حوريات وجوار
الاثنين, 12-مايو-2014
الحبيب الأسود -

في شريط فيديو عابر لليوتيوب، كان الإرهابي يلفظ أنفاسه الأخيرة عندما كان مرافقوه يهزّون رأسه بعنف ويسألونه: هل جاءتك الحورية؟ هل رأيتها؟ ولو لا الحياء لأردفوا سائلين: هل أشارت إليك بأن تتبعها إلى الخلوة؟ هل ترتدي فستانا كفستان هيفاء أم كفستان كاردشيان؟ أم تكتفي بورقة توت على الخصر وورقتي جوافة عريضتين على الصدر؟

في شريط آخر: فتى عليه علامات الهلوسة، وهو يقود الشاحنة المفخخة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات، فقد تناول على ما يبدو، ما يكفي كتيبة كاملة من الحشيش الأفغاني والأقراص الهندية والصينية، وكان يغني بصوته المبحوح الأجش: أنا جايك يا حورية.

وفي شريط ثالث: شباب يقيمون احتفالا دينيا في باريس لزّف “أخ” عزيز، على الحورية التي كانت في انتظاره في باب السماء الدنيا، بعد أن “استشهد في عملية قتل فيها العشرات من المسلمين الآمنين الغافلين”.

ويخرج داعية في شريط ثالث ليعد كل “جهادي” بألف وأربعمئة من الحوريات وجواريهنّ: سبعون حورية كوجبة رئيسية، ولكل حورية سبعون جارية يمكن اعتبارهن مقبّلات وفتافيت للتنويع.

وأقلّ جواري الحوريات حسنا أجمل من ملكة جمال عالمنا الفاني، ومن نجمات هوليوود وبوليوود مجتمعات، ومن كل بيضاوات السلاف وسمراوات الحبش.

يضيف الداعية أن المعاشرة الواحدة بين الحورية أو جاريتها والموعود بها تدوم سبعين عاما، فإذا انتهى من الأولى تأتيه الثانية، وقد ذبلت عيناها، وذاب الشهد على شفتيها، وسرت الرغبة في دمائها: وهي تقول: أيا عبدالله، أليس لنا فيك نصيب؟

وحسب هذا الداعية، وبعملية حسابية: سيقضي المسلم في الجنّة سبعين عاما في كل معاشرة جنسية مع كل واحدة من الألف والأربعمئة أي 98 ألف عام مما تعدّون في ممارسة الجنس فقط.

الغريب ألا أحد من الدعاة، يتحدث مثلا، عن روعة لقاء “الجهادي” في الجنّة بخالقه، وبرسوله، وبالأنبياء والصدّيقين، وبأهله، وبالصالحين في رحاب الفردوس، ولا أحد يتحدث عن انشغاله وهو في الملكوت الأعلى بإخوانه في الدنيا، ولا بأسرته التي تركها تنتحب وراءه في قرية تونسية أو ريف يمني أو حي شعبي في باكستان أو في بادية عراقية أو مخيّم سوري أو سفح جبل في ليبيا. فكلّ ما يهمّه هو الحورية التي ستشبع رغباته الجنسية المكبوتة.

هكذا يعلمّونهم، وهكذا يغسلون أدمغتهم، وهكذا يبرمجونهم، فالمسلم، وخاصة إذا كان عربيا، يصوّرونه على أنه كائن جنسي بالأساس، إن لم يجد ما يشبع نهمه في الدنيا، أسرع إلى الآخرة، مندفعا بشهوة الجنس لا بحبّ الله والرسول ورضاء الوالدين وخدمة الإسلام والمسلمين.


*. نقلاً عن صحيفة العرب اللندنية