محاضرة الرئيس بمقر منظمة فريدريش إيبرت الألمانية
الأحد, 02-مارس-2008
الرئيس بمقر منظمة فريدريش إيبرت الألمانية
الميثاق إنفو -
وصف فخامة الرئيس علي عبد الله صالح العلاقات اليمنية -الألمانية بـ"الجيدة والمتطورة"، مشيراً إلى تشابه بين البلدين في "تجربتهما الوحدوية".
وقال الرئيس علي عبد الله صالح في محاضرة له بمقر منظمة فريدريش إيبرت الألمانية بالعاصمة برلين، إن اليمن وألمانيا استعادا وحدتيهما بعد سنوات من التشطير وفي وقت زمني متقارب إثر انهيار المنظومة الاشتراكية، موضحا أن اليمن استعاد وحدته في 1990 بطرق سلمية ديمقراطية "رغم ما رافقها بعد ذلك من أحداث وأزمات في الأعوام 1992 - 1993 انتهت بحرب عام 1994".

وفي المحاضرة التي حضرتها شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية وأكاديمية، وأعضاء جمعيتي الصداقة العربية- الألمانية، واليمنية -الألمانية، إضافة إلى السفراء العرب وعدد من السفراء الأجانب المعتمدون لدى ألمانيا، قال رئيس الجمهورية: إن اليمن دافع عن وحدته في حرب 94 التي استمرت 77 يوما وخسرت الاقتصاد الوطني أكثر من 11 مليار دولار، مؤكدا أن الحرية والديمقراطية انتصرت على قوى الردة والانفصال "وترسخت الوحدة والنظام السياسي التعددي".

وأوضح رئيس الجمهورية أن اليمن شهد منذ إعادة وحدته 3 دورات انتخابية برلمانية تعددية بعد الاستفتاء الذي جرى على دستور الجمهورية اليمنية، إضافة إلى انتخابات رئاسية مباشرة لدورتين في إطار تنافسي بين حزبي المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة والموجودة في البرلمان "وآخرها الانتخابات التي جرت عام 2006، وكانت انتخابات حرة وشفافة في ظل وجود رقابة دولية شاركت فيها أكثر من منظمة دولية".

واعتبر الرئيس صالح أن النمو السكاني المتزايد بنسبة 3 في المائة يعد مشكلة في اليمن "البلد الفقير"، مشيراً إلى أن "الانفجار السكاني يلتهم الموارد الاقتصادية اليمنية المحدودة من النفط والغاز والضرائب والجمارك، بالإضافة إلى صادراتنا من الثرة السمكية والعسل".

وأضاف: "تعدادنا السكاني يزيد عن 22 مليون مواطن، وكلما تحسنت الموارد التهمها الانفجار السكاني".

وأشار صالح إلى الجهود الحكومية في دعم الاقتصاد الوطني عن طريق المساعدات المالية التي تقدمها دول عربية وأجنبية، منوهاً بمؤتمر لندن للمانحين في نوفمبر 2006 الذي قدم لليمن 5 مليارات دولار كمساهمة من الدول الخليجية "وفي المقدمة السعودية، وبعض الدول الصديقة من الاتحاد الأوربي، ومنها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا".

وأوضح رئيس الجمهورية أن دعم المانحين في مؤتمر لندن سيخصص لـ"تنفيذ مشروعات إنمائية وعلى وجه الخصوص ما يخص البنية التحتية في إطار مكافحة الفقر وإنهاء البطالة في صفوف الشباب"، مؤكداً أن الحكومة بدأت بتنفيذ بنسبة 30 في المائة من المنحة الدولية "والبقية تحت الدراسة".

وقال الرئيس صالح إن الإنتاج النفطي في اليمن انخفض من 400 ألف برميل في 2006 إلى 300 ألف برميل في 2007 "جزء منه يذهب للاستهلاك المحلي، وبقية الإنتاج نتقاسمه بين الحكومة والشركات المستثمرة"، العاملة في مجال النفط والتي يبلغ عدد 32 شركة ومن جنسيات مختلفة.

ودعا رئيس الجمهورية "الدول الشقيقة والصديقة للاستثمار في اليمن في مجالات النفط والمعادن والصناعة"، مشيراً إلى أن هذه الاستثمارات ستساعد الحكومة اليمنية في توفير فرص عمل للشباب، منوهاً بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي يتبناها اليمن.

وأشار الرئيس إلى توجهات حكومية جادة لإجراء بعض التعديلات الدستورية لمنح مزيد من الصلاحيات للسلطة المحلية وانتخاب المحافظين ورؤساء الوحدات الإدارية مباشرة من قبل المواطنين ورفد مجالس الحكم المحلي بالمزيد من الموارد المحلية ولن تبقى سوى الموارد السيادية.
وقال إن التعديلات تستهدف إيجاد الثنائية البرلمانية من خلال مجلسين للنواب والشورى ينتخب أعضاؤهما من الشعب.

وأوضح رئيس الجمهورية أن اليمن يعاني اقتصاديا من تدفق آلاف اللاجئين الصوماليين إلى أراضيه عبر سواحله التي يبلغ طولها أكثر من 2200 كم، موضحا أن اللاجئين ينتشرون في كل القرى والأرياف اليمنية "على الرغم من أننا خصصنا مناطق لتجميعهم من أجل أن تقدم لهم المنظمات الدولية والإنسانية الرعاية والمساعدات".

وقال إن هؤلاء اللاجئين يشكلون عبئا اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا لليمن، داعيا الاتحاد الأوربي والمجتمع الدولي إلى الأخذ بيد الحكومة الصومالية الانتقالية حتى لا يكون مصير الصومال مثل أفغانستان "وكراً لتصدير الإرهاب".

وحول مكافحة الإرهاب، قال الرئيس علي عبد الله صالح: "إن الحملات العسكرية والأمنية لا يمكنها أن تستأصل الإرهاب"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الأوربيين لم يتمكنوا من استئصال الإرهاب من أفغانستان.

واعتبر أن استئصال الإرهاب يكون من خلال مكافحة الفقر، "وأن تأخذ الدول الغنية بيد الدول الفقيرة" في مختلف أنحاء العالم، منوهاً بأن على الدول الغنية توجيه استثماراتها في الدول الفقيرة لإيجاد تنمية وفرص عمل تقضي على الإرهاب.

واتهم الرئيس صالح الولايات المتحدة بدعم الإرهاب من خلال تشجيع حركة طالبان على الاستيلاء على السلطة في أفغانستان في سبتمبر 1996 "وقبل ذلك كانت أميركا ومعها دول أوربا تدفع بالشباب للتوجه إلى أفغانستان لمحاربة المد الشيوعي هناك".
وقال الرئيس صالح: إن واشنطن طلبت من صنعاء الاعتراف بنظام طالبان، "وقلنا لهم حينها إن هؤلاء شبابا وليس لديهم تجربة ولكنهم –للأسف- شجعوا هذا التطرف"، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي يدفع ثمن هذه السياسة.

وأكد رئيس الجمهورية أن اليمن يعاني من الإرهاب الذي ألحق أضرارا فادحة بالاقتصاد الوطني خاصة أن موارده محدودة، موضحا أن وقوع أي عمل إرهابي في منطقة يمنية "يوقف السياحة ويؤثر سلبا على تدفق الاستثمارات".
وقال: "لمسنا إشادات عالمية بالنجاحات التي حققها اليمن على الصعيد الديمقراطي وعلى صعيد شراكته في مكافحة الإرهاب، ولكن نأمل أن يثمر هذا التقدير في تقديم الدعم للجهود التنموية في اليمن, وتشجيع المستثمرين للتوجه نحو القطاعات الواعدة المتاحة لدينا ومنها النفط والغاز وغيرها".


وحول الوضع في العراق، دعا الرئيس علي عبد الله صالح قوى التحالف الدولية إلى دعم الحوار بين كافة القوى السياسية العراقية، منوها بالحوار الذي دعت إليه ألمانيا في أفغانستان، وكان "خطوة صحيحة نسبياً وضعت لبنة صحيحة للنظام الأفغاني".

واعتبر رئيس الجمهورية أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط مرتبط بتنفيذ إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية
وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض ما قبل 5 حزيران 1967، لافتا إلى وجود دول وشركات أسلحة لا تريد أن تخمد بؤر التوتر في العالم، مؤكدا أن على المجتمع الدولي الضغط من أجل قيام الدولة الفلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية.

وأوضح أن العرب والمسلمين ليسوا ضد الديانة اليهودية، منوها بضرورة وجود حوار بين الديانات والحضارات من أجل التعايش السلمي، دون الاعتداء على المعتقدات الدينية، "كما تنشر بعض الصحف في الدنمارك ولا نرى استنكاراً من أحد في أوربا حول ذلك".
وأضاف: "إنهم يمسون بمعتقداتنا وبنبينا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام-, وهو خاتم الأنبياء، الأمر الذي يستفز مشاعر أكثر من مليار مسلم، وهذا يولد عوامل الصراع بين معتنقي الأديان وبين الحضارات, ولهذا نؤكد على أهمية احترام الأديان والمعتقدات، وأن نحرص على إرساء جسور التواصل والحوار ونبتعد عن مثل هذه التصرفات المسيئة التي لا تخدم التعايش السلمي بين معتنقي الأديان وتزيد الهوة بين الحضارات".

وقال رئيس الجمهورية: "لقد تحدثت مع أصدقائنا في الاتحاد الأوربي وأبلغناهم أن ما تنشره بعض الصحف من إساءة لمقدساتنا أمر سيئ، ويسيء إليهم في المقام الأول, وطبعا هم يرتبطون بمصالح مع الأمة الإسلامية ونحن كذلك نرتبط بمصالح معهم، ولهذا ينبغي أن نقول للدنمارك, هذا أسلوب خاطئ وينبغي أن نقف جميعا ضده".