجريمة مثل تجارة المخدرات و الرق وتجارة الأسلحة وجرائم الاختلاس و الاحتيال و الفساد الاداري الحكومي في الدولة .
- تدوير الأموال المتحصلة من الجريمة : لإخفاء مصدر الأموال غير المشروعة وذلك بالقيام بأنشطة اقتصادية و الإيحاء بفخامة عوائدها(على غير الحقيقة)
بحيث تصلح تلك العوائد لتكون مصدراً وهمياً.
- التقادم : وهو أن يتضمن النظام القانوني المقارن تشريعات عدم تقادم بعض أشكال الجريمة ومن أهمها الجرائم ضد الإنسانية وبعض صور الجرائم الاقتصادية التي ترتبط بها جرائم غسل الأموال حتى لا يكون التقادم في القانون حائلاً للسير أمام إجراءات طويلة تؤدي إلى سقوط الجريمة بتقادم .( د. عادل عبد العزيز السن، مرجع سابق ص6، 7).
وتتمثل المراحل الثلاث لعمليات غسيل الأموال هي فيما يلي:-
- مرحلة الإيداع (التوظيف ) أي إيداع الأموال الناجمة عن الإعمال غير المشروعة في شركات مالية أو مصارف أو مؤسسات ادخار محلية أو خارجية، وفي هذه المرحلة يسهل التعرف على مودع الأموال ،سواءً كان نفس الشخص الذي حقق الأموال أومن ينوب عنه .
- مرحلة تعقيم ( التمويه – الترقيد ) وفيها يقوم أصحاب الأموال القذرة بإجراء العديد من العمليات المصرفية المعقدة، لإخفاء مصدرها وتضليل اية محاولة للكشف عن مصدرها الحقيقي بحيث تجعل الأموال مجهولة المصدر .
- مرحلة التكامل (الدمج)، وفيها يتم إدماج الأموال غير المشروعة في النظام المالي الشرعي و اختلاطها بالأموال غير المشروعة، بحيث تبدو مثلها تماماً وذلك من خلال فتح الأموال مرة أخرى في الاقتصاد كأموال مشروعة معلومة المصدر .
أهداف غسيل الأموال
يسعى مرتكبي الجرائم ذات الدفع المالي إلى تحقيق هدفين هما :
- إخفاء الرابطة بين المجرم والجريمة :- لما كانت العائدات المالية للجريمة، و يمكن أن تنشئ رابطة مادية ملموسة بين الجريمة ومرتكبيها ، ومن ثم تكون دليلاً يقود إلى الجريمة الأصلية التي تحصلت منها هذه العائدات و إلى الكشف عن مرتكبيها ، فغن عملية غسل الأموال تهدف إلى إخفاء هذه الرابطة من خلال عمليات متعددة ،ترمي إلى تمويه المصدر الإجرامي .
- استثمار العائدات الإجرامية في مشروعات مستقبلية .
تهدف عمليات غسيل الأموال حالياً إلى استخدام العائدات الإجرامية لتحقيق أهداف تبدو في ظاهرها استثمارية من خلال العمل في مشروعات اقتصادية مشروعة، توحي على غير الحقيقة بتحقيق المزيد من الإرباح للمجرمين كما توفر لهم فرص الانتقال من العالم السلفي للخارجين عن القانون إلى عالم رجال الإعمال و المال وبلوغ المكانة الاجتماعية المرموقة .
البعد القانوني لجريمة غسيل الأموال
جريمة غسل الأموال تابعة consequent offence تقتضي لإكمال إطارها القانوني ، وقوع جريمة أخرى سابقة عليها وهي الجريمة الأولية أو الجريمة المصدر التي تحصلت عنها الأموال غير المشروعة ، أما جريمة غسل الأموال ذاتها فإنه يلزم لقيامها ركنان هما الركن المادي و الركن المعنوي :
أولا الركن المادي
فعلى خلاف القاعدة العامة في عناصر الركن المادي من سلوك ونتيجة إجرامية وعلاقة سببية تربط بين السلوك و النتيجة ، فان عنصر السلوك أو النشاط الإجرامي في ظل هذا القانون بشكل كامل الركن المادي في هذه الجريمة ،حيث يتسع مفهومه ليشمل السلوك الايجابي وهو الصورة الغالبة إضافة إلى الامتناع أو النشاط السلبي بمعنى انه يكفي ليقوم الجاني بإرادة إلى القيام بأفعال مادية معينة، و لا تشترط عملية وقوعها تحقيق نتيجة إجرامية معينة.
ثانياً الركن المعنوي:
يتخذ هذا الركن صورة القصد الجنائي، بعنصريه ( العلم و الإرادة ) وقد اصطلح على تسمية هذه العلاقة بالقصد الجنائي ويعرف بأنه اتجاه إرادة الجاني لارتكاب الفعل المكون للجريمة مع علمه بعناصر الجريمة الأخرى .
وهنا يثور التساؤل حول النطاق الزمني لتحقق القصد الجنائي ،فيما يتعلق بعنصر العلم وذلك أن تحدد هذا النطاق يتوقف على تحديد الطبيعة القانونية لجريمة غسيل الأموال من حيث تقسيمات الجرائم المتعلقة بالركن المادي الوقتية و المستمرة حيث يختلف تحقيق الركن المعنوي لهذه الجريمة باختلاف هذه الطبيعة .
الآثار الاقتصادية لجرائم غسيل الأموال
تؤكد الأبحاث المختلفة أن غسيل الأموال اثر على الاقتصاد الكلي حيث لايهتم غاسلو الأموال بالجدوى الاقتصادية للاستثمار بقد اهتماماتهم بالتوصيف الذي يسمح بإعادة تدوير الأموال وهو مايخالف كل القواعد الاقتصادية القائمة على نظرية تعظيم الأرباح ، وهو ما يشكل بالتالي خطراً كبيراً على مناخ الاستثمار محلياً ودولياً ، فعلى المستوى المحلي تؤدي حركة الأموال المطلوب غسلها دون مراعاة للاعتبارات الزكية إلى منافسة غير متكافئة مع المستثمر الجاد المحلي و الأجنبي لاسيما وان عملية غسيل الأموال يمكن أن تؤثر على أسعار الصرف و الفائدة ... ، وعلى المستوى الدولي يمكن أن يؤدي غسيل الأموال إلى انتقال رؤؤس الأموال م الدول ذات السياسيات الاقتصادية الجيدة ومعدلات الفائدة المنخفضة ، كما تؤثر عملية غسيل الأموال على استقرار أسواق المال الدولية وتهدد بانهيار الأسواق الرسمية التي تعد حجر الزاوية في بناء اقتصاديات الدول المختلفة .
وبما أن الجريمة الاقتصادية تعد مخالفة للسياسة الاقتصادية، فهي تشكل عدوانا على السياسة الاقتصادية في جانبها الخاص بالأمن الاقتصادي الذي تسعى هذه السياسة إلى تحقيقه، لاسيما في مجال محاربة السلوكيات المرتبطة بالجرائم المالية وفي طليقتها جرائم الفساد المالي... الخ، فالأمن الاقتصادي لا يتحقق بتوفيرسبل العمل والإنتاج وسد الحاجات الضرورية فقط، بل بكيفية ولوج هذه السيل بالصورة الصحيحة .
إن جريمة غسل الأموال أصبحت تشكل اقتصاداً قائماً بذاته له مدارسه وله رواده ،كما أن له أنماطه ومجالاته ، وله خصائصه ومواصفاته ، وأطلق علية مصطلحات عديدة من بينها مصطلح اقتصاد الجريمة ، أوالاقتصاد الأسود و الاقتصاد السفلي و الاقتصاد غير الرسمي و الاقتصاد الموازي و الاقتصاد الخفي .
كما أن جرائم غسيل الأموال تتزايد مع تزايد حركة النشاط الاقتصادي و الانفتاح المالي و الاقتصادي عالميا و محلياً و الاتجاه إلى تحرير التجارة الداخلية ،وما يرتبط بذلك من مناخ يسهم في تخفيف القيود الإدارية و الإجرائية مما قد يفتح الباب أمام جرائم الفساد الإداري و السياسي ونشاط المخدرات وغيرها ).
ويذكر الباحثين أن جريمة غسيل الأموال لها أثار كبيرة وخطيرة على الدخل القومي....
حيث تعتبر الأموال الهاربة إلى المصارف الأجنبية بالخارج استقطاعات من الدخل القومي للدولة التي تحققت فيها هذه الأموال ، ذلك أن خروج الأموال غير المشروعة إلى خارج البلاد، وذلك أن جانباً من الأنشطة المرتبطة بعملية غسيل الأموال، عادة ما تكون الأنشطة هاربة من الضرائب المستحقة عليها مما ينتج عن ذلك الأتي :
- زيادة الدخول غير المشروعة ، ومن ثم حصول بعض الأفراد على دخول لا يستحقونها في الوقت الذي يحصل فيه أصحاب الدخول المشروعة على زيادة مناظرة ، وهو ما يؤدي إلى اختلاف توزيع الدخل القومي ومايتبعه من مشاكل اجتماعية .
- سوء توزيع العبء الضريبي، واختلاف توزيع الدخل القومي.
- الحد من فعالية السياسات الاقتصادية حيث تتسبب الأنشطة غير المشروعة في حصول المسؤولين عن صنع السياسات مثل معدل النمو الاقتصادي ، معدل البطالة ومعدل التضخم و إحصائيات ميزان المدفوعات.
- وعلى الصعيد الدولي يمكن أن تؤدي غسيل الأموال من الدول ذات السياسات الاقتصادية القوية ومعدلات العائدات المرتفعة إلى الدول ذات السياسات الاقتصادية الرديئة و معدلات العائد المنخفضة ، مما يغير مصداقية الأسس الاقتصادية المتعارف عليها ، كما تؤثر عملية غسيل الأموال على استقرار أسواق المال الدولية وتهد بانهيار الأسواق الرسمية التي تعد حجر الرواية في بناء اقتصاديات الدول المختلفة .
الآثار الاجتماعية
إن الإجرام الاقتصادي يشكل في الوقت الراهن آفة اجتماعية خطيرة ، توليها الدول ذات الاهتمام الذي تعيره لسائر الجرائم الواقعة على الإنسان وملكه، إن جريمة غسل الأموال غالبا ما ترتبط بالمنظمات الإجرامية التي تسعى بخطوات حثيثة نحو ابتداع أنماط عديدة مستحدثة من الجرائم ، واستخدام أساليب وطرق جديدة من آليات و أساليب تنفيذ جرائمها لتشمل شتى مناحي الحياة ، ويعود ذلك إلى برعاتها في استغلال التطور العلمي ، وعلية يمكن القول إن عوائد الجريمة المنظمة التي يمكن غسلها تؤدي إلى زيادتها دوافعهم الإجرامية ولاستمتاع بهذه العوائد و دخولهم ميادين جديدة و بتالي تنامي معدلات الجريمة ، وهذا الوضع من شأنه اختلال في سلم القيم الاجتماعية مثل قيم العمل و الإنتاج و الانتماء للوطن ، بل انهيار من خلال إيجاد رغبات ضارة بالبناء الاقتصادي كرغبة بالثراء العاجل ، وتعد أهم و ابرز ملامح الآثار الاجتماعية وهي :
- البطالة:
يلجا غاسلو الأموال إلى استثمار أموالهم في البورصات العالمية لشراء الأوراق المالية ،وذلك من اجل إتمام مرحلة معينة من مراحل الغسل ، ثم بيع تلك الأوراق بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى حدوث انخفاض حاد بأسعار الأوراق المالية بشكل مفاجئ في البورصة ويؤدي إلى انهيارها.. ومثال ذلك الأزمة الآسيوية، التي تعرضت لها دول جنوب شرق آسيا ،مما يؤدي إلى حدوث تضخم الاستثمار و هروب رؤؤس الأموال ،كما أن جريمة غسيل الأموال تهرب دائما من مناطق المصدر التي حدث فيها الجرم الاقتصادي، مما يشكل ذلك تدمير واضح لبنية الاقتصاد، الذي يدوره و ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاجتماعية وتنامي معدلات الفقر .
- العنف و الإرهاب:
من الآثار الأكثر خطورة لجرائم غسيل الأموال المتمثلة بالفساد و التبذير الاقتصادي وعدم الكفاءة في تخصيص الموارد المتاحة سواءً المحلية أو الأجنبية حيث التوزيع التميزي للخدمات الحكومية كما يخفض الفساد من الرفاهية الاقتصادية و الاجتماعية، من خلال ارتفاع الأسعار وإتلاف أدوات الإنتاج و إساءة نتيجة لاستثمارات الاجتماعية و الانحراف بالموارد نحو مشروعات غير ذات أولوية، ولا صلة لها بالحاجات الحقيقية للأفراد هذا يؤدي بدوره إلى عدم الثقة بالنظام مما يسمح بنمو الأنشطة غير القانونية وبروز الجماعات الرافضة التي تلجأ إلى العنف و الإرهاب كوسيلة من وسائل المطالبة بحقوق إصلاح الوضع أو أن يعمل هذا على استقلال هذه الجماعات من جماعة مصلحيه أخرى، تستغل الوضع القائم وهذا ما شاهدنا في الوطن العربي في الوقت الراهن .
الكفاءة الإنتاجية للفرد
إن تنامي جريمة غسيل الأموال الناتجة عن نشاط المخدرات حيث إن تعاطي المخدرات يؤدي إلى إنقاص في الكفاءة الإنتاجية للفرد، و تدهورها مما يسبب انخفاضاً في الناتج القومي الإجمالي و في المعروض من السلع و الخدمات ، كما يترتب على جريمة المخدرات و المسكرات مجموعة من الأمراض ذات الصلة مثل مرض ذهان الهوس و سرعة التهيج و الغضب ، ومن أعراضه العضوية سرعة النبض وفقدان الشهية للطعام ، وكذلك يساهم في الافتقار للطابع الأخلاقي و ضعف الإحساس بالمسؤولية تجاه المعايير الاجتماعية، وبتالي فإن المجتمع يكون مجرد أفراد غير منتجين، بل مجموعة معطلة و مستهلك مما يؤثر على البناء الاجتماعي بشكل عام، حيث أظهرت الإحصائيات إن ثلث عدد حوادث الانتحار ومحاولات الانتحار، تكون بين المدمنين و المدمنات للمخدرات و أظهرت الدراسة انه 10% - 50% من حوادث الانتحار بسبب المخدرات وان 66% من وفيات حوادث السير في أمريكا ناتجة من تعاطي المخدرات .
الفقر و اختلال الهيكل الاجتماعي :
يؤدي الفقر وسوء توزيع الثروة بسبب الخلل القائم من إجراء جرائم غسيل الأموال إلى تنامي معدلات الجرائم الاجتماعية مثل الغش و السرقة و الفساد و التزوير و التهرب الضريبي و الإرهاب و العنف.. ونشر الإحصائيات الدولية إلى ما يزيد على مليار نسمة يعشون تحت خط الفقر في العالم وأنهم لايتمتعون ببرامج المساعدات الاجتماعية وشبكة الأمان .
-الهجرة الداخلية و الخارجية:
تشير البيانات التقديرية إلى أن المنظمات الإجرامية تحاول تهريب ما يصل إلى مليون شخص سنويا من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية وهذه الهجرة سواءً كانت شرعية أو غير شرعية تعد لها أضرارها من حيث انتقال قوى إنتاجية من بلد إلى بلد، كما أن الأثر الأخطر لهجرة رب الأسرة، يتمثل في إضعاف حلقة هامة من حلاقات البناء التربوي للأبناء داخل الأسرة ،مما قد يجعل الأسرة أكثر عرضه للجهل و تسرب الأبناء من التعليم، إن لم يكن التفكك العام للأسرة التي تفقد عائلها بسبب هذه الهجرة .
- تنامي البغاء و الانحراف الأسري:
إن واحده من الجرائم التي تختبئ خلف عملية غسيل الأموال هي في الأساس قد تكون ناتجة من ممارسة أنشطة إجرامية لها علاقة بالانحراف الأخلاقي التي ازدهرت في الآونة الأخيرة ، و التي أصبحت متوسطة و متنقلة من طورها المحلي إلى الإطار الدولي أي إنها أصبحت جريمة عابرة للقارات ومع تنامي هذه الظاهرة تنجم أثار اجتماعية خطيرة، تهدد الكيان الاجتماعي العام و الكيان الأسري بشكل خاص من حيث تفكك الأسرة ، بل انهيار منظومة الأسرة على المدى البعيد كما هو حاصل في معظم الدول العربية من اختفاء تدريجي لمكون الأسرة ويتحول حينها المجتمع إلى مجموعة أفراد لا رابطة أسرية لهم، وبتالي انهيار اجتماعي يلي ذلك .
اليمن و جرائم غسيل الأموال
تعتبر اليمن من الدول القليلة التي تنبهت مبكراً لمخاطر غسيل الأموال و الذي يحيط بدول العلم لذلك بادرت بعقد الاتفاقيات الدولية لمحاربة و تجفيف منابعه
وعقد اتفاقيات الشراكة مع العديد من الدول منها الولايات المتحدة الأمريكية و السعودية وعمان وغيرها من الدول ووقعت مع العديد من الدول بروتوكولات تعاون و أيضا مع العديد من المنظمات الدولية .
وعرف القانون اليمني في المادة (2)من قانون مكافحة غسل الأموال بأنها (كل عمل ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إيداعها أو استبدالها أو استثمارها أو تحويلها بقصد إخفاء المصدر الحقيقي لتلك الأموال المتحصلة من الجرائم المنصوص عليها في المادة (3)، ارتكاب إحدى الجرائم الآتية :
1- الجرائم المنصوص عليها في القانون مكافحة جرائم الاختطاف و التقطع.
2- السرقة أو اختلاس الأموال العامة أو الاستيلاء عليها بوسائل احتيالية أو الرشوة وخيانة الأمانة .
- تزوير وتزييف الأختام الرسمية و العملات و الإسناد العامة.
- الاستيلاء على أموال خاصة معاقب عليها في قانون الجرائم و العقوبات.
- التهريب الجمركي.
- الاستيراد و الاتجار غير المشروع للأسلحة.
-زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الاتجار بها وكذا صناعة الخمور أو الاتجار بها وغيرها من الأنشطة المحرمة شرعاً.
- إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة، أو إعطاء تبرير كاذب عن المصدر.
- تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص على الإفلات من العقاب أو المسؤولية .
- تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير المنقولة.
وقد وجه الباحثون القانونيون بعض أوجه النقد إلى هذا القانون خصوصاً الجانب المتعلق بتعريف جريمة غسيل الأموال وهي على ثلاثة أوجه هي:-
أولاً:- أن المشروع أورد هذا التعريف في باب التسمية والتعاريف ومعلوم أن باب التسمية والتعاريف وفقاً للنص التشريعي يتضمن فقط تعريفات للمصطلحات الفنية الدقيقة والغامضة.
ثانياً:- إذا كان المشروع يقصد من هذا التعريف تعريف غسل الأموال بوصفه مصطلحاً فنياً، فهو بذلك يكون قد جانب الصواب، لأن التعريف السابق هو تعريفاً لبعض صور السلوك الإجرامي التي تمثل الركن المادي للجريمة، فضلاً عن إشتماله للركن المعنوي لها.
وبهذا فهو لم يعرف غسل الأموال بوصفه مصطلح فني غامض وجديد.
ثالثاً:- كان الأحرى بالمشرع اليمني أن يقتصر في باب التسمية والتعاريف على إيراد تعريف للأموال غير المشروعة، وأن يتضمن الباب الثاني إيراد أمثلة للسلوك الإجرامي المكونة للركن المادي للجريمة أو إشارة إلى الركن المعنوي لها.(1)
ويظهر بجلاء أن النص الذي أورده المشروع اليمني في المادة (2) من قانون مكافحة غسل الأموال، قد أقتبس في مجملة من نص المادة (11ب) من القانون المصري رقم (80) لسنة 2002م بشأن مكافحة غسل الأموال، وهذا الاقتباس والنقل هو الذي أوقع المشرع اليمني في كثير من الأخطاء مواطن الإرباك التي وقع فيها.(2)
النتائج :
بدأت فكرة غسيل الأموال في الولايات المتحدة الإمريكيه في الثمانينيات من القرن الماضي بعد تنامي عصابات المخدات ومحاولة إخفاء هذه الأموال وغسيلها في أنشطه تجاريه مشروعة.
- بادرت معظم الدول العربية إلى الانضمام لمعظم الاتفاقيات الدولية، أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات، و المؤثرات العقلية (اتفاقية فينا 1988م) واتفاقية بازل، و الأمم المتحدة لمكافحة غسيل الأموال و التوقيع مؤخرا على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب و الجريمة المنظمة عام 2000م .
- يعتبر تبيض أموال كل فعل يقصد منه:
-إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة، أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر بأي وسيلة كانت.
-تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء أوتمويه مصدرها أو مساعدة شخص خالي في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية .
-تملك الأموال غير المشروعة وحيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو القيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة بحسب ما جاء في القانون التشريعي اللبناني والذي كان أفضل التعاريف القانونية تحديدا ودقة .
جريمة غسيل الأموال تتطلب توفر ثلاثة شروط هي:
الأول: أموال ناتجة عن أنشطة إجرامية.
الثاني : أشخاص يضعون أيدهم على هذه الأموال ويعلمون كأنهم لايستطيعون استخدامها بحالتها الراهنة لعلمهم بعدم مشروعية مصدرها .
الثالث: أشخاص يتولون مهمة غسل الأموال القذرة من خلال أنشطة مشروعة، بقصد إخفاء أو تمويه المصدر الحقيقي لها.
الآثار الاقتصادية لجرائم غسيل الأموال :
- تؤكد الأبحاث المختلفة أن غسيل الأموال اثر على الاقتصاد الكلي حيث لايهتم غاسلو الأموال بالجدوى الاقتصادية للاستثمار، بقد اهتماماتهم بالتوصيف الذي يسمح بإعادة تدوير الأموال وهو ما يخالف كل القواعد الاقتصادية القائمة على نظرية تعظيم الأرباح.
- كما أن جرائم غسيل الأموال تتزايد مع تزايد حركة النشاط الاقتصادي و الانفتاح المالي و الاقتصادي عالميا و محلياً ، و الاتجاه إلى تحرير التجارة الداخلية وما يرتبط بذلك من مناخ يسهم في تخفيف القيود الادارية و الإجرائية ، مما قد يفتح الباب أمام جرائم الفساد الإداري و السياسي ونشاط المخدرات وغيرها.
الآثار الاجتماعية لجرائم غسيل الأموال:
وعلية يمكن القول أن عوائد الجريمة المنظمة التي يمكن غسلها تؤدي إلى زيادة دوافعهم الإجرامية، ولاستمتاع بهذه العوائد و دخولهم، ميادين جديدة، و بتالي تنامي معدلات الجريمة ، وهذا الوضع من شأنه اختلال في سلم القيم الاجتماعية مثل قيم العمل و الإنتاج و الانتماء للوطن ، بل انهيار من خلال إيجاد رغبات ضارة بالبناء الاقتصادي كرغبة بالثراء العاجل



التوصيات
- ضرورة الاهتمام بمكافحة جرائم غسيل الأموال لمالها من خطورة اجتماعيه واقتصاديه على المدى القريب والبعيد.
- ضرورة إعادة النظر بالقانون اليمني لجرائم غسيل الأموال بحيث إن يتضمن القانون كل التجارب الدولية والعربية وان يكون القانون مرن في استيعاب المتغيرات الجديدة خصوصا الجرائم الإلكترونية.
- إن يكون هناك إطار مؤسسي ومرجعي يقوم بالنشاط المعلوماتي وحركات رؤوس الأموال وان يقوم كذالك بإعداد الدراسات الهامة والمستمرة للآثار والجرائم التي يخلفها غسيل الأموال.
- التدريب المستمر للكوادر المعنية في مراقبة غسيل الأموال، وأيضا إعداد الورش والمؤتمرات العلمية.
المراجع
- (د.خالد القاضي، المشكلات العلمية لجريمة غسل الأموال، مجلة التحكيم العدد 56، أكتوبر 2004م، ص44)
- (د. عادل عبد العزيز السن، ورشة العمل الخاصة:- الجوانب القانونية و الاقتصادية لجرائم غسل الأموال، الأكاديمية العربية للعلوم و التكنولوجيا، القاهرة، د.ن.ت ،د.ط،ص3)
- (د. خالد القاضي، مرجع سابق، ص44).
- (ا.د سيد توربحي عبد المولي ، مواجهة الجرائم الاقتصادية في الدول العربية ، مطبوعات جامعة نائف للعلوم الأمنية سلسة إصدار رقم 389 ، الرياض ، 2006م ،ص 136
- (صلاح الدين حسن السيسى ، القطاع المصرفي وغسيل الأموال ،دراسات نظرية و تطبيقية ، جامعة القاهرة ،2005م،ص180).
- (بابكر الشيخ ، آليات المجتمع السوداني في التصدي لظاهرة غسيل الأموال ، ورقة عمل جامعة الخرطوم 1999م ،ص3)
- (عبد الفتاح سليمان، مكافحة غسل الأموال، الطبعة الأولى، دار علاء الدين للطباعة، القاهرة2004م، ص1)
(د. إبراهيم حامد طنطاوي ، لمواجهة التشريعية لغسل الأموال في مصر ، دراسة مقارنة ،دار النهضة العربية ،2003م ،ص7)-
- ( إعلان بازل للمبادئ الصادرة في شهر كانون الأول عام 1988م )
- (د.عبد الباسط محمد سيف، الجريمة الاقتصادية، مجلة التحكيم العدد 61 مارس 2005م، ص32، 33)
- ( صلاح الدين حسن السيسى ، مرجع سابق ، ص151،152)
- ( د. عادل عبد العزيز، مرجع سابق، ص7)
(د.خالد القاضي ،المشكلات العملية لجريمة غسل الأموال ،مجلة التحكيم العدد57،ص48)
- (خالد القاضي ، مرجع سابق ، ص48).
- -( صلاح الدين حسن السيسى ، مرجع سابق ،ص165)
- (د.بابكر الشيخ ، مرجع سابق ،ص74)
- (د. محسن احمد الخضري ،غسيل الأموال ،مجموعة النيل العربية للنشر ، طا1، 2003م ،ص26)
- (د.بابكر الشيخ ،مرجع سابق ،ص135
- ( صلاح الدين حسن السيسى مرجع سابق ،ص182)
( البنك الأهلي المصري ، النشرة الاقتصادية ، العدد 30- 1996م ، ص5)
- ( سعود عبد العزيز التركي، العوامل المؤدية إلى تعاطي المخدرات، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود، العدد الأول 2000م
- (د. خديجة احمد الهيصمي،الإرهاب وصلته بعملية غسيل الأموال و التعاون الدولي صحفية 26 ستنمبر )
– د. عبد الباسط محمد سيف، مرجع سابق، صـ30)
– د. عبد الباسط، مرجع سابق، صـ31)