اليمن بعيون سعودية
الاثنين, 29-ديسمبر-2008
د/صالح عبدالله الحمد -

كنت أفكر كثيراً ومنذ مدة طويلة جداً بزيارة بلدي الثاني اليمن لما أكن له من المحبة والتقدير وإعجاباً شخصياً مني بهذا البلد وصموده وتطوره ووحدته الصامدة ووجود علاقات طيبة مع عدد لا بأس به من الإخوة الأفاضل باليمن الذين تكونت العلاقة معهم أثناء الدراسة في بعض الجامعات أو باللقاءات أثناء السفر في بعض بلدان العالم المختلفة.
وفيما كان تكفيري مستمراً بزيارة هذا البلد الحبيب إذا بدعوة أخي الكريم البروفيسور محمد بن حمود الطريقي يعرض عليّ السفر إلى اليمن للمشاركة في مؤتمر إنساني وهام عن المخدرات وأضرارها والجهود التي يجب أن تبذل للقضاء عليها وإغلاق الطرق على أولئك الحاقدين، الذين ينفثون سمومهم على البشرية بهدف الربح المادي وكفى، ولربما لأهداف أخرى لا يجهلها الجميع. فشكراً لهذا الأخ الكريم على اهتمامه بمثل هذه الأمور وشكراً له على دعوتي لإلقاء محاضرة في هذا المؤتمر أو الندوة والشكر له مرة أخرى على إتاحة الفرصة لي وتشجيعي على زيارة بلدي الثاني "اليمن". جهزت نفسي وسبقت موعد الندوة بأيام كي اطلع على ما أحب أن أطلع عليه في اليمن وصلت إلى مطار صنعاء الدولي يوم الثلاثاء الموافق 23/12/2008م وأعجبني المطار جداً بهدوئه ونظافته وسرعة إجراءاته والترحيب بالزائرين من قبل موظفيه وما هي إلاّ دقائق معدودة حتى خرجت من داخل المطار بعد استلام العفش وإذا بالأخ الكريم المكلف بانتظاري موجود الذي رحب بي كثيراً وأخذني بالسيارة إلى الفندق المحجوز لي مسبقاً وفي ليلة الأربعاء ذهبت إلى مكتب البروفيسور الصديق محمد الطريقي، الذي استقبلني فيه الموظفون الأجلاء وفي مقدمتهم المديرة التنفيذية الأخت الكريمة زعفران المهنا، وبعد الترحيب والحديث عن بعض الأمور العامة والخاصة لاسيما عن معلوماتي عن اليمن وما هي انطباعاتي الأولية عنه وهذا من الصفات البارزة والطيبة التي يهتم بها الأخوة اليمنيون وهذا ما لاحظته أثناء تجولي في الأماكن المختلفة والعامة والفنادق وخلافه ثم بعد ذلك صحبني الإخوة الأفاضل إلى جولة عاجلة داخل المدينة انتهت بزيارة أحد المطاعم الفاخرة والتي أولم الإخوة الأكارم وليمة فاخرة فجزاهم الله خير الجزاء وفي صباح الأربعاء حضر إليّ مندوب من المكتب أخذني للتجول على بعض المعالم في اليمن فقمت بزيارة مسجد الرئيس علي عبدالله صالح الذي يعتبر من أفخم المساجد في العالم حيث تجولت فيه كثيراً وهو بحق يعد معلماً بارزاً وعظيماً من معالم مدينة صنعاء العظيمة بل ومعلماً بارزاً من معالم المباني الإسلامية المنتشرة في بقاع المعمورة فأهنئ فخامة الرئيس على هذا الانجاز العظيم وأدعو الله أن يجعله في موازين حسناته وأن يجزل له الأجر والثواب وهذا ليس بمستغرب على مثل هؤلاء الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم فقد ضحوا بذلك كثيراً والتاريخ يشهد على ذلك ويسطر أسطره المستمرة. وبعد زيارة المسجد ذهبنا بصحبة الأخ الكريم السائق إلى وادي ظهر وتجولنا فيه وعلى قمم جباله الأسطورية التي تحتاج من وجهة نظري إلى بعض الإصلاحات والاهتمام لتكون معلماً سياحياً بارزاً، ثم بعد ذلك إلى دار الحجر القصر الذي بني في عهد الدولة الحميرية وأكمل من بعض قادة اليمن السابقين وهو معلم تاريخي بارز وهام كم كنت أتمنى أن يكون هناك اهتمام أكثر به حتى يؤمن للدولة دخلاً سياحياً ويكون من الأماكن النادرة في العالم فهو من وجهة نظري أعجوبة هامة تحتاج إلى بعض الإصلاحات والاهتمام، وبعد ذلك انطلقنا إلى باب اليمن وتجولنا بأسواقه ومداخله وشاهدت الناس على مختلف هيئاتهم وألبستهم بل ولهجاتهم واكتشفت كثيراً إضافة إلى ما كان عندي سابقاً أن اليمن هي بلد المحبة والتواضع والتألف والتسامح حيث لاحظت أن أهم ما يميز هذا الشعب الأبي أن متواد ومتعاطف ومتعاون فقلوب أفراده بيضاء لا يوجد بداخلها إلا ما يود المسلم لأخيه المسلم تصديقاً لقول الشاعر.

لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب

ثم بعد ذلك تجولنا في الجامع الكبير وقد دهشت كثيراً لأولئك المتعبدين في المسجد الذين ابتغوا الحياة الآخرة على الدنيا بل وزهدوا فيها كثيراً كما دهشت كثيراً لِجَمَّ تواضعهم واستقبالهم لمن يزورهم، وخلال الأيام القليلة جداً التي أمضيتها في عاصمة اليمن «صنعاء» تأكدت أن اليمن بلد حضاري بمعنى الكلمة فإضافة إلى الحضارة التاريخية القديمة إلا أنه ما زال يطور تلك الحضارة في أبعادها المختلفة من تطور عمراني وتفهم إعلامي وفي رأيي المتواضع أن اليمن بلد الحضارات والعجائب والغرائب، لن أطيل في هذا الموضوع فمهما كتبت عن هذا البلد فلن أوفيه حقه، كما أن مساحة الصحيفة ربما لا تسمح لي بذلك كثيراً لكن ما أود قوله في خواطري المستعجلة هذه هو هنيئاً لليمن برئيسها وحكمته وإصراره على التطور والإصلاح والتقدم وهنيئاً لليمن بشعبها الطيب بفطرته وأصالته وهنيئاً لي حينما اتيحت لي الفرصة لزيارة بلدي الكريم اليمن.
فشكراً لله سبحانه وتعالى ثم شكراً لأخي الكريم البروفسور محمد الطريقي الذي ساعدني وأتاح لي هذه الفرصة ثم شكراً للإخوة الكرام الذين استقبلوني واعطوني حفاوتهم الزائدة وأكثر من ذلك محبتهم شاكراً للجميع تعاونهم واهتمامهم ومتمنياً لليمن التطور والتقدم والازدهار في ظل قيادة الرئيس علي عبدالله صالح وإلى الأمام وإلى زيارة قادمة إن شاء الله أكثر وقتاً وبأمان الله.

* مستشار تربوي وتعليمي بالمملكة العربية السعودية 


الثورة نت