القرضاوي في أرذل العمر يتبع الشيطان
الأحد, 30-مارس-2014
د. ناديا بوهنّاد -


شخصية القرضاوي في نظر الكثير من الناس هي شخصية غامضة ويصعب عليهم أن يتعرفوا حتى على ما يفكر فيه، حتى أن تعابير وجهه عندما يتحدث في وسائل الاعلام أو عندما يُلقي خطب الجمعة لا تعكس ما يخمد في باطنه، فعندما يكون مستاء أو سعيدا ملامحه هي نفسها لا تتغير. إظهار المشاعر عند القرضاوي ليس بالأمر اليسير. وأمام أتباعه الذين يرون فيه الشخصية الجذابة هناك شخص خائف يختبئ لا يشعر بالأمان يحيط نفسه بدفاعات وحيل نفسية كثيرة. تماما مثل تمثال أبو الهول، فشخصية القرضاوي أيضاً ليست محصنة ضد عوامل التعرية أي أنها تحتاج إلى ترميمات من وقت إلى آخر خاصة وأنه يحيط نفسه بالغموض في معظم الأعمال التي يقوم بها.

يرفض القرضاوي بأي شكل من الأشكال التحدث عن حياته الشخصية أو النقاش في أمور تتعلق بأسرته، وهذا دليل آخر على ضعفه وعدم الشعور بالأمان في شخصيته. ضعف وهشاشة شخصيته من الداخل ما يجعله يحتفظ بمسافات بعيدة ولا يُقرب الناس من حوله خاصة من منطقة راحته الشخصية.

في الوقت ذاته لدى القرضاوي إيمان قوي بنفسه لدرجة أنه يمكن أن يضع نفسه فوق الكل، وهذا ما بدأ يقوم به منذ فترة عندما بدأ يخلط بين دوره الأساسي كرجل دين وتدخله في سياسات الدول الداخلية، خاصة بعد أن تم منحه أهمية كبيرة في الإعلام العربي تقديرا له كرجل دين وبعد أن قبّل رأسه العديد من حكام الدول ورؤساؤها. كل ذلك زاد من الأفكار الواهمة في رأسه لدرجة الشعور بأنه عظيم وهذا ما نسميه في علم النفس بجنون العظمة أو “البارانويا”.

إضافة إلى تسليط الضوء الاعلامي عليه وكونه رجل دين فهناك عوامل أخرى تنمي وتغذي الأنا في شخصيته المتضخمة وتدفعه تجاه جنون العظمة وهو لجوء الآخرين له للمساعدة في تدبير أمور الدولة أو إعطائه صلاحيات لا تناسب خبراته ولا عمره كما يفعل شيوخ قطر معه الآن وتتلاعب به إيران. كل ذلك يجعله وبرغم التناقضات التي يعيشها بأن يشعر بالأمان بل ويصدق أن ما يقوم به هو خير للأمة الإسلامية. ولأن شخصيته تتميز بالانفصال العاطفي فهو عندما يشحن الناس لارتكاب الجرائم في حق بعضهم كما كان يدعو إليه خلال الثورة في مصر أو عندما يدعو الشعوب العربية، وخاصة منطقة الخليج، إلى الثورة على حكامها فهو يفعل ذلك دون التمييز بين الصواب والخطأ ولذلك هو يقوم بما يقوم به دون أدنى إحساس بالذنب.

من السؤال والبحث في بدايات وشباب يوسف القرضاوي تبين أنه كان شخصا طيبا ومفكرا ومهتما بالآخر ولا يرى حاجة في إيذاء الآخرين ولكنه في الوقت نفسه يؤمن بمبدأ القيام بالأمر الصحيح. لكن هذا المبدأ مع التقدم بالعمر والشعور بداء العظمة تحول إلى أمر مدمّر. فمن جانب هو يبلغ من العمر أرذله ما يعني أن قدراته العقلية بدأت تتدهور تدريجياً ومن جانب آخر هو ربما يعتبر أنه مخلص العالم من الظلم. والمتابع لتصريحات القرضاوي في الإعلام المتناقضة يدرك ذلك، لدرجة أن المشاهد أحياناً يتساءل ماذا يقول هذا الرجل. هو لا يريد أن يُخالف ليُعرف فتلك هي لعبة الصغار المطموسين من يبحثون عن الشهرة، القرضاوي لا يحتاج للشهرة بل يحتاج لأن يمارس دوره العظيم في العالم الإسلامي.

من جالس القرضاوي من معارفه وطلابه يعلمون أن هناك جانبا لا يعرفه الكثير عنه وهو جانب المهرج في شخصيته وحبه للطرف، فهو يمكن أن يُظهر للناس أنه أحمق وبلا تجارب، لكنه في الوقت نفسه يرى أخطاءه بشكل واضح وبالتالي يضحك عليها، والمفارقة أن استمرار هذا التوجه لديه هو ما يجعله يرى نفسه من الداخل صغيرا ولا يشعر بالأمان، وربما يكون هذا من أحد أسباب بعده عن تسليط الضوء على حياته الشخصية. بالطبع هو يرى في ذلك قوة ونقطة إيجابية في شخصيته وليست سلبية كما هي في الواقع، والمختص النفسي هو فقط من يستطيع أن يُحلل كل هذه التناقضات عند الشخص وليس الشخص نفسه.

القرضاوي عنصري في حقيقته وهذا يتنافى مع التوجه الديني الذي يُتاجر به، فالإسلام لا يدعو إلى العنصرية ورجل الدين هو القدوة الأولى في ذلك. فهو يميز نفسه عن غيره في الكثير من الأمور، لذلك هو لا يُجالس أيّا كان بل ينتقي من يعرف ويُجالس من الطبقات التي يراها تناسب مستواه مثل الشيوخ والأمراء الذين أصبح هو الآن يدير حياتهم ويُفتي لهم بما يجوز ولا يجوز حسب أهوائهم، كما يحدث الآن في قطر. فعلى سبيل المثال هو ينادي الشعوب بالثورات ضد الحكام الظلماء وتحدث في الإعلام القطري عن مأساة الإخوان الإرهابيين في الإمارات وضرورة الإفراج عنهم لكنه لم يتفوه بكلمة عندما زُج بالكثير من القطريين الشرفاء في سجون قطر من آل ثاني أو الشاعر ابن الذيب بسبب قصيدة! ولا ننسى القصر الذي يعيش فيه في قطر والذي لا يتناسب وحال شيخ دين من المفترض أن يكون زاهدا ويعمل لوجه الله.

التحليلات الأخيرة التي ذكرتها في شخصية القرضاوي تنطبق عليه في مرحلة شبابه إلا أنها تحولت في أرذل العمر إلى مميزات شخصية سلبية مثل العدوان اللفظي من تهكم وتحريض كما يفعل الآن ضد بلده الأمّ مصر وضد الإمارات التي تقف في وجه الإرهاب.

ما لا يعرفه الكثير وحتى القرضاوي نفسه أن طبيعة شخصية إنسان مثل القرضاوي ينتهي به المطاف لأن يكون وحيداً، حائراً بين الوحدة والعزلة. فهو تراجع عن آداء دوره الأساسي كرجل دين يتحدث في شرع الله ولم يفكر أن يتقاعد لأنه وصل أرذل العمر، بل انجرف وراء ما صنع منه الإعلام وما قدمت له قطر من مزايا وما يشعر به من عظمة تكاد تُفجر الأنا لديه. وهنا ينطبق عليه قوله تعالى في وصفه للمنافقين الذين قعدوا عن القتال بعد ما علموه في القرآن عندما سوّل لهم الشيطان وأوهمهم الأمل ووعدهم بطول العمر، “إِنَّ الذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ” (سورة محمد- الآية 25).