العدوان الغاشم والثمن الباهظ
الأحد, 04-يناير-2009
كلمة الثورة - كان الكثير من المتابعين لتفاصيل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة يتصورون أن حجم الخسائر وحجم الدمار وشلالات الدماء التي أريقت وطوابير الشهداء من الأطفال والنساء والأبرياء الذين تساقطوا بالمئات من أبناء الشعب الفلسطيني في الأسبوع الأول من جراء ذلك العدوان الهمجي كافية لإفاقة المجتمع الدولي من غفلته واستشعار مسؤولياته تجاه الجريمة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح إلاّ أن ذلك الإحساس قد تبدد كليا بمجرد قيام القوات البرية الإسرائيلية المدججة بأحدث أسلحة التدمير مساء أمس باجتياح قطاع غزة على مرأى ومسمع كل الأطراف الدولية التي يبدو أنها قد منحت هذا الكيان النازي الضوء الأخضر للاستمرار في اقتراف أفظع جرائم العصر.
وتتأكد هذه الحقيقة في انقضاء ثمانية أيام كاملة على المحرقة التي يتعرض لها قطاع غزة فيما لا زالت الدول الكبرى تدير الظهر لصرخات الملايين من البشر الذين يتظاهرون يوميا من أبناء الشعوب العربية والإسلامية وغيرهم من الجماهير التي خرجت في مختلف عواصم العالم تنديدا بالعدوان الإسرائيلي البربري على الشعب الفلسطيني فيما توزعت التحركات الدولية الأخرى في تعطيل انعقاد مجلس الأمن وإجازة الاجتياح البري لقطاع غزة ومنح إسرائيل حرية القرار في ما تتخذه في عدوانها الوحشي على الشعب الفلسطيني.
ويتضح من خلال كل ذلك أن الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره صار في حقيقة الأمر ضحية التواطؤ والنفاق الدولي وضحية أجندة خارجية تتصارع في من يكسب هذا الطرف أو ذاك فيما هذا الشعب يدفع الثمن باهظا دما وجراحا وألما.
وبقدر ما خلفته صراعات الأجندة الخارجية من جنايات بحق هذا الشعب والتي كان يتعين على أطرافها أن لا تزيد من مآسيه أو تضاعف من معاناته نجد في المقابل أن هذا الشعب المظلوم الذي يئن تحت وطأة الاحتلال كان أيضا ضحية تصدعات إراداته الداخلية وتبايناتها التي ظلت سواء هنا أو هناك تتنازع على السلطة بدلا من انشغالها في توحيد الجهود وتعزيز الوحدة الداخلية باتجاه مواجهة المخططات الإسرائيلية وأهداف المحتل الذي يتطلع إلى الإجهاز على القضية الفلسطينية ووأدها انطلاقا من تمزيق الصف الفلسطيني وتحويله إلى حالات انشطارية تتصارع في ما بينها.
والمؤسف حقا أن كل هذه العوامل بدءاً من التواطؤ الدولي حيال الحرب الإسرائيلية الغاشمة التي يتعرض لها قطاع غزة منذ عدة أيام ومرورا باختراقات الأجندة الخارجية وانتهاء بصراع الإرادات الداخلية الفلسطينية فضلا عن العجز العربي القائم هي من ألقت بظلالها على الشعب الفلسطيني وصار يتحمل أعباءها ويدفع ثمنها من خلال التضحيات الكبيرة التي يقدمها عبر العشرات من الشهداء والجرحى الذين تغتالهم آلة الحرب الإسرائيلية الفاشية.
وأمام المحنة القائمة فليس أمام قيادة العمل الوطني الفلسطيني في ظل التواطؤ الدولي ومتاجرة الأجندة الخارجية بآلامهم والعجز العربي المخجل سوى لملمة الجبهة الداخلية وتوحيد الصف والقفز على الخلافات وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية والصمود في وجه العدوان بإرادة واحدة متجاوزين أي خلاف أو صراع على وجاهة زائفة أو سلطة كاذبة.
وما نأمله هو أن يثوب الجميع إلى رشدهم على وقع المأساة والعدوان الظالم الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني الذي يكفيه ما يواجهه من المآسي والويلات وبطش النازية الصهيونية.

الثورة نت