محاربة الفكر “الداعشي”
الأربعاء, 22-أكتوبر-2014
أحمد مصطفى علي -


يخطىء من يظن أن ضربات التحالف الجوية والمنسقة مع القوات المحلية على الأرض ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، يمكن أن تؤدي إلى حسم الصراع مع هذا الورم السرطاني الذي استفحل في جسد الأمة وأساء إلى تعاليم الإسلام ومبادئه السمحة القائمة على الوسطية والعدل والمساواة والعيش المشترك والتسامح مع بقية الأديان، وما "داعش" إلا الوسيلة الأكثر نجاعة لتشويه سمعة ديننا الحنيف، من خلال ممارساته التي تفتقد أدنى المبادئ الإنسانية، القائمة على القتل وجز الأعناق والتمثيل بالجثث وقطع الأطراف فضلاً عن التهجير والتطهير العرقي ورفض الآخر وطرده من أرضه التي عاش عليها هو وأجداده .
إضافة إلى الضربات والمواجهات العسكرية، يجب التركيز على محاربة الفكر المتطرف الذي أنتج "داعش" وأمثاله من التنظيمات التكفيرية الدموية وتغذيه على الدوام، من خلال نشر التوعية الدينية الصحيحة، ونبذ العنف والقتل والتطرف، وتشجيع ذوي الميول القابلة للانحراف والتطرف بالعيش المشترك مع المكونات الأخرى الدينية والعرقية . إن أروع وأجمل المدن والبلدات تلك التي يتكون نسيجها الاجتماعي من طوائف دينية وعرقية مختلفة، وتتجاوز مساجدها، مع كنائسها . إن مواجهة هذا الفكر هي الأساس للقضاء على هذه الظاهرة الشاذة والدخيلة على مجتمعنا الإسلامي الحنيف .
أطباء ومهندسون وحملة شهادات دراسية عليا، من بين المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية المتطرفة، الأمر الذي يؤكد، وجوب مواجهة الفكر بالفكر والحجة بالحجة، وهذه من واجبات علماء المسلمين الأجلاء وأئمة المساجد وخطباء الجمعة والمدرسين في مختلف المراحل الدراسية، الذين يجب عليهم تكثيف خطبهم ومحاضراتهم الدينية ودروسهم والتركيز على مناصحة المتطرفين وإعادتهم إلى الطريق السوي، قبل أن يستفحل الأمر وينتهي بدمار الأمة الإسلامية، على يد قلة من جهلة القرون الوسطى والإرهابيين .
من المؤسف جداً تسبب همج "داعش" بتهجير آلاف المواطنين المسلمين الآمنين المسالمين من مدنهم وقراهم في سوريا والعراق، بحجة نشر الإسلام الصحيح، كأن هذه الديار كافرة وليس فيها مساجد ودور عبادة، وهي بانتظار متخلف "داعشي" قادم من الصين أو باكستان أو أفغانستان حتى يعلمها أصول دينها، ناسين ومتناسين أن هذه البلاد هي مهد الديانات السماوية أجمع ومنها شع نور الإسلام الوسطي وإسلام الرحمة والتسامح لا القتل والذبح وجز الأعناق وقطع الرؤوس والمناداة إثر ذلك بعبارة " الله أكبر" والتفاخر بكل ذلك علناً .
كلمة حق تقال، بحق الدول الأوروبية الغربية، التي يعتبرها "داعش" كافرة وصليبية ويتوعدها بالهجمات والفتوحات، هذه الدول استقبلت مئات آلاف المسلمين الفارين من جحيم "داعش" في سوريا والعراق، واستقبلتهم خير استقبال ووفرت لهم المساكن ودفعت لهم رواتب تكفيهم للعيش بكرامة وبمساواة مع سكان البلاد الأصليين، ومن دون أي مقابل، إنها مفارقة كبيرة إلى درجة دفعت بالكثيرين إلى وصفهم ب "المسلمين الحقيقيين" كونهم يطبقون تعاليمه ومبادئه السمحة من دون أن يكونوا مسلمين، فيما "داعش" يتمسك بسيفه المسلط على رقاب الشعب باسم الإسلام .

*. نقلاً عن صحيفة الخليج الاماراتية.