تكلم يا أوباما حتى نراك
الثلاثاء, 06-يناير-2009
د/عبدالعزيز المقالح -
لعل الوقت يبدو متأخراً جداً لمطالبة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما ليتحدث عن المجزرة التي دارت وتدور في غزة، لأنه لم يقل شيئاً حتى الآن، وكان العرب وغيرهم ممن أذهلتهم المجزرة يرغبون في أن يسمعوا صوته في اللحظات الأولى لا لأنه رئيس الولايات المتحدة القادم فحسب وإنما لأنه ينتمي إلى أغلبية من مواطني هذه الدولة العظمى لا تمت بصلة إلى القيادات الأمريكية التي تنتمي إلى القتلة الذين أبادوا شعباً بكامله من سكان أمريكا الأصليين لكي يحلّوا محلهم، وهم لذلك لا يشعرون بفارق يذكر بين ما يفعله الكيان الصهيوني في فلسطين وما فعله أجدادهم في أمريكا. وصورة الفلسطينيين بالنسبة لهم هي صورة الهندي الأحمر المقاوم للغزاة الجدد الذين وفدوا إلى أرضه من كل مكان. ومن هنا تتماهى المواقف بين أحفاد من أبادوا السكان الأصليين لأمريكا عن بكرة أبيهم وبين من يحاولون إبادة الشعب الفلسطيني عن بكرة أبيه.
ولا يدري أحد - حتى الآن- في أي كهف أو نفق اختفى الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما منذ الساعات الأولى التي بدأت فيها نيران العدوان الصهيوني تنسكب على الأبرياء في غزة مخلفة أكواماً من جثث الأطفال والنساء والشيوخ والشباب. لم يسمع أحد صوته ولا أحد رأى صورته وهو الذي ملأ الشاشات وشغل ساحات العالم وميادينه أيام الانتخابات وقال كلاماً جميلاً في شأن إعادة الولايات المتحدة إلى صوابها والالتزام بغسل عارها في العراق بخاصة وفي المنطقة العربية بعامة. وأطلق وعوداً بتغيير شامل لكل ما صنعته حماقة سلفه جورج بوش وما ارتكبته إدارته في حق الولايات المتحدة الأمريكية أولاً وفي حق الإنسانية كلها ثانياً من عدوان وافتعال حروب وخلق شعوب من الأعداء.
وما دامت المجزرة في غزة قد دخلت فصولاً دموية جديدة فقد صار من حقنا أن نخاطب أوباما ونقول: تكلم يا أوباما حتى نراك، اخرجْ من صمتك، قل للقتلة في الكيان الصهيوني إنهم يسيئون إلى الولايات المتحدة باستخدامهم أموالها وأسلحتها لقتل الأبرياء. قل لهم إن الزمن اختلف ولا يمكن تكرار ما فعله الرجل الأبيض في أمريكا مع الهنود الحمر وتطبيقه على الفلسطينيين.
قل لهم إن الولايات المتحدة تحملت وما تزال تتحمل عبئاً باهظاً في الحرب على العراق، تلك الحرب التي أوصلت الدولة العظمى إلى حالة الإفلاس فضلاً عن سوء السمعة وتكدس مخزون الثأرات وتأجيج نيران الحقد والكراهية.. قل للعالم إن العهد الجديد على استعداد لأن يكفّر عن خطايا المحافظين الجدد ووضع حد لآثامهم وما ارتكبوه من جرائم نكراء خرجت عن نطاق ما كان مألوفاً في قواميس الحروب والغزوات. حاول أيها الرئيس أن تتحمل مسؤوليتك الأخلاقية والسياسية والتاريخية تجاه ما يقع في هذه المحرقة النازية المسجلة بالصوت والصورة.
إن ما حدث ويحدث في غزة كافٍ لكي يجعل حتى الصخر يتكلم، فلماذا تظل صامتاً، وكأنك لا ترى ولا تسمع، صحيح أنك لم تدخل البيت الأبيض، ولم تتسلم مقاليد السلطة الكاملة بعد، لكنك الآن تضع الأسس الشاملة للعهد الجديد، ومن تلك الأسس إطفاء حرائق البؤر التي يحاول بوش وعصابته إشعالها على طريقك حتى لا تتمكن من تغيير الأساليب التي ساروا عليها وكان من نتاجها أن وضعت العالم والولايات المتحدة في المقدمة في مثل هذا الوضع المثير للهلع سياسياً واقتصادياً. ومن الواضح أن هدف العصابة التي باعت ضميرها للشيطان وكرست سنوات إدارتها الثماني للقتل وترويع الآمنين في أكثر من مكان من العالم أن تبدأ عهدك انطلاقاً من حيث وصلت إليه تصرفاتها وسياساتها وأن تملي عليك الالتزام بسلوكها المغامر وتحمّلك تبعة آثام وجرائم لم ترتكبها، ربما لن يكون آخرها ما يحدث الآن في غزة من جرائم فاقت أفعال النازيين. تكلم يا أوباما لنراك ونقرأ الصفحة الأولى من عهدك الجديد ومواقفك المختلفة ضد قتل الأبرياء والاحتكام إلى القوة الغاشمة، وتذكر جيداً أن المناخ الدموي في هذه المنطقة لن يبقى في إطارها فقط بل إنه سيتحرك إلى أكثر من مكان.
الأستاذ عبدالوهاب محمد العمراني شكراً على كتابك السياسي البديع:
تقتضي المرحلة الراهنة وما يحدث في غزة رمز المقاومة العربية الابتعاد كثيراً عن الأدب ومناخاته والاقتراب من الدراسات السياسية والتاريخية. وبين يدي الآن كتاب الأستاذ عبدالوهاب محمد العمراني الوزير المفوض ومدير إدارة الاتحاد الأوروبي بوزارة الخارجية، وعنوانه (العلاقات الدولية للاتحاد الأوروبي والشراكة اليمنية الأوروبية) ويتألف من خمسة فصول، وأهميته تتمحور من خلال تركيزه على علاقة الشراكة بين بلادنا والاتحاد الأوروبي ذلك الذي يصفع بوجوده العرب جميعاً فقد قام هذا الاتحاد من شعوب ذات لغات شتى وقوميات شتى توحدت، في حين أن العرب أصحاب اللغة الواحدة والتاريخ المشترك والذين يمتلكون كل مقومات الوحدة والاتحاد يتجاهلون إيقاع العصر وضروراته الملحة. يقع الكتاب في 336 صفحة من القطع الكبير.
تأملات شعرية:
أيها الحزن خذني إليها
إلى غزة الدم والجوع
كي استرد وجودي
وأخرج مكتملاً صامداً مثلها
ويطهّرني لهبُ الاشتعالْ.
أيها الحزن خذني بعيداً
عن اليأس
عن أمة تتباهى رؤوس قياداتها
بالمزيد من العار
والانحناءِ لأحذية الاحتلال. 


الثورة نت